مع إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ترشيحه لريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي لشركة اكسون موبيل، لمنصب وزير الخارجية، يقترب الرئيس الجديد من تشكيل فريق السياسة الخارجية الخاص به، وهذا يعني أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة ستختلف عن أسلافه من الرؤساء الجمهوريين منذ الحرب العالمية الثانية، ومن غير المرجح أن تستمر طويلا. يختلف بالتأكيد فريق ترامب عن فريق الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، الذي أسس العديد من السياسات الخارجية الجمهورية، ولا شك أنها كانت أفضل من التي يخطط لها ترامب، إلا أن بوش أثبت أن تعيين المسؤولين ذوي الخبرة الطويلة في واشنطن، لا يتضمن في حد ذاته سياسة خارجية ناجحة، خاصة مع وجود خلافات شديدة داخل الفريق. الفريق الخاص بترامب لا يختلف فقط عن فريق بوش، لكن أيضا عن الرؤساء الجمهوريين السابقين مثل رونالد ريغان، وجيرالد فورد، وريتشارد نيكسون، ودوايت أيزنهاور، حيث ضمت فرقهم ذوي الخبرة والمستويات العليا في مجلس الوزراء وجهاز الأمن الوطني في الإدارات السابقة، إلا أن فريق ترامب لا يحتوي على أي شيء مما سبق. وفي اجتماعات مجلس الأمن القومي، يفتقد ترامب نفسه إلى الخبرة في السياسة الخارجية، كما يفتقد نائبه ورئيس الاستخبارات الأمريكية، ومدير الكونغرس، وسكرتير الدولة في مجتمع الأعمال، ووزير الدفاع، ومستشار الأمن القومي في الجيش الأمريكي للأمر ذاته، ويمكن القول إن ربما القادة السابقين في الجيش لديهم خبرة في السياسة الخارجية، لكن التجربة والممارسة أكثر ضرورة في هذه المواقف مقارنة بمن أدلوا فقط بنظرياتهم السياسية الخارجية. جاءت الإدارات الجمهورية السابقة لتركز على الاستراتيجيات، ولسنوات سيطرت عليها فكرة الحرب الباردة، وبعد انتهائها تحول تركيزها لنشر وكيفية استخدام القوة العسكرية الأمريكية في أنحاء العالم، وهو النقاش الذي دفع بوش لدعم الغزو الأمريكي الكارثي في العراق. الفريق الجديد لترامب ربما سيركز في المقام الأول على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، ومن ثم الخروج بنهج جديد للتعامل مع إيران، ونظرا لبعض التصريحات التصالحية لترامب مع روسيا، ومع ترشيح تيلرسون، يبدو أن البيت الأبيض سيسعى لتحسين العلاقات مع موسكو، رغم عدم الكشف عن الأسلوب الذي سيتم اتباعه لتحقيق هذا التحسن. وما أبعد من ذلك، أعضاء فريق السياسة الخارجية لترامب لا يمتلكون خبرة دبلوماسية في التعامل مع مناطق العالم، مثل الصين والهند واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وسيرى الجميع الخبرة المحدودة لترامب وتيلرسون، حين يتصرفان لإدارة شؤون الدولة. عدم وجود الخبرة في فريق السياسة الخارجية لترامب لن يكون العامل الوحيد لعدم الاستقرار الذي ستشهده الولاياتالمتحدة، إنما أيضا اختيار شخصيات لا تعرف بعضها بعضا يلعب دورا مهما في هذا، فمن المرجح أن الجنرال المتقاعد مايكل فيلين، الذي اختاره ترامب ليصبح مستشار الأمن القومي، يريد توجيه عملي للأمن القومي، وآخر مرة حدث فيها هذا التوجيه كان خلال إدارة الرئيس ريجان، وكانت النتيجة فضيحة إيران كونترا، التي كادت تطيح بالإدارة. كان ريجان آخر رئيس جمهوري يطعن أحد في سياسة إدارته الخارجية، حيث كانت السياسة الخارجية أثناء سنوات حكمه الأولى غير مستقرة بشكل ملحوظ، واستبدل وزير خارجيته بعد أقل من 18 شهرا، وبحلول نهاية السنة الثالثة لحكمه كان يعمل مع مستشار أمنه القومي رقم 3، وكثيرا ما وقعت مشاحنات بينه وبين وزير الخارجية جورج شولتز ووزير الدفاع كاسبار واينبرغر. ومع ذلك، غادر ريجان منصبه محققا نجاحا تاريخيا، ودبلوماسية مع الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، الذي ساعد في إنهاء الحرب الباردة، لكن ريجان كان القائد الذي وضع أهدافا للسياسة الخارجية واستخدم التوتر الخلاق مع مستشاريه لدفع البلاد نحوهم، أما ترامب يبدو أنه يتبع نهجا مختلفا، حيث يفضل ترك حاشيته تتقاتل، قبل أن يختار الفائز، هذا الأسلوب قد ينجح جيدا في عالم الأعمال، حيث مقياس النجاح أكثر أو أقل وضوحا، ولكن ليس في عالم السياسة الخارجية. نيويورك تايمز