رغم تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة تشغيل المصانع المتعثرة والمغلقة، وبداية عمل مؤتمرات بجامعة الإسكندرية لدراسة كيفية إعادة فتح تلك الشركات مرة أخرى، إلَّا أن ما يحدث في الشركة العربية للغزل والنسيج «بلوفارا» يضرب عرض الحائط بكل محاولات السعي وراء الحفاظ على هذا الكيان الذي يضم 4 آلاف عامل، فقد تم بيع نحو 26 ألف متر مربع من أرض الشركة بالمزاد العلني بمبلغ 104.5 مليون جنيه، والاستعداد لبيع ثلاث قطع أخرى تبلغ مساحتها الإجمالية 76 ألف متر. ومنذ شهر سبتمبر 2015 لم يحصل عمال الشركة على رواتبهم، وتم إيقاف العمل بالشركة، واعتصم العمال أمام بوابة وزارة الاستثمار إلى أن تم صرف شهرين من رواتبهم من صندوق الكوارث، بأمر من ناهد عشري، وزيرة القوى العاملة السابقة، كما وافق محمد سعفان، وزير القوى العاملة ورئيس مجلس إدارة صندوق إعانات الطوارئ، على صرف مليونين و710 آلاف و100 جنيه ل3 آلاف و562 عاملًا بالشركة في أكتوبرالماضي، وفقًا للكشوف الواردة من الشركة والمعتمدة من التأمينات. يقول أبو العباس فرحات تركي، عضو مجلس الشعب دائرة المنتزه بالإسكندرية: مشكلة الشركة أن العمال لم يتقاضوا رواتبهم منذ سنة كاملة إلَّا من صندوق الكوارث، وقدمت طلبات إحاطة، وذهبت لمجلس الوزراء، وهددت بالاعتصام في هيئة الاستثمار، وذهبت لرئيسها، طوال عام ونحن نسعى لإيجاد حل للشركة، وأثناء الإعلان عن المزاد لم أجد من يسعى لإيجاد مُشترٍ، حتى يتم تحقيق أعلى سعر، والجلسة الأولى التي كانت الأسعار فيها أقل من ذلك بكثير لم يهتم أحد بالشركة، ويشغل باله بحل المشكلة. وأكد أبو العباس أن مديونية الشركة وصلت ل89.5 مليون جنيه، وعندما طلبت من أحد المستثمرين الذين يملكون 25% من الشركة ضخ أموال لتشغيل الشركة لأن العمال الغلابة «مش لاقيين ياكلوا وبيشحتوا» وأن هؤلاء العمال هم أقل مرتبات على مستوى الجمهورية، قال باللفظ: «أنا مش شؤون اجتماعية»، أي أنه لا يبالي ب 4 آلاف أسرة تشرد لإرضاء أطماعه، وهي تصفية الشركة وبيع الأرض بالكامل حتى يحصل على المليارات. وأضاف أبو العباس أنه لم يحضر جلسة المزاد يوم 10 أكتوبر 2016 لانشغاله بجلسات البرلمان، وتقدم للمزاد ولشراء الأرض رجل الأعمال عصمت نسان وآخرون، وأن أعلى سعر وصلوا إليه كان 3 آلاف و600 جنيه للمتر، إلَّا أن المزاد تم تأجيله لانخفاض السعر، ومع الضغط في آخر جلسة للمزاد، وصل المبلغ إلى 4 آلاف و20 جنيهًا، وكان فرق السعر أكثر من 10 ملايين جنيه. أتمنى أن يتم جلب مادة خام بهذه الأموال وإعادة تشغيل الشركة. ويعتبر حسام الدين نجيب، المستثمر المالك لأكبر حصة بالشركة بنسبة 22%، هو المعترض الوحيد على قرار بيع الأرض، وذلك لأن قيمة رأس المال الفعلي للشركة والمقدرة بالبورصة بمليار جنيه ستقل وتصبح الخسائر مزدوجة، لكن وزارة الاستثمار أقامت جلسة طارئة لمجلس إدارة الشركة، وأصدرت قرارًا ببيع الأرض، مما دعا نجيب لرفع دعوى مستعجلة لفرض الحراسة على الشركة، وحددت المحكمة الاقتصادية موعدًا لجلسة تحضيرية لإعداد تقرير بالدعوى رقم 11 لسنة 2016 مدني مستعجل، المقامة من حسام الدين نجيب عبد الغني، لفرض الحراسة على الشركة العربية للغزل والنسيج، وتعيينه حارسًا قضائيًّا؛ للعرض على دائرة القضاء الموافق 29/11/2016. ويذكرأن المحكمة الاقتصادية أيدت في 25 يوليو الماضي الحكم القاضى بثبوت تزوير مجلس إدارة الشركة الحالية، وفرض غرامات مالية تقدر بنحو 10 آلاف جنيه على كل عضو، ومن ثم فإنه وفق المادة 162 من قانون الشركات 159 لسنة 81 التي تعمل به شركة العربية، فإنه لا يجوز أن يظل عضوًا بمجلس الإدارة كل من ثبتت إدانته بجنحة أو جناية، وبالتالي ثبوت التزوير يجبر الهيئة العامة للاستثمار على إعادة إجراء انتخابات مجلس إدارة جديد، وإجبار الأعضاء الحاليين على رد جميع المبالغ التي حصلوا عليها منذ ثبوت التزوير. ومن ضمن الانتهاكات التي تحدث بالشركة أيضًا، والتي ما رواها أحد القيادات داخل الشركة، بيع رئيس الشركة الحالى مخزون الغزل المخصص للتصدير المقدر بنحو 2 طن بأقل من قيمته الحقيقية، لمُشترٍ محلي يدعى عادل خفاجة، بالمخالفة للقانون بقيمة 23 جنيهًا بدلًا من 33 جنيهًا للكيلو، وكانت فروق الأسعار تقدر بنحو 500 ألف جنيه، لكون الشركة تحصل على دعم من الدولة لطن التصدير بنحو 300 جنيه، بما يعادل 30 ألف جنيه لكل 10 أطنان، وتعتزم الشركة بيع حصة تصدير بنحو 10 أطنان لنفس المشتري، وسعر الكيلو نحو 5 دولارات، بما يعادل 55 جنبهًا، بينما يبيعه رئيس الشركة ب26. جدير بالذكر أنه تم إنشاء الشركة العربية للغزل والنسيج «بولفارا» في 15 أغسطس 1968؛ لتتخصص في صناعة وتسويق وتجارة غزل ونسيج القطن والحرير والصوف والكتان والألياف الصناعية، والقيام بأعمال الوكالة التجارية داخل مصر والتصدير والاستيراد والتوكيلات، وكانت تحقق مكاسب كبيرة جدًّا. وكانت بداية التدهور هي بيع هذه الشركة ضمن حركة الخصخصة التي قامت بها حكومة عاطف عبيد عام 97، ومنذ هذا التاريخ أصبحت ملكية الشركة مقسمة بين الدولة التي تمتلك 16% فقط، 8% ملك البنوك، وأحد المستثمرين يمتلك 22% وباقي الأسهم ملك للأفراد، والشركة بها 4 آلاف عامل، مرتباتهم الشهرية سبعة ملايين جنيه. وقبل ذلك التاريخ كانت الشركة تصدر منتجاتها إلى كل الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، وكانت تتصدر المركز الثاني على مستوى الجمهورية في تصدير منتجات الغزل والنسيج بعد شركة غزل المحلة، وبعد استبدال القطن السوري والأقطان المستوردة رديئة الجودة مكانها، فقدت الشركة جزءًا كبيرًا من التصدير، ثم توقفت خطوط إنتاج التصدير نهائيًّا بمرور الوقت؛ لعدم مطابقة جودة المنتجات للمواصفات، بعدها توقفت جميع الخطوط ماعدا إنتاج الخيوط، وبهذا خسرت الشركة الكثير، بعد أن كان صافي أرباحها السنوية يتعدى ال30 مليون جنيه.