تم تحطيم أسطورة تدخل كوبا في إفريقيا خلال فترة الحرب الباردة، بناء على طلب من الاتحاد السوفييتي، خاصة في معركة كويتو كوانافالي التي تدخل من خلالها الجيش الكوبي في أنجولا، والتي تعتبر واحدة من نقاط التحول في التاريخ الجنوب إفريقي، وأدى القتال في الجزء الجنوبي الغربي من أنجولا إلى الانسحاب من الجنوب، ومن ثم استقلال نامبيبيا. قال موقع إندبندنت أون لاين: الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخرًا من قِبَل وكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية، مذكرات صناع السياسة خلال فترة الحرب الباردة كشفت حقيقة أن كوبا لم تكن تتلقى أوامرها من الاتحاد السوفيتي بشأن التدخل في إفريقيا، بل أن الحماسة الثورية داخل كوبا في ذلك الوقت بقيادة فيدل كاسترو كانت هي صاحبة التدخلات الحاسمة في كثير من الأحيان في إفريقيا دون استشارة القيادة السوفيتية، بل وأحيانًا من دون دعمهم. وتابع الموقع أن بييرو جليجيسيس، أستاذ السياسة الخارجية في عهد فيدل كاسترو، التي قامت بزيارة أخيرة إلى جنوب إفريقيا قالت: دوافع تدخل كوبا في حركات التحرر بإفريقيا وسياستها الخارجية، التي كانت في بعض الأحيان على خلاف مع الاتحاد السوفييتي، هو قضاء مواردها المحدودة، ولذلك كان حماس كاسترو الثوري الذي لعب دورًا حاسمًا في مساعدة حركات التحرر الإفريقية لتدمير أسطورة العنصرية البيضاء التي لا تقهر، فمن أنجولا إلى ناميبيا والجزائروغينيا بيساو، لعبت كوبا دورًا حاسمًا في المساهمة في تحرير هذه البلدان الإفريقية من الاحتلال الاستعماري، وقد أدى ذلك إلى التأكد من أن كاسترو كان الزعيم الثوري الأكثر أصالة في السلطة في ذلك الوقت. ولم تكن دوافع كوبا في إفريقيا فقط مقتصرة على التزامها بتحرير الأفارقة من الاحتلال الاستعماري، لكن الهدف الأول كان الحاجة إلى محاربة الولاياتالمتحدة في العالم النامي، من خلال مساعدة حركات التحرر، وكان من المأمول أن نفوذ الولاياتالمتحدة في القارة الإفريقية من شأنه أن يضعف قوتها. وكانت كوبا تسعى إلى انفراجة في المحادثات المقترحة من الولاياتالمتحدة في عام 1961 و1963 و1964، والتي تم رفضها جملة وتفصيلًا من قِبَل الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع مسار المفاوضات، مما جعل كوبا تلجأ إلى استراتيجية مواجهة النفوذ الأمريكي في العالم النامي. وتدعي جميع تقارير المخابرات الأمريكية أن كوبا تدخلت في إفريقيا بناء على طلب من الاتحاد السوفيتي، إلَّا أن الوثائق الأخيرة أثبتت غير ذلك، كما أن هناك واحدة من غزوات كوبا في إفريقيا لم يكن لها أي علاقة بالاتحاد السوفيتي، وهي عندما قدمت المساعدة لحركة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الاستعماري الفرنسي في عام 1961، وكانت عبارة عن سفينة كوبية رست في الدار البيضاء، وكانت محملة بالأسلحة للمقاتلين الثوريين الجزائريين، وعادت السفينة إلى كوبا مع الأيتام الجزائريين، الذي كان من المقرر أن يعتني بهم في كوبا، وبعد ذلك بعامين في عام 1963 وصلت سفينة كوبية أخرى في الجزائر مع 55 من الأطباء والممرضات والفنيين للدفاع عن الجزائر من العدوان المغربي، وفي وقت لاحق من ذلك العام تم إرسال 700 جندي كوبي و22 دبابة إلى الجزائر، ولم ينس الجزائريون التضامن الكوبي معهم ونكران الذات. وأضاف الموقع أن كوبا أرسلت الثوار الكوبيين إلى الكونغو لدعم حركة التحرر، وفي وقت لاحق الحركة المناهضة لموبوتو، إلَّا أن تشي جيفارا انسحب في نهاية المطاف بالقوات الكوبية من الكونغو، بعدما خاب أمله؛ بسبب ما أسماه عدم الانضباط والفساد من المعارضة التي كان يقودها لوران كابيلا. كما كان هناك تركيز من كوبا في عام 1966 على النضال من أجل التحرر في غينيا بيساو، حيث ظل الأطباء الكوبيون والقوات الكوبية في غينيا بيساو حتى عام 1974 لدعم التحرر، وكان تدخل كوبا هذا يعتبر الأكثر نجاحًا حتى تدخلها في أنجولا عام 1975. وعشية استقلال أنجولا تدخلت لدعم حركة الشعوب لتحرير انجولا، والذي غيَّر من مجرى النضال التحرري في أنغولا وموزامبيق وأطاح بالرئيس البرتغالي مارسيلو كايتانو في عام 1974. وبعد استقلال أنجولا، انحدرت البلاد إلى حرب أهلية. مما أدى إلى النزاع الذي طال أمده، وكان الغزو من جنوب إفريقيا، التي شهدت الجبهة الشعبية باعتبارها تهديدًا كبيرًا لقادة الفصل العنصري، وقرر كاسترو إرسال قوات كوبية لدعم جبهة الشعبية. ووفقًا لوثائق وكالة المخابرات المركزية في ذلك الوقت، كان واضحًا أن «الوجود الكوبي كان ضروريًّا للحفاظ على استقلال أنجولا». وذكر الموقع أنه بين نوفمبر 1975 ويناير 1976 تدفقت الطائرات الكوبية والجنود الكوبيون إلى أنجولا، في الوقت الذي كان الاتحاد السوفيتي يخطو فقط في المساعدة لأنجولا على استحياء في منتصف يناير عام 1976، ونتيجة لتدخل كوبا، بدأت قوات من جنوب إفريقيا مغادرة أنجولا في حين احتفل الأفارقة السود بالانتصار. ورغم المكاسب التي حققتها القوات الكوبية والجبهة الشعبية، إلَّا أنهما كانتا غير مجهزتين بطائرات متطورة وصواريخ مضادة للطائرات لتتناسب مع المعدات العسكرية المتقدمة من جنوب إفريقيا. وظلت أفضل الطائرات في كوبا للدفاع ضد أي هجوم أمريكي محتمل على الجزيرة، في ذلك الوقت كل ما فعله الاتحاد السوفييتي أنه وفر الأسلحة اللازمة للكوبيين، ولم يمد يد العون بأكبر من ذلك لكوبا في وقت الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف الذي كان يسعى لانفراج العلاقات مع الولاياتالمتحدة. ولكن كوبا نجحت في معركة كويتو كوانافالي، وكان أهم سبب في نجاح كاسترو لاتخاذ القرار الجريء بالتدخل بكل قوة في تلك المعركة هو ضعف الولاياتالمتحدة؛ بسبب فضيحة إيران كونترا في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، مما جعله لا يخاف من هجوم الولاياتالمتحدة ضد كوبا أو إرسال أسلحتها المتطورة إلى أنجولا. وكانت كوبا عنصرًا حاسمًا في تحويل مجرى الحرب الأنجولية لصالح حركة تحرير أنجولا، وكما قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية تشيستر كروكر في ذلك الوقت: لقد كان كاسترو هو الذي يقود القطار الشيوعي.