عالقة ذكرياتهم مع فروعها.. تعرف على شجرة الجميز بفلسطين

كتب: ميساء أبو زكري
تأخذ مساحة كبيرة من الأرض لكبر حجمها، يتسلق عليها الأطفال ليجنوا ثمارها، في فرعها وجذورها ذكريات كثيرة تلتصق بدفتر حياة الأجدد الفلسطينيين، تحمل فوائدها بين أغصانها الكثيفة التي عادت على من يعرفها بالنفع والشفاء.. إنها شجرة الجميز.
تعد من الأشجار المعمرة والتي تزرع في فلسطين، وفي شمال قطاع غزة بمخيم جباليا، تتحدث الحاجة فاطمة أحمد سلامة "أم عطا" التي تبلغ من العمر 76 عاماً ل"البديل" عن ذكرياتها مع شجرة الجميز في قرية "بيت جرجا" التي هُجِّرت منها إبان الاحتلال الصهيوني عام 1948، وتروي حكايتها حين كانت طفلة تلعب على فروع شجرة الجميز وتأكل من ثمارها، وكلما أصيب أحد سكان القرية بمرض جلدي مثل القوباء، أو البهاق، أو الصدفية كان يذهب ليأخذ من لبن شجرة الجميز ويضع على مكان المرض، وكانوا أيضاً يستخدمونها في تطهير الجروح.
تقول أم عطا: "كان أهل القرية في فصل الصيف يتجمعوا تحتها، وكانوا حتى من الثمر يلي بوقع يوكلوا هذا إذا ما كان حدا فوق".
كبار السن يتسامرون ويقضون أغلب أوقاتهم تحت ظلها، ويطلقون على الشجرة التي تنبت في أرض شخص ما من القرية اسم صاحب الأرض. كجميزة "أبو فلاح" مثلاً.
لا تختلف كثيرا ذكريات شجرة الجميز مع أهل بئر السبع. حربة أبو خوصة "أم محمد" البالغة من العمر 90 عاماً عند سؤالها عن شجرة الجميز، ابتسمت اتبسامه خالية من الأسنان، ونظرت نظرة مليئة بالشوق، وتحدثت: "كان كل أولاد المنطقة عندها يلعبوا، بعملو مرجيحة والكل بلعب في اللعبة يلي بدو ياها، وبتلاقي كمان كبار السن كمان قاعدين بستغفروا حواليها، واللي بدو ياكل بطلع فوق على فروعها". ولم تكتفِ أم محمد بالحديث عنها أثناء حياتها في بلادها التي هجرت منها منذ 68 عاماً، إلا أنها أشارت بيدها إلى مكان قريب من بيتها نبتت فيه شجرة الجميز، وقالت: "بحسها من ريحة البلاد، وبنبسط لما كنت أقعد تحتها ولما بشوف الولاد بلعبوا بحس إنو لسه في أمل أرجع على البلاد، واقعد تحت الجميزة يلي كانت عند بيتنا في بئر السبع".
وأوضحت أم محمد أنَّ الناس كانوا يجمعون ثمار الجميز في إناء كبير، ويجففونه ليأكلو منه أكبر فترة ممكنة، ويصنعون أيضا منه المربى.
الجميز نوع من سلالة شجر التين، موطنها الأصلي فى الشرق الأوسط وشرق فريقيا وجنوب الجزيرة العربية، ويطلق البعض عليها اسم شجر الأبرا، أو شجر الثالق أو شجر الرقاع. ومن المعروف أنَّ شجرة الجميز لا تبدأ فى إعطاء الثمار إلا بعد خمس سنوات من تاريخ نموها، ما يزيد من علاقة صاحب الأرض بهذه الشجرة ومن انتمائه لها ولأرضه.