يبدو أن روسيا مصممة على القيام بدور لا يقل أهمية عن الولاياتالمتحدةالأمريكية في العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، فموسكو بعد انتصاراتها في العديد من الملفات العالمية، كملف جزيرة القرم، وسوريا، تعتبر نفسها قطبًا لا يقل أهمية عن القطب الأمريكي، حتى أصبحت مؤخرًا طرفًا فعالًا في الملف الفلسطيني، حيث استقبلت موسكو اجتماعات للفصائل الفلسطينية. الفصائل الفلسطينية في موسكو أجرى ممثلون عن فتح وحماس والجهاد الإسلامي وفصائل فلسطينية أخرى رئيسية، الثلاثاء، مشاورات غير رسمية في موسكو، قبل تنظيم الانتخابات، استمرت ثلاثة أيام؛ بهدف استعادة وحدة الشعب الفلسطيني. وقال أمين عام المبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي، إن الفصائل الفلسطينية اتفقت في موسكو على ضرورة تشكيل مجلس وطني موحد وجديد يضم كافة الأطراف، وسيتم بالتوازي البدء في مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية. ورأى القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، موسى محمد أبو مرزوق، أن الاجتماعات التي اتسمت بأجوائها الإيجابية جاءت بشكل عام لتأكيد ما تم الاتفاق عليه قبل أيام خلال اجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت، وقال إن الأطراف لم تتطرق إلى تفصيلات القضايا الكلية، وبالتالي لم تبرز أي نقطة خلافية بينها. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن النوايا الصادقة من شأنها أن تنهي الخلاف وصولًا إلى الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وأضاف "ليس عيبًا أن نختلف حول المسائل المطروحة. العيب هو أن نفترق حولها، وألا نتوصل إلى قواسم مشتركة". عضو المكتب السياسي لحركة التحرير الفلسطيني (فتح)، عزام الأحمد، اتهم حماس بعدم نضوج إرادتها السياسية في تحقيق الوحدة، لكنه في الوقت نفسه حاول إضفاء ليونة أكثر، وأعرب عن أمله أن توفر المتغيرات والحراك على الصعيدين الإقليمي والدولي تلك الإرادة لدى جميع الأطراف، وأن ينجح ذلك في إنهاء الانقسام. وقال الأحمد في مؤتمر صحفي: اتفقنا على أن نتوجه إلى الرئيس أبو مازن خلال الساعات ال48 القادمة، حتى يبدأ مشاوراته لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأضاف: النوايا أصبحت أفضل بين الفلسطينيين جميعهم أكثر من أي مرحلة مضت. ومن المفترض أن يتم بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، عقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني وتنظيم انتخابات تشريعية. الأزمة بين حماس وفتح مستمرة ووفقًا لتصريحات عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي الفيصل، فإن فتح وحماس حتى الآن ما زالتا تضعان شروطًا متبادلة، وهو ما يعرقل المصالحة، ناهيك عن تمسك كل منهما بمؤسسات السلطة بالاستناد إلى محاور عربية وإقليمية تستخدم الحالة الفلسطينية ورقة ضغط بدلًا من أن تكون محور نضال الجميع. روسيا والتقارب الفلسطيني اجتمع الثلاثاء ممثلون عن ثمانية فصائل فلسطينية مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي أكد ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني. وعقد اللقاء في إطار ختام زيارة للفصائل الفلسطينيةلروسيا بعد تلقيها دعوة من معهد الاستشراق الروسي لحضور ندوة لمناقشة الملف الفلسطيني. وأطلع الوفد الفلسطيني الجانب الروسي على تطورات الوضع والانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني من خلال الاستيطان ومحاولات تهويد القدس، كما طلب الوفد من روسيا بذل الجهود مع الإدارة الأمريكية الجديدة لثنيها عن نقل سفارتها إلى القدس. وعبر الوفد عن تطلعه لدور روسيا الفعال في دعم قضية الشعب الفلسطيني، بينما أكد لافروف على الموقف الروسي الدائم في دعم القضية الفلسطينية، وفق نص البيان. وأشار البرغوثي إلى زيادة دور روسيا في المنطقة، مشددًا على أن هذا الدور سيتزايد أكثر بقدوم دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسياسته "الانعزالية"، مبينًا أن الجانب الفلسطيني يريد من روسيا أن تقف إلى جانبه في مواجهة أفكار خطيرة يطرحها ترمب، كنقل السفارة إلى القدس، والتخلي عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، واستبدال كيانات معزولة تحت السيطرة الإسرائيلية مكانها. وعن حماس قال أبو مرزوق: "بإمكان روسيا أن تلعب دورًا كبيرًا في (اللجنة) الرباعية التي هيمنت عليها الإدارة الأمريكية بصورة أو بأخرى"، وأضاف أن "حكومة الوحدة الوطنية هي الآلية التي ستقوم بمعالجة كل الملفات التي نشأت أثناء الانقسام الفلسطيني". بدوره شدد لافروف على ضرورة قبول حلول توافقية وإن كانت صعبة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر مطلوب لضمان حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. وأضاف أن الهدف المشترك أمام القوى الفلسطينية هو إنشاء دولة مستقلة قابلة للاستمرار، تعيش جنبًا إلى جنب مع جيرانها، مؤكدًا أن دولًا كثيرة بالشرق الأوسط مهتمة بمساعدة الشعب الفلسطيني لاستعادة وحدته. يذكر أن موسكو كثفت في الآونة الأخيرة جهودها على المسار الفلسطيني، حيث بدأ لافروف سلسلة مشاورات مكرسة لدفع عملية التسوية الشرق أوسطية قدمًا إلى الأمام، بلقاء مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، 13 يناير الجاري في موسكو، وفي اللقاء أكد لافروف استعداد موسكو لاستضافة لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عندما يكون الطرفان جاهزين لذلك. وكان من المفترض أيضًا أن يصل موسكو وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، لمناقشة الأزمة السورية والوضع في العراق والقضية الفلسطينية، إلا أن موسكو ألغت اللقاء بسبب إقالة جودة من منصبه في إطار تعديلات أجراها رئيس الوزراء الأردني في التشكيلة الوزارية. ويرى سياسيون أن روسيا والتي اعترفت بدولة فلسطين قبل أي دولة أخرى تستطيع أن تلعب دورًا بناء في تسوية الأوضاع في فلسطينالمحتلة ودعم المساعي الفلسطينية لإقامة دولتهم وعاصمتها القدسالشرقية، خاصة في ظل تزايد دور روسيا في المنطقة وتراجع الدور الأمريكي، الذي بدأ ينحاز في المطلق إلى الكيان الصهيوني في عهد ترامب.