عمل الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، منذ دخوله البيت الأبيض على غلق أبواب الولاياتالمتحدة من كل اتجاه، سواء اقتصاديًا أو سياسيًا أو حتى إنسانيًا؛ من خلال توقيعه على العديد من القرارات والمراسيم، قد تدفع أمريكا العزلة، الأمر الذي حذر منه سياسيون ومراقبون. ووقّع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة الماضية، على قرار تنفيذي لمنع دخول من وصفهم ب"الإرهابيين المتشددين" إلى الولاياتالمتحدة، وقال ترامب، خلال حفل أقيم بمقر وزارة الدفاع الأمريكية، بمناسبة تولى وزير الدفاع الجديد الجنرال المتقاعد، جميس ماتيس، مهام منصبه: لقد فرضت إجراءات رقابة جديدة من أجل إبقاء الإرهابيين المتشددين خارج الولاياتالمتحدة، نحن لا نريدهم هنا، والدول التي بات محظورًا على مواطنيها بمقتضى قرار ترامب، دخول الأراضي الأمريكية هي العراق، اليمن، ليبيا، الصومال، السودان، سورياوإيران. ردود فعل ساخطة أثار القرار الأمريكي العنصري عاصفة من الانتقادات العربية والأوروبية والحقوقية، حيث جاء رد الفعل الفرنسي غير مُرحب بالخطوة الأمريكية، فقال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك ايرولت، إن قرارات ترامب، وخصوصًا فرضه قيودًا على دخول اللاجئين للولايات المتحدة تثير قلق فرنسا وألمانيا، وأضاف خلال لقائه بنظيره الألماني، سيغمار غابرييل، في باريس: هذا القرار لا يمكن إلا أن يثير قلقنا.. واستقبال اللاجئين الفارين من الحرب يشكل جزءًا من واجباتنا، فيما حذر الرئيس الفرنسي، فرنسوا أولاند، نظيره الأمريكي من الانطواء على الذات، ودعاه إلى احترام مبدأ استقبال اللاجئين. أما الجانب التركي، فرأى أن أزمة اللاجئين لن تحل عبر إقامة الجدران، حسبما قال رئيس الحكومة التركية، بن علي يلديريم، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته البريطانية، تيريزا ماي، في أنقرة، وفي الوقت نفسه قدمت جمعية الحريات المدنية الأمريكية ومجموعات حقوقية أخرى اعتراض قانوني على قرار ترامب، وردت الأممالمتحدة على ترامب بحثه على التمسك بتقاليد بلاده القديمة التي ترحب باللاجئين وتعاملهم بمساواة بصرف النظر عن عرقهم وجنسيتهم ودينهم. إيران تتعامل بالمثل في الوقت الذي اختارت فيه العديد من الدول سواء المعنية بالقرار الأمريكي أو غير المعنية به، الصمت حيال العنصرية الأمريكية التي يكرسها قرار الرئيس ترامب، واكتفت دول أخرى بشجب وإدانة القرار دون أي تحرك ملموس، قررت إيران التعامل بندية مع القرار الأمريكي بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل؛ حيث أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن "جمهورية إيران التي تحترم الشعب الأمريكي، ومن أجل الدفاع عن حقوق مواطنيها، قررت تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بعد القرار المهين للولايات المتحدة المتعلق بالرعايا الإيرانيين، ما لم يرفع هذا التدبير". التشيك ترحب بالقرار على الجانب الآخر، أشاد الرئيس التشيكي، ميلوس زيمان، بالإجراءات المتشددة والقيود التي أعلنها نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، معتبرًا أن الأخير يسعى لضمان أمن شعبه، وكتب المتحدث باسم الرئيس، جيري اوفكاشيك، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": الرئيس الأمريكي يحمي بلاده فهو مهتم بأمن مواطنيه، وهو تمامًا ما لا تفعله النخبة في الاتحاد الأوروبي، وأضاف أن أمن المواطنين التشيكيين هي أولوية، لدينا الآن حلفاء في الولاياتالمتحدة. اعتقالات ومظاهرات وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن السلطات الأمريكية اعتقلت كل اللاجئين الذين وصلوا إلى المطارات الأمريكية جوًا، غداة قرار الرئيس ترامب بمنع دخول لاجئين من سبع دول مسلمة، وأكد الصحيفة أنه جرى احتجاز أكثر من 200 شخص من مواطني الدول الإسلامية السبع في المطارات الأمريكية، مشيرة إلى أنهم بالفعل كانوا على متن طائرات متجهة إلى الولاياتالمتحدة وقت توقيع ترامب للمرسوم الرئاسي، وأضافت أن إدارة الأمن الداخلي تعمل لمعرفة كيف ستتعامل مع كل شيء، فيما يسود وزارة الأمن الداخلي ارتباك بعد المرسوم الرئاسي، خصوصًا مع عدم وجود تفسيرات وشروحات وتوفر الاحتمال بوجود اختراقات كبيرة للقانون. وفي السياق، أربك القرار الأمريكي مطارات العالم، خاصة بعد شكوك بتضمن القرار حاملي ال"جرين كارد" المخصصة للإقامة في الولاياتالمتحدة ولا يشمل فقط من يحملون تأشيرة زيارة، حيث أعلنت الخطوط الملكية الأردنية في عمان أنها لم تبلغ بالإجراءات الجديدة من الجانب الأمريكي، وقال مصدر في المطار إن الحظر يشمل حاملي ال"جرين كارد" المتواجدين خارج الولاياتالمتحدة ولن يُسمح لهم بالعودة، لكن يمكنهم تقديم طلب لاستثنائهم من ذلك، إلا أن الخطوات ما زالت غير واضحة. في الوقت نفسه، انطلقت العديد من المظاهرات في مدن ومطارات أمريكية ضد قرار الرئيس ترامب، وفي مقدمتها مطار "جون اف كينيدي" الدولي في نيويورك، وطالب المحتجون خلال التظاهرات بإطلاق سراح الموقوفين وغالبيتهم ممن لديهم تأشيرات صالحة أو يحملون حتى البطاقة الخضراء، ومع ذلك لم يسمح لهم بدخول البلاد واعتقلوا في المطارات. مصر أول المُنفذين للقرار منعت سلطات مطار القاهرة الدولي، أمس السبت، خمسة عراقيين ويمني واحد من ركوب طائرة مصر للطيران المتجهة إلى نيويورك، تنفيذًا لقرار الرئيس الأمريكي، وأوضحت المصادر في مطار القاهرة، أن الركاب الذين وصلوا إلى القاهرة بوقت سابق، في طريقهم إلى نيويورك لم يتمكنوا من استقلال الطائرة المتجهة إلى نيويورك رغم حصولهم على تأشيرات صالحة، وتم تأمين مغادرتهم على متن رحلات متجهة إلى بلدانهم. السودان أكثر المتضررين القرار الأمريكي الأخير وإن كان غير مؤثر في العديد من الدول المعنية به بسبب النزاعات والحروب الدائرة على أراضيها وعدم اهتمامها بالسفر من أو إلى أمريكا، وعلى رأسها سورياوالعراق واليمن والصومال وليبيا، إلا أن القرار يعتبر مؤثرًا بشكل كبير في السودان وإيران، على اعتبار أن لديهما استثمارات أجنبية في أمريكا، كما أن هناك أكثر من مليون إيراني يعيشون في الولاياتالمتحدة، أما بالنسبة للسودان، فإن القرار جاء في الوقت الذي لم تلبث فيه السودان أن تجنى ثمار الخطوة التاريخية التي أقدم عليها الرئيس السابق، باراك أوباما، وتقضي برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية عن السودان، وشروع المؤسسات الاقتصادية والمالية ورجال المال والأعمال في البلدين بالتواصل لتطوير مشروعاتهم الاستثمارية والتجارية بهدف توظيف ما يتمتع به البلدان من موارد وإمكانات طبيعية وبشرية واقتصادية هائلة، الأمر الذي يعني إعادة القيود على الاقتصاد السوداني من الناحية الأمريكية. من جانبها، أعربت الحكومة السودانية عن أسفها لقرار ترامب، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية، قريب الله خضر: لمن المؤسف حقًا أن جاء القرار متزامنًا مع إنجاز البلدين لخطوة تاريخية مهمة برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية عن السودان، وأشار إلى أن المواطنين السودانيين المقيمين بالولاياتالمتحدةالأمريكية يمتازون بالسمعة الطيبة وباحترام القوانين والبعد عن النشاطات الإرهابية والأعمال الإجرامية.