بعد ارتفاع معدلات الطلاق خلال الفترة الأخيرة، والتي أعلن عنها أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمعدل حالة طلاق كل 4 دقائق، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس، إلى إصدار قانون ينظم حالات "الطلاق الشفوي" في مصر حتى لا يقع إلا بوثيقة رسمية أمام المأذون . جاء اقتراح السيسي خلال خطابه الذي ألقاه أمس، أمام قيادات وزارة الداخلية في حضور الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أثناء الاحتفال السنوي بعيد الشرطة، قائلا: "سألت رئيس الجهاز المركزي للتعبئة عن عدد حالات الزواج، قاللى 900 ألف، و40 % منهم بينفصلوا بعد 5 سنوات". أزمة الطلاق الشفهي أو اللفظي لم تكن وليدة اليوم، لكن غالبية الأزواج يعانون منها على مدار السنوات الماضية، وحتى لا يضطرون إلى "المحلل" يطرقون جميع الأبواب لإيجاد مخرج فقهي من اليمين المُغلظ الذي انتهكوه حتى تسبب ذلك في لحظة غضب في تفكك العديد من الأسر المصرية، ومن ثم انهيار البيوت وتشرد الأبناء، لكن يبقى السؤال.. هل يخالف الرئيس الشريعة الإسلامية بشأن تصريحاته عن عدم وقوع الطلاق الشفهي طالما لم يتم عند المأذون؟ قال الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن اقتراح الرئيس السيسي بخصوص توثيق الطلاق والحكم بوقوعه فعليًا بلا شك، يحتاج إلى تنظيم سريع، وهو لا يخالف الشرع في ذلك، خاصة أن غالبية ألفاظ الطلاق الصادرة من قبل معظم الأزواج لا تقع، ومن ثم، فلا يجب أن يقع الطلاق بمجرد اللفظ أو النطق شفهيًا بعيدا عن القضاء أو المأذون. "فقه المصريين في إبطال الطلاق الشفوي للمتزوجين بالوثائق الرسمية".. عنوان آخر دراسة فقهية مقارنة وضعها الدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أكد فيها أن الطلاق لا يصح إلا إذا روعي فيه أصوله الثلاثة، وهي تواجد أسبابه، وتحقق شروطه، وانتفاء موانعه، وهذه الأمور لا تتحقق من خلال الطلاق الشفهي . وأوضح هلالي أن هناك دعوى قضائية مقدمة أمام القضاء الإداري، تطالب وزير العدل بإصدار قرار بإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، ينص فيه على أنه لا يعتبر الطلاق شرعيا للمتزوجين إلا بوثائق رسمية، وتم تحديد جلسة لها في يوليو المقبل. واقترح الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن يتم التحقق من الطلاق أمام القاضي أو المأذون، وفي حالة إصرار الزوج على موقفه السابق المُتسرع، فيعد دليلا على رغبته الفعلية في إنهاء العلاقة الزوجية، مضيفا أن الأمر خطير ومحل نقاشات واسعة داخل الأزهر الشريف الذي لا يزال يعقد جلسات دورية متواصلة بين لجنة الفقه وهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية للنظر في المستجدات الفكرية بشأن ذلك. ومن جانبه، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية ل"البديل"، أن اقتراح الرئيس جاء في توقيته، خاصة أن دار الإفتاء رصدت في شهر واحد خلال العام الماضي إحصاء صادم بشأن تزايد عدد حالات الاستفتاء المعروضة على الدار، والتي بلغت نحو 3200 استفتاء، بشأن حالات طلاق شفهي صادرة من قبل أشخاص تلفظوا بها واستفتوا الدار في وقوعها من عدمه، موضحا أن المفاجأة التي توصلت إليها لجنة الفتوى بأن ألفاظ الطلاق لم يقع منها إلا في حدود 3 أو 4 حالات فقط. وذكرت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، أن الإعداد لمشروع قانون يفصل في عدم وقوع الطلاق الشفهي إلا أمام القضاء أو المأذون، أمر ضروري، في ظل تصدر مصر قائمة الدول الأكثر انفرادا بوقوع حالات الطلاق، مؤكدة أن تصريحات الرئيس تتفق مع صحيح الشرع الذي يؤكد على حماية الأسرة وترابطها من التفكك والانهيار . "الأصل في الطلاق الشفوي أنه يقع".. هكذا أكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية الأسبق، الذي أوضح أن ذلك لا يحدث إلا في حالة وجود ضوابطه الشرعية بأن يكون في محله والزوج واع ومدرك وغير مكره عليه. وحول اقتراح الرئيس السيسي، أضاف واصل ل"البديل" أن لجنة الشريعة بالأزهر اجتمعت خلال الأيام الماضية، وقررت بالإجماع الموافقة على وضع تشريع قانوني بذلك، وأحيل إلى هيئة كبار العلماء لإبداء الرأي النهائي بشأنه، متابعا: "إذا حدث الطلاق الشفوي مع عدم وجود شهود ففي هذه الحالة يصبح الأمر معلقًا بالوثيقة الرسمية ، لكن الطلاق الذي يقع حاليا شفهيا لا يمكن إثباته إلا في حالة وجود شهود عليه".