وصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة الباكستانيةإسلام أباد، الأربعاء، في زيارة تستغرق يومين، على رأس وفد رفيع المستوى، يضم وزراء وموظفين كبارًا ورجال أعمال، يجري خلالها مباحثات مع نظيره الباكستاني، ممنون حسين، ورئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، وألقى خطابًا أمام البرلمان أمس الخميس، قبل أن ينتقل إلى مدينة لاهور، ثاني أكبر مدن البلاد. وتعتبر زيارة أاردوغان هذه إلى باكستان هي الأولى منذ الانقلاب التركي الفاشل في 15 يوليو الماضي. خلال المحادثات بين الرئيسين التركي والباكستاني، اتفق الطرفان على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، وتوطيد العلاقات التجارية والدفاعية الحالية، وإيجاد حل سلمي لقضية كشمير طبقًا لقرارات الأممالمتحدة، وبذل الجهود المشتركة لإحلال الأمن والسلام الدائمين في أفغانستان، ومكافحة الإرهاب والتطرف. واقترح الرئيس الباكستاني إبرام اتفاقية شاملة وطويلة الأجل؛ للتعاون في مجال الدفاع بين باكستانوتركيا، وأعرب عن ارتياحه للتعاون من قِبَل تركيا على تحسين غواصة باكستانية والحصول على طائرة تدريب من باكستان. من جانبه قال مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الباكستاني، سرتاج عزيز، إن السياسات والتحديات المشتركة يمكن أن تجعل تركياوباكستان شريكين مثاليين؛ للضغط من أجل السلام في أفغانستان وأماكن أخرى في المنطقة. وأضاف عزيز قبل ساعات من وصول أردوغان إلى باكستان، أن البلدين تتشاركان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والعالمية على حد سواء، وتشمل الصراعات في أفغانستان وسوريا، وتابع: على غرار تركيا، التي تحملت العبء الضخم للاجئين السوريين، تستضيف باكستان 3 ملايين لاجئ أفغاني، وسوف نواصل إجراء المناقشات والتعاون للتعامل مع هذه القضايا، لافتًا إلى أن تركيا حاولت منذ فترة طويلة دعم عملية السلام في أفغانستان، خلال مؤتمر قلب آسيا- عملية إسطنبول، الذي جمع رؤساء الحكومات الآسيوية. في ذات الإطار أكد المستشار المُقرب إلى الرئيس الباكستاني، سرتاج عزيز، أن هذه الزيارة ستتيح للبلدين فرصة أخرى لمناقشة القضايا الإقليمية، فضلًا عن تعزيز علاقاتهما الخاصة في مجالات التجارة والأعمال والدفاع، وكشف عن أن اتفاقية تجارة حرة بين البلدين شارفت على الانتهاء، وأردف: نولي دائمًا أهمية كبيرة لعلاقاتنا مع تركيا. باكستان أرادت أن تقدم خطوة لتركيا كبادرة حسن نية، حيث اختارت أن تطرد 130 مُعلمًا مرتبطين بعالم الدين، فتح الله جولن، الذي يعتبر الخصم اللدود لأردوغان، والذي تتهمه تركيا بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية التي وقعت في يوليو، ويفترض أن يغادر هؤلاء المعلمون الأتراك، الذين يعملون في شبكة مدارس ومنظمات غير حكومية ومؤسسات يديرها جولن، باكستان مع عائلاتهم بحلول 20 نوفمبر، وفق مسؤولين في مؤسسات تعليمية والحكومة، ويطال قرار الحكومة الباكستانية حوالى 450 شخصًا، وسيؤثر ذلك على آلاف التلاميذ في باكستان، حيث تؤوي هذه المؤسسات حوالي 11 ألف طالب باكستاني وأكثر من 1200 موظف، في فروعها ال28. من جانبه عبر الرئيس التركي عن سروره من نبأ طرد المعلمين الأتراك من باكستان، حيث قال أردوغان، قبل التوجه إلى لاهور، إن طرد المدرسين نبأ سار، وهو يدل على الأهمية التي توليها باكستان لهذا الجهد. أعتقد أن دولًا أخرى ستشارك في ذلك، ولا أشك في الأمر. فيما شكر رئيس الحكومة التركية، بن علي يلديريم، "باكستان البلد الشقيق"، قائلًا: حصلنا دائمًا على صداقة وتضامن باكستان، واليوم أظهر أشقاؤنا مجددًا دعمهم لمعركتنا ضد حركة جولن. في الوقت نفسه عبرت إدارة شبكة "خدمة" الباكستانية التي يديرها "جولن" في جميع أنحاء العالم، وتشمل مدارس وجامعات ومنظمات غير حكومية، عن أسفها لهذا القرار المتسرع، حسب وصفها، موضحة أن طلباتها لتمديد تأشيرات المدرسين العاملين في المدارس وعائلاتهم رفضت، وقال مسئول الشبكة في إسلام أباد إن القرار سيؤثر في عشرة آلاف تلميذ يرتادون 28 مدرسة ومؤسسة تعليمية في البلاد. ويرى مراقبون أن زيارة أردوغان لباكستان في هذا التوقيت تعتبر تمهيدًا لتوقيع تركياوباكستان عددًا من الاتفاقيات التجارية في قطاع الخدمات والصناعة، في ديسمبر القادم، لتأتي ضمن محاولات تعزيز العلاقات بين الطرفين، والتي تقوم على تقاطع المصالح الاقتصادية والسياسية منذ استقلال باكستان في 1947، حيث تتمسك تركيا بعلاقتها مع باكستان؛ نظرًا لتوافق الطرفين وتبادل الدعم بينهما حول العديد من الأزمات الإقليمية والدولية المشتعلة في المنطقة، وعلى رأسها قضية قبرص وكشمير والأزمة السورية وأفغانستان والأزمة بين الخليج وإيران، الأمر الذي دفع الطرفين إلى التقارب والتعاون في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث تقدم إسلام أباد الدعم الكامل لأنقرة في قضاياها الإقليمية وعلى رأسها القضية القبرصية، فيما تتمسك إسلام أباد بتحسين علاقاتها مع أنقرة؛ بسبب دعم الأخيرة لها في نزاعها حول منطقة كشمير، دون الإضرار بمصالحها مع الهند. بالتزامن مع الزيارة أجرت القوات البحرية التركية والباكستانية مناورات بحرية مشتركة في بحر العرب بالمحيط الهندي، حيث جرت المناورات بمشاركة سفن وطائرات ومروحيات وفرقاطات من البلدين؛ وذلك بهدف زيادة قابلية العمل المشترك بين البلدين، وضمان سلامة المياه الإقليمية، وأضافت قيادة القوات البحرية الباكستانية أن المناورات تضمنت تدريبات لرفع كفاءة عمليات الدفاع الجوي والاتصالات والقدرة على القيام بمناورات مشتركة بين أسطولي البلدين.