تقرير حكومي: ألف و999 سوقًا عشوائيًا في 230 مدينة بالمحافظات تعددت في الفترة الأخيرة الكثير حرائق الأسواق العشوائية، كان آخرها اشتعال سوق الجمعة بالسيدة عائشة، في حادثة التهمت فيها النيران 43 كشكا وعشة مخزن بها موبيليا وثلاجات، وقدرت الخسائر بنحو مليون و100 ألف جنيه. وكان الحريق، الثاني لسوق الجمعة بعد مرور خمسة أشهر، حيث استطاع رجال الحماية المدنية، في السيطرة على حريق هائل شب في 50 عشة بسوق الجمعة، وامتد للمجزر الآلي،في 8 يونيو الماضي، وأرجع شهود العيان أسباب الحريق في المرتين إلى «أعقاب سجائر» أو «ثقاب كبريت مشتعلة» ألقت دون قصد بجوار القمامة المنتشرة حول محال الموبيليا. لم تكن واقعة حريق سوق السيدة عائشة الأولى، بل شهد مايو الماضى حرق عدة بمنطقتي الرويعي والغورية، وأسفرا عن مصرع 3 وإصابة 91 شخصا بالاختناق، فضلا عن التهام أكثر من 230 محلا ومخزنا للبضائع. وتعد أسواق العتبة والتونسي بمنطقة السيدة عائشة، والخميس بالمطرية، والجمعة بالمرج، والخليفة، والمقطم، والأحد بشبرا الخيمة، أسواقا للفقراء الذين يحصلون منها على كل ما يحتاجونه بأسعار مناسبة، لكنها فى نفس الوقت، تمثل بؤرا قابلة للاشتعال، حيث تندلع الحرائق في هذه الأسواق العشوائية، بسرعة لوجودها داخل التجمعات السكنية، وعدم التزامها بأبسط أساليب الحماية المدنية، وغياب منظومة إطفاء الحرائق، فضلا عن احتوائها على مواد قابلة للاشتعال، والتصاق البائعين ببعضهم بعضا، كما أنها تفتقر للتخطيط والتنظيم، ولا تخضع لأي ضوابط. وكان تقرير صادر عن وزارة التنمية المحلية ومعهد التخطيط القومى بوزارة التخطيط لعام 2015، أكد انتشار الأسواق العشوائية وسط التجمعات السكنية بالمناطق العشوائية، والشوارع، وعلى الأرصفة، وفى المقابر، وحول مواقف سيارات الأجرة، ومحطات المترو، والقطارات، وبلغ عددها نحو ألف و999 سوقا عشوائية فى 230 مدينة بالمحافظات. وذكر التقرير أن نسبة الأسواق اليومية تبلغ 73.8 % من إجمالى عدد الأسواق، ويفتقر معظمها لخدمات المرافق، والتخلص من مخلفاتها، وتلويثها للبيئة بالطرق التقليدية، ما يعد إهدارا للموارد فى ظل عدم توفير قروض للبائعة الجائلين ومعظمهم من محدودى الدخل. وأوضح التقرير أن أسباب انتشار الأسواق وتفاقمها، يرجع لعدة أسباب مثل الفقر والبطالة والأمية والهجرة الداخلية وغياب دور الدولة والمشكلات العمرانية والبيئية والتمويلية، وافتقار الباعة الجائلين للضمان الاجتماعي، ونقص الخدمات الصحية لهم، وغياب القوانين المنظمة للأسواق، ونقص المهارات، وبرامج الادخار وسوء جودة المنتجات. وعن العجز والمتابعة المحلية للأسواق، أكد التقرير أنه يرجع لتعدد جهات التفتيش والرقابة على الأسواق العشوائية، منها وزارة الصحة، وقطاع التجارة الداخلية، بوزارة التموين، وجهاز حماية المستهلك، والغرف التجارية في المحافظات، وكلها جهات تتعامل بالسلب مع الأسواق العشوائية، كما أن المهمشين من الطبقة الوسطى والفقيرة هم العاملون في هذه الأسواق، ومنهم الباعة الجائلون وعمال اليومية والفنيون والحرفيون والمرأة، إضافة إلى فئات جديدة انضمت إلى الأسواق العشوائية، بعد فقدانها عملها في السياحة، عقب اندلاع ثورة 25 يناير، وتراجع فرص التوظيف الرسمية في الوجه البحري، وانخفاضها بنسب كبيرة في الصعيد، مؤكدا أن محافظة القاهرة تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات من حيث نسبة الأسواق العشوائية، حيث يوجد بها نحو 134 سوقا. وطالب عاطف أمين، مؤسس التحالف المصري لتطوير العشوائيات، الحكومة بإجراء حصر شامل لأعداد الباعة الجائلين والأسواق العشوائية، واتخاذ إجراءات لازمة وسريعة لتقنين أوضاعهم وتخصيص أماكن لإقامة أسواق حضارية بديلة أو إنشاء باكيات وتوفير جميع الخدمات لها، مشددا على ضرورة تواصل الحكومة مع الباعة والمواطنين لإقناعهم بأهمية نقل الأسواق؛ حافظا على أرواحهم وتجارتهم ولتفادي وقوع كوارث وحرائق بعد تكرار حرائق سوق الجمعة والرويعي لعدم وجود نظم حماية مدنية وشبكات إطفاء. وأكد أمين ل«البديل» أن الأسواق العشوائية أصبحت من المشكلات الكبرى التي يعاني منها المواطنون في غالبية المحافظات، حيث تشوه الوجه الحضاري للأحياء وتعيق حركة المرور، كما أنها تحولت إلى مقر للبلطجية والخارجين على القانون، مقترحا على الحكومة دراسة فكرة بناء أسواق تحت الأرض قرب محطات المترو للقضاة علي ظاهرة الأسواق العشوائية والباعة الجائلين وحصول الدولة على حقها بعد تكبدها مئات المليارات سنويا بسبب التهرب الضريبي ورسوم تراخيص المنشآت والتوصيلات العشوائية لمرافق المياه والكهرباء، خاصة أن الفكرة ليست جديدة ويتم تطبيقها في دول كثيرة بأوروبا.