كتب: عمار عبد الواحد – جمال عبد المجيد دفعت الحالة الاقتصادية السيئة التي نعيشها، العديد من الأسر بمحافظات الصعيد إلى العودة مرة أخرى للممارسات والعادات القديمة مثل الحجامة والعلاج بالأعشاب، بدلا من الأطباء بسبب ارتفاع أسعار الكشوفات والأدوية، واللجوء إلى "الكانون" بدلاً من البوتاجاز؛ بسبب أزمات الأنابيب الطاحنة التي تشهدها محافظات الصعيد، خاصة في فصل الشتاء. وانتشر العلاج بالأعشاب في محافظات الصعيد؛ إذ تعد الوصفات التقليدية بين المواطنين من العادات المنتشرة منذ سنوات طويلة، ورغم تراجعها في آخر 10 سنوات، لكنها بدأت العودة وبقوة في الفترة الأخيرة، بعد ارتفاع أسعار الدواء واختفاء أنواع كثيره منه، ومن أشهر الوصفات التي يهتم بها أبناء الصعيد، الخاصة بأمراض خشونة الركبة، وهشاشة العظام، إذ يتم استخدام زيوت الكافور والزيتون بشكل كبير لتخفيف الآلام، بجانب معالجة نزلات البرد والسعال، باستخدام ورق الجوافة وحبة البركة والخردل بكميات معينة يحددها العطار للمشترين. وتستخدم قرى الصعيد ذات الطابع القبلي، وصفات خاصة للعلاج بالأعشاب، يزرعونها في الظهيرين الصحراوي الشرقي والغربي، واستخراج زيوتها كالصبار والفول السوداني، وفوائدهما في دهان المناطق المصابة بالآلام والأمراض المختلفة، كما يعتمد الأهالي على ما توارثوه من آبائهم؛ باستخدام النباتات الخضراء، على رأسها البقدونس والجرجير وبعض أنواع الحشائش في الاستشفاء من أمراض البطن والصدر وغيرها، نتيجة الارتفاع الشديد في الأسعار. كما دفعت أزمة اسطوانات البوتاجاز الطاحنة التي تشهدها محافظات الصعيد، المواطنين للعودة مرة أخرى إلى "الكانون" والفرن البلدي بسبب نقصها وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، حيث وصل سعرها إلي 70 جنيها في بعض الأماكن، ما اضطر العديد من الأسر – تحت ظروف الحاجة- إلى العودة لاستخدام الوسائل البدائية المحفوفة بمخاطر الحرائق التي تحصد الغالي والنفيس من المنقولات المنزلية، كما أنها تتسبب في نفوق المواشي والماعز والأغنام والطيور التي تساعد هذه الأسر الفقيرة على المعيشة. وقالت الدكتورة رجاء عبد الودود، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنيا ل"البديل"، إن الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنون، دفعت أسرا ريفية للعودة مرة أخرى إلى "الكانون" والفرن البلدي في الاستخدامات المنزلية، خاصة مع ارتفاع أسعار اسطوانات البوتاجاز في السوق الحرة التي تباع بعيدا عن البطاقات التموينية. وأوضح الدكتور أحمد علاء، وكيل نقابة الصيادلة بالمنيا، أن العلاج بالأعشاب مازال موجودًا في الكثير من محافظات الصعيد كإرث ثقافي متأصل منذ مئات السنين، خاصة بين العطارين وتحديدهم للوصفات المختلفة لزبائنهم، مؤكدا أن الأعشاب علم كبير، ومؤخرًا بدأت النقابة العامة للصيادلة في اعتماد صيدليات تقوم ببيع الأعشاب فقط، كخطوة جديدة للعلاج بمصر. وقال الدكتور حمدي سعد، مدير مستشفيات سوهاج الجامعية: "لا يوجد لدينا ما يؤكد فائدة أو ضرر الحجامة، فلا توجد دراسة علمية واحدة تقول إن الحجامة مفيدة أو ضارة، فبالتالي استخدمها مجرد اجتهادات، لذا تحتاج الحجامة إلى دراسة علمية موثقة تنطبق عليها المعايير العلمية للدراسات الطبية"، مضيفا: "بعض الآراء ترجح أن الحجامة مفيدة في بعض الأمراض، مثل تحفيز الجهاز المناعي وتخفيف آلام الدورة الشهرية والمعدة والصداع النصفي، لكن بشكل نظري ليس عمليا". وعن انتشار الحجامة في الفترة الأخيرة بسبب الحالة الاقتصادية السيئة وارتفاع أسعار الأدوية والكشوفات، أوضح: "انتشار الحجامة غير مرتبط بالوضع المادي للمواطنين؛ بدليل أن هناك شخصيات مرموقة ولديها من الأموال الكثير، تلجأ إلى الحجامة، ما يؤكد أنها مرتبطة بثقافة ومعتقدات الشخص"، وعن أضرارها، أكد أنها قد تسبب نزيفا للمريض إذا كان يعاني من سيولة في الدم، وتسبب إغماء يصل أحيانا للوفاة، إذا كان المريض يعاني من أنيميا، كما أنها تتسبب في إصابة المريض بالإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي، إذا كانت الأدوات غير نظيفة أو خاصة بكل مريض.