3 مقاه شعبية في حي يقع في المسافة الفاصلة بين الطبقة التي كانت وسطي وتنحدر تدريجيا الآن إلى ما دونها والطبقة التي كانت فقيرة وتنحدر الآن تدريجيا إلى ما دونها، 3 مقاه شعبية ضجت بالصراخ لحظة انتصار فريق مصر علي منافسه الكاميروني في بداية كانت مبشرة ومنسجمة مع توقعات المصريين الذين استعدوا للفرح. منذ الساعات الأولى ليوم الأحد استعد المصريون بأعلام الفرحة وجلسات اللمة المصرية في البيوت التي تشع بالدفء والألفة وأحاديث الود وانتظار الأمل ودعوات إلى الله أن يكلل يومنا بالفرح. ودشن الإعلام المرئي والمسموع حكايات أيام وساعات الانتظار بالتهليل والدعاء والتجول بين القرى والمدن لنقل لحظات الانتظار، وتجول أيضا بين عائلات أبطال المنتخب المصري وزوجاتهم وأمهاتهم وأصدقائهم للحديث عنهم في سباق نحى كل ما يخطر على البال. وفجأة نزل سهم الله علينا ..صمت المصريون صمت تسمع له رنين الإبرة كما نقول في ثقافتنا دائما. انهيار وبكاء وحزن كبير..رهو سهم الله الذي لن يقف عنده التاريخ ..سيتجاوزه ونتجاوزه سريعا بحثا عن النصر، النصر الذي يقف عنده التاريخ.. نصر الشعوب أو نصر الجنود. نصر البشر أو نصر الوطن. لن نكتب تاريخنا هذه المرة.. فقد أردنا ولم يرد القدر.. أردنا أن نفرح بنصر في رياضة لا تستقيم الا ببديهية المكسب والخسارة ولم نكسب. أردنا أن نهرب من هزائمنا المجتمعية ليوم أو يومين ولم يكتب لنا الهروب، وإنما سهم الله الذي نزل علينا فلم نفرح وربما نام من نام علي حزن مقيم. أردنا أن ننسى أيامنا وكسرة النفس في أيامنا وصراع حسابات لقمة العيش وحبة الدواء وكلفة التعليم ونزل علينا سهم الله ونام من نام وهو كظيم. أردنا أن ننتسي هزيمتنا في أحلامنا الكبيرة التي تصورنا أنها أقرب إلى أيدينا وأن أولادنا وأحفادنا سيحيوا في بلد فيه عيش وحرية وكرامة ..أردنا أن نحتفل بما هو ممكن ومسموح ونقبل به العوض إلى حين ونزل علينا سهم الله. لم تكتب لنا الفرحة ولن نكتب تاريخ هذا اليوم؛ لأنه يوم هزيمة لا يقف عنده التاريخ.. ربما نبحث عن الفرح والإحساس بالاعتبار في مكان آخر ليس في المقاهي والأندية وتجمعات المصريين في كرة القدم.. ربما نبحث عن الفرحة في سياق آخر لا نذهب بعده للنوم حزنا وكمدا.. نبحث عن تاريخ نكتبه بالكلمة والرأي والقانون والمشاركة والمساواة والحقوق ..تاريخ آخر يمنح القيمة والفرح والبهجة لأشياء أخري تعطي قيمة للحياة ويقف عندها التاريخ.