يبدو أن العلاقات الروسية الفلبينية تتجه إلى المزيد من التقارب والتعزيز، وهو ما تؤكده تصريحات الرئيس الفلبيني المنتخب مؤخرًا، رودريغو دوتيرتي، الذي يتبع سياسة جديدة مغايرة تمامًا عن سلفه بينينيو اكينو، الذي كانت الفلبين في عهده واحدة من أقرب البلدان إلى الولاياتالمتحدة في جنوب شرق آسيا، وخصوصًا على خلفية النزاعات الحدودية مع بكين في بحر الصينالجنوبي، ليأتي دوتيرتي ويتخذ منحنى آخر يقوى فيه علاقاته مع كل من روسياوالصين ويتعهد بقطع علاقاته مع أمريكا. منتدى "أبيك" أفاد دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين، أعلن أثناء لقائه، السبت، مع نظيره الفلبيني رودريغو دوتيرتي، في العاصمة البيروفية ليما، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي "أبيك"، عن استعداد الشركات الروسية لتكثيف عملها في الأسواق الفلبينية، وأضاف بيسكوف، أن بوتين أشار إلى إمكانية دخول المستثمرين الروس مجالات مختلفة في الفلبين في المستقبل القريب. دوتيرتي المثير للجدل منذ انتخاب الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، في مايو الماضي، أثارت مواقفه السياسية الكثير من الجدل والانتقادات، فعقب توليه الرئاسة تعهد بإعلان الحرب على عصابات بيع المخدرات والمتعاطين، وتم قتل أكثر من 3 آلاف شخص بتهمة حيازة والترويج وتعاطي المخدرات منذ توليه الحكم، مما أثار موجة من الانتقادات الحادة بشأن حقوق الإنسان وإجراء المحاكمات، وكان على رأس هؤلاء المنتقدين لسياسة دوتيرتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي طالما انتقد طريقة تعامل دوتيرتي مع هذه العصابات، مما دفع الرئيس الفلبيني للرد عليه بسب وإهانة الإدارة الأمريكية ورئيسها ومسؤوليها، وهو ما عقّد العلاقات بين الطرفين، ووصف دوتيرتي سفير الولاياتالمتحدة في مانيلا بأنه "مثلي الجنس وابن عاهرة"، وقال للرئيس الأمريكي باراك أوباما "اذهب إلى الجحيم"، وتابع إنه سيعيد ترتيب سياسته الخارجية لأن الولاياتالمتحدة خذلت الفلبين، مضيفًا أنه في مرحلة ما سيقرر القطيعة مع أمريكا. اتجه دوتيرتي بمانيلا شرقًا بالتحالف مع روسياوالصين، مديرًا ظهره للولايات المتحدة، وعلّقت مانيلا تدريباتها العسكرية المشتركة مع واشنطن سنويًا في بحر الصينالجنوبي، بعد تزايد حدة التصريحات المعادية لأمريكا، وقال وزير الدفاع الفلبيني ديلفن لوريزانا، حينها، إنه تم إخطار واشنطن بتجميد خطط الدوريات والتدريبات البحرية المشتركة بين البلدين في بحر الصينالجنوبي، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي بناءً على رغبة رئيس البلاد. كان تولي دوتيرتي، الرئاسة وتدهور العلاقات الأمريكيةالفلبينية الوقت المناسب كى تزداد معرفة روسيابالفلبين وتعززان علاقاتهما الدبلوماسية. الرئيس الفلبيني هدد أمريكا بالتوجه إلى روسيا: "إذا كنتم لا تريدون بيع الأسلحة سأذهب إلى روسيا. أرسلت جنرالات إلى روسيا وقالت لا تقلقوا فلدينا كل ما تريدون وسوف نعطيه لكم"، وأعلن الرئيس الفلبيني في مناسبة أخرى: "لقد اتخذت قرارًا حاسمًا لا رجعة فيه بالنسبة للعلاقات مع واشنطن، سأبدأ فى إقامة تحالفات تجارية وإبرام عقود تأجير للأراضى الفلبينية لفترات طويلة مع الطرف الأيديولوجى الآخر"، أى مع روسياوالصين على وجه التحديد. مؤشرات التقارب في أكتوبر الماضي، صرح السفير الروسي في العاصمة الفلبينية مانيلا إيجور خوفاييف، بأن روسيا تتطلع إلى زيارة الرئيس الفلبينى رودريجو دوتيريي لموسكو، وأضاف خوفاييف حينها في رسالة أظهرت مدى التقارب، أن مانيلا يتعين أن تعرض قائمة رغباتها لأنواع المساعدات التى ترغب فى الحصول عليها من موسكو، وتابع: "لطفًا صيغوا قائمة رغباتكم، وأظهروا ما هى نوعية المساعدات التى تتوقعونها من روسيا وسوف نكون على استعداد للجلوس معكم، وبحث ما نستطيع وما يتعين علينا فعله"، وأكد أن الفلبينوروسيا يستحقان معرفة بعضهما البعض بشكل أفضل، وأنه قد حان الوقت لاكتشاف ذلك، وأن روسيا منفتحة للغاية للتعاون مع الفلبين، مشددا على أن التعاون الذى تتطلع روسيا إلى تحقيقه يتضمن أية منطقة وأى مجال من التعاون الممكن، وأعرب الرئيس دوتيرتي، خلال مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة الفلبينية مانيلا، عن تطلعه للقاء الرئيس بوتين، خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" التي تُعقد حاليًا. بعيدًا عن التصريحات والإشادات الكلامية، يبدو أن المواقف السياسية الروسية الفلبينية أصبحت متقاربة أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد تولي الرئيس رودريغو دوتيرتي، فبعد ساعات من إعلان موسكو سحب توقيعها على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، الأربعاء الماضي، بادر الرئيس الفلبيني لدعم القرار الروسي، وقال إنه ربما يتخذ خطوة مثل التي اتخذتها روسيا، ووصف المحكمة بأنها "عديمة الفائدة"، وأشار إلى أنه في حال سعت روسياوالصين لتشكيل نظام جديد فإن الفلبين ستكون أولى الدول المنضمة له.