تنهال الهزائم واحدة تلو الأخرى على مجموعات المعارضة السورية المسلحة، فبعد استعادة الجيش السوري السيطرة على مناطق عدة في حربه ضد الإرهاب، والتى أسفرت عن تحرير مدينة حلب في ديسمبر الماضي، وانتهت بوضع أغلب الأطراف السورية على مسار التسوية السياسية من خلال مؤتمر "أستانة" الذى اختتم أعماله قبل أيام، تواجه المجموعات المسلحة هزائم جديدة تمثلت في التصارع والتحارب فيما بينهما، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التشرذم والتفتت وخروج كيانات جديدة للنور. هذا التصارع العسكري بين الجماعات المتشددة في سوريا جاء على خلفية مشاركة مجموعات سورية في مباحثات «أستانة» للسلام والتي تمت برعاية إيران وتركيا وروسيا لتثبيت وقف إطلاق النار، حيث عزمت جبهة «فتح الشام»، ذات الصلة بتنظيم القاعدة، على تشكيل تحالف عسكري يضم 4 مجموعات مسلحة، هدفه إنهاء وجود فصائل المعارضة التي ذهبت إلى أستانا. وشكلت خسارة الفصائل السورية لمدينة حلب التي استعادتها قوات الجيش السوري، انتكاسة للسعودية وقطر الداعمتين للمعارضة المسلحة في سوريا، وضربة قوية لسعيهما الحثيث للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لكن بعد مفاوضات أستانا وصل التشرذم بين الجماعات المسلحة إلى حد لا يمكن توصيفه. وكانت فصائل مسلحة، أرسلت ممثلين عنها فى محادثات "الأستانة"، فشارك فيلق الشام، وفرقة السلطان مراد، والجبهة الشامية، وجيش العزة، وجيش النصر، والفرقة الأولى الساحلية، ولواء شهداء الإسلام، وتجمع فاستقم، وجيش الإسلام ، فى حين لم تشارك فصائل أخري من بينها أحرار الشام "المدعومة من قطر"، وصقور الشام، وفيلق الرحمن، وثوار الشام، وجيش إدلب، وجيش المجاهدين، فيما استبعدت فتح الشام، ولم يشارك أعضاء التحالف الجديد كذلك في محادثات أستانا. وبعد فشل الاتفاق بين الفصائل المسلّحة المتمثلة في أحرار الشام وجبهة النصرة، التي رفضت اقتراح توحيد الفصائل، أعلنت 4 فصائل مسحلة متشددة الانضمام إلى «جبهة النصرة» وهي حركة نور الدين الزنكي، وما يعرف بجيش السنة، وجبهة أنصار الدين، ولواء الحق، تحت مسمى «هيئة تحرير الشام»، وأعلنت هذه الفصائل المندمجة تحت هذ الاسم أنها ستكون بقيادة المسلح «أبو جابر هاشم الشيخ». ويأتي تشكيل هذا التحالف بعد أيام من انضمام عدد من الفصائل المسلحة إلى حركة أحرار الشام في إطار المعارك غير المسبوقة بين هذه الفصائل وجبهة فتح الشام، في خطوة من شأنها أن تعزز الشرخ بين الطرفين الحليفين، غير أن بعض الجماعات الأخرى مازالت غير منتمية لأى من الجانبين الأمر الذى يبرز أيضَا الانقسام الشديد فى صفوف الجماعات المتشددة، حيث رفض بعض المسلحين ما فعله فتح الشام، وأعلن المدعو جهاد الشيخ، وحمزة سندة، القياديين بحركة فتح الشام سابقًا، خروجهما عن الحركة وعدم تبعيتهما لأي فصيل، وذكرا في بيان أن انسحابهما راجع إلى «ما آلت إليه الساحة من تشرذم وتفرقة بعد محاولات عديدة باءت بالفشل، ومحاولة كل فصيل الاستئثار بالساحة والوصاية عليها، دون التعاون في بينها». وبدت جبهة فتح الشام غاضبة من مشاركة فصائل معارضة، طالما حاربت إلى جانبها، في محادثات أستانة مع الحكومة السورية بداية الأسبوع الحالي، بل اتهمتها بالتواطؤ ضدها، واتهمت فتح الشام الفصائل المسلحة الأخرى بالسعي لعزلها مع استهدافها بغارات جوية يعتقد أن معظمها ينفذه التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. ميدانيا، تواصل القتال، وشنت «فتح الشام» بقرار من قائدها أبو محمد الجولاني، حربا ضد من وصفهم ب«فصائل الأستانة»، فبعد يوم من انشقاق القياديين بدأت فتح الشام بمحاصرة قرية الحلزون وباتبو في ريف حلب الغربي، المعقل الرئيسي للمجوعات المشاركة في أستانا، كما سيطرت فى وقت سابق على قرية واحدة على الأقل كانت تحت سيطرة أحرار الشام فى إدلب بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان.