استطاع المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، قلب الطاولة الانتخابية رأسًا على عقب، والفوز بالأصوات اللازمة لإعلانه رئيسا للولايات المتحدة، صباح الأربعاء، ليصبح الرئيس الخامس والأربعين خلفًا لباراك أوباما، وسيتولى الرئيس الجديد مهامه في 20 يناير 2017. ترامب بين موسكووالرياض بوصول ترامب إلى البيت الأبيض، يميل الميزان الأمريكي تجاه روسيا على حساب السعودية، صحيح أن المملكة ليست ندًا تحت أي عنوان للدب الروسي، إلا أن التركيز عليها مهم في الجزء المتعلق بالساحة السورية؛ فالحزب الديمقراطي الأمريكي الذي يُصدّر الرياض ككومبارس في الملف السوري، لم يتوان عن دعم تحركاتها الداعمة لداعش والتنظيمات الإسلامية المتشددة التي تتبنى الفكر الوهابي، وغض طرف الولاياتالمتحدة عن التصرفات السعودية منبعه، تحجيم الدور الروسي في المنطقة، ومحاولة إسقاط الرئيس السوري، بشار الأسد، كحليف رئيسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله اللبناني، اللذان يعتبران وباعتراف الكيان الصهيوني الخطر الرئيسي الذي يهدد أمن إسرائيل. ترامب والسعودية فوز ترامب يدعم التوجهات اليمينية على الساحة الإقليمية والعالمية، الأمر الذي سيطال الرياض، فنظرة ترامب للسعودية فيها الكثير من الدونية، فالرئيس الجمهوري لم يتوقف منذ بدء حملته الانتخابية عن إطلاق التهديدات والتلويح بمعاقبة الدول الخليجية وخاصة السعودية في حال عدم تطبيقها لما تمليه أمريكا من قرارات تخدم سياستها في المنطقة، كما هدد ترامب خلال أحد اللقاءات الصحفية، المملكة ودول خليجية بالعقوبات المالية في حال عدم إرسالهم قوات برية لمقاتلة تنظيم "داعش" في سوريا، إضافة إلى تنبؤه بزوال السعودية في حال تخلي أمريكا عن دعمها. آراء ترامب المهاجمة للسعودية على الأقل قبل توليه الحكم ترجح كفة الحكومة السورية على المعارضة؛ فالرئيس الجديد صاحب الأيديولوجية المتطرفة من حيث المبدأ، يفضل الخلفية العلمانية التي يتسم بها نظام الحكم الراهن في سوريا، خاصة في ظل غياب البديل الناجح لرئاسة سوريا؛ لأن البديل في حال تنحى الأسد عن السلطة أو حتى إزاحته بالقوة كما ترغب السعودية، قد يكون الإسلام الراديكالي أو المتطرفين أمثال (داعش والنصرة) الذين يتناقضون مع القيم الأمريكية وخاصة اليمينية منها. ونظرًا لاعتراف واشنطن بصعوبة فصل ما تسميه ب"المعارضة المعتدلة" عن التنظيمات الإرهابية كداعش والنصرة، فإن وجود ترامب سيصب في صالح الأسد بطريقة أو بأخرى؛ لأن يعارض من الأساس فكرة التدخل العسكري في سوريا؛ ففي تصريحات سابقة له قال إن أي دولة تقوم بلمس الشرق الأوسط، فإنها "تظل عالقة هناك"، ولذلك عارض سياسة الدعم والتدريب التي تنفذها القوات الأمريكية للمعارضة السورية، وبعيدًا عن أي تورية ومواربة، فإن ترامب قالها صراحةً في شهر مايو السابق بأنه لن يحارب – في حال فوزه- الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه سيركز على مكافحة تنظيم "داعش". العلاقات الحالية بين الرياضوواشنطن في ظل الحليف الديمقراطي الذي يتصف بأنه أقل تطرفًا من الجمهوري، ليست على ما يرام، وقانون "جاستا" يشهد بذلك، وبالتالي قد تدخل العلاقات بين واشنطنوالرياض إلى نفق مظلم بعد وصول ترامب للرئاسة الأمريكية، خاصة أنه وصف السعودية بالبقرة الحلوب التي يجب ذبحها بعد أن ينضب ضرعها، وأنه على السعودية أن تدفع ثمن حماية أمريكا لها. ترامب وروسيا وفي المقابل، تعد روسيا الفائز الأكبر من الوصول الجمهوري للحكم، خاصة بعد انغلاق الأفق السياسية والعسكرية مؤخرًا بين واشنطنوموسكو، في ظل حكم الحزب الديمقراطي، حيث تصاعدت التوترات بين روسياوأمريكا، بعد قرار واشنطن تعليق المفاوضات بينهما حول سوريا، لكن ترامب يحمل أفكارًا مخالفة للنهج الديمقراطي في التعاطي مع روسيا، التي ساهمت، وفق مراقبين، بطريقة ما في وصول ترامب للحكم بعد اختراقها إيميلات الحزب الديمقراطي وتسريبها، الأمر الذي استتبعه إعادة فتح قضية هيلاري كلينتون واستخدامها لخادم إلكتروني شخصي لا يتبع لوزارة الخارجية، ورغم إغلاق القضية، لكن موسكو لعبت دورا في التقليل من حظوظ كلينتون بزعزعة ثقة الناخب بها، كما يؤكد المراقبين. من جهته، نفى ترامب وجود أي تفاهمات مع روسيا، لكنه في الوقت نفسه، أكد عزمه استعادة العلاقات البناءة مع موسكو في حال وصوله إلى البيت الأبيض، كما أن خطابته تتصف بمرونة كبيرة تجاه موسكو؛ ففي العديد من المناسبات، وصف ترامب، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنعوت حسنة، حيث قال عنه "أذكى من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وكلينتون"، وإنه ربما يجتمع بالرئيس بوتين قبل بداية إدارته، في إجابة على سؤال حول ماهية الإجراءات التي سيتخذها لتفادي حرب عالمية مع الروس في حالة وصوله للبيت الأبيض.