لم تلبث معركة الأمعاء الخاوية أن تنتهي مع أحد الأسرى حتى تنطلق أخرى؛ لتثبت إصرار الشعب الفلسطيني وأسراه على الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، حتى وإن كان ذلك على حساب حياتهم، فيما تكون حجة الاحتلال جاهزة، وهي تهديد أمن الكيان، لتشهر السلطات الإسرائيلية سريعًا سلاح الاعتقال الإداري في وجه الأسرى المحررين. أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، الأربعاء، في تقرير لها أن الطبيب الفلسطيني، رفيق مصالحة، حذر من موت الأسيرين أنس شديد، وأحمد أبو فارة، المضربين عن الطعام منذ 83 يومًا ضد الاعتقال الإداري، وجاء في تقرير الطبيب، الذي قام بإجراء فحوصات للأسيرين والاطلاع على أوضاعهما، أن الأسير "أنس شديد" يعاني من ضعف في عضلات أطرافه، ولا يستطيع الجلوس أو الوقوف، وأنه فقد الكثير من الدهون، محذرًا من أن فقدان أكثر من 15 كجم من الوزن يعتبر شيئًا خطيرًا على الحياة. وقال "مصالحة": إن الأسير "شديد" معرض للضرر في خلايا المخ وأعصاب النظر ووظائف الكلى والكبد، إضافة إلى صعوبة في النطق والتركيز والنظر، كما أنه معرض للضرر في عضلات القلب. وبالنسبة للأسير "أحمد أبو فارة"، قال "مصالحة" في تقريره: إنه يتكلم بصعوبة بالغة، ويعاني من صعوبة في البلع وتناول الماء، وضعف شديد بالنظر، وصعوبة في حركة العينين، وضمور في عضلات اليدين والقدمين، وفقد الكثير من الدهون، ويعاني من حساسية وألم في منطقة البطن والصدر". في ذات الشأن قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، الاثنين الماضي، إن المحكمة العليا الإسرائيلية رفضت الالتماس الذي تقدمت به المحامية، أحلام حداد؛ للمطالبة بالإفراج العاجل عن الأسيرين، وأضاف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أن الوضع الصحي للأسيرين أصبح صعبًا للغاية، وأنهما يعانيان من أوجاع في الصدر والخاصرتين، إضافة إلى ضيق في التنفس، خاصة بعد توقفهما عن شرب الماء منذ 46 ساعة متواصلة. حالة الأسيرين المرضية الشديدة وتعنت الكيان الصهيوني في الإفراج عنهما والاستهانة بتعرض حياتهما للخطر، دفعا الفصائل الفلسطينية إلى التحرك والخروج إلى الشارع الفلسطيني؛ في محاولة لإنقاذهما، حيث نظمت حركة الجهاد الإسلامي وقفة احتجاجية أمام مقر "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بمدينة غزة، ضمن عدة فعاليات تنظمها أمام المؤسسات الدولية؛ تضامنًا مع الأسيرين أنس شديد وأحمد أبو فارة. في ذات الشأن قال القيادي في حركة الجهاد، خضر حبيب، إن المساس بحياة الأسيرين له أثمان باهظة سيدفعها الاحتلال الإسرائيلي، وطالب قيادة السلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها تجاه إنقاذ حياة الأسيرين، ودعا "حبيب" مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية، من بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتحمل مسؤولياتها لوقف الاعتقال الإداري بحق الأسرى والضغط على الاحتلال للإفراج عنهما، مطالبًا الأمة العربية والإسلامية بإسناد الأسرى والتضامن معهم، مؤكدًا أن الأسرى في سجون الاحتلال يجسدون عظمة ومجد الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن هذا الشعب لا يمكن أن ينكسر بإرادته الفولاذية. الأسيران "أنس شديد" البالغ من العمر 19 عامًا، و"أحمد أبو فارة" البالغ 29 عامًا، يقبعان حاليًّا في مستشفى "آساف هروفيه" الإسرائيلية، نتيجة لتردي حالتهما الصحية بشكل غير مسبوق، حيث إنهما مضربان عن الطعام منذ 25 سبتمبر الماضي؛ احتجاجًا على اعتقالهما الإداري، وفي 4 ديسمبر الجاري، وبعد أن تدهورت حالتهما الصحية، وبدأت الانتقادات الفلسطينية تتصاعد ضد جريمة القتل العمد التي ينتهجها الكيان الصهيوني في التعامل معهما، قدمت النيابة العسكرية الإسرائيلية عرضًا يقضي بفك إضرابهما مقابل تمديد اعتقالهما إداريًّا في شكل جوهري لأربعة أشهر فقط قبل إطلاقهما، لكنهما رفضا العرض الصهيوني، وقررا الاستمرار في إضرابهما المفتوح عن الطعام؛ حتى ينالا حريتهما كاملة. وفي 12 ديسمبر الجاري اتخذ الأسيران قرارًا تصعيديًّا بالإضراب المفتوح عن الماء أيضًا، حيث امتنعا عن تناول الماء والأملاح والفيتامينات، ردًّا على رفض المحكمة العليا الإسرائيلية استئنافًا جديدًا للإفراج عنهما وإنهاء اعتقالهما. من جهة أخرى كشف مركز أسرى فلسطين للدارسات أن 70% من الأسرى الإداريين هم أسرى محررون أعيد اعتقالهم مرة أخرى، وقال الناطق باسم المركز، رياض الأشقر، إن الاحتلال يستهدف المحررين باعتبارهم شريحة مؤثرة ومن قادة الرأي الفاعلين في مجتمعهم، ويتذرع بأنهم يشكلون خطرًا على أمنه، وأضاف: فما يلبث الأسير أن يتحرر من السجون لأسابيع أو أشهر حتى يُعاد اعتقاله مرة أخرى، ويُجدد حبسه لفترات طويلة دون تهمة، وغالبًا ما تكون على أساس ما يتضمنه ملفه القديم من أدلة اتهام تدرجها النيابة العسكرية تحت مسمى "الملف السرى". وذكر المركز أن عدد المعتقلين الإداريين تضاعف بشكل كبير خلال العام الأخير، حيث وصل إلى 700 معتقل، بنسبة زادت 300% عن الأعوام السابقة، وتصدر محاكم الاحتلال ما بين 100 و150 قرارًا إداريًّا كل شهر، معظمها تجديد اعتقال إدارى لفترات جديدة وصلت إلى 8 مرات لبعض الأسرى.