دخلت مصر وأذريبجان مرحلة جديدة من العلاقات بعد الاتفاق المشترك في عدد من المجالات الرئيسية بصناعة النفط والبترول والغاز، فبعد أن أوقفت شركة أرامكو السعودية للشهر الثاني إمداداتها النفطية للقاهرة، توجهت مصر إلى بغداد ومن بعدها باكو التي وقعت معها عقدًا بتوريد كميات من البترول الخام تصل إلى مليوني برميل زيت خام للتكرير بمعملي ميدور والنصر للبترول المصريين. وأكد وزير البترول والثروة المعدنية المصري، المهندس طارق الملا، أن مذكرة التفاهم الموقعة بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة الوطنية الأذربيجانية للنفط "سوكار"، تتضمن التعاون والمشاركة في تنفيذ العديد من المشروعات البترولية على المدى الطويل. وأفاد "الملا" بأن المذكرة تشمل أيضًا التعاون في مجال الغاز المسال والبنية التحتية، فضلًا عن التعاون في مجال البتروكيماويات وتطبيق نظام المبادلات بين الخام والمنتجات البترولية، مبينًا أن مذكرة التفاهم تأتي استكمالًا لسلسة الاتفاقيات التي وقعتها مصر على غرار ما تم التعامل به مع شركة أرامكو السعودية وشركة "سوناطراك" الجزائرية ومؤسسات البترول الكويتية بوصفها شركات حكومية. العلاقات الثنائية يقول المراقبون إن لهذا التوجه المصري سببًا يتعلق بالعلاقات الثنائية التاريخية المتميزة بين مصر وأذريبجان، حيث تدين باكو للقاهرة بأنها من أول الدول التي اعترفت باستقلالها عن الاتحاد السوفييني في تسعينيات القرن الماضي. واتسمت العلاقة بين مصر وأذريبجان بالصداقة والصلة الوطيدة. وعلى الرغم من سخونة الأحداث في تلك المنطقة بعد تقسيم الاتحاد السوفييتي وكثرة الاشتباكات والنزاعات، التزمت القاهرة بعلاقتها مع باكو، وكان موقفها محددًا منذ البداية، ولم تلتزم الحياد كغيرها، ووقفت بجانب باكو في استقلالها. في عام 1992 أجرى البلدان بروتوكولات عمل وعلاقات دبلوماسية، وافتتحت أول سفارة في إفريقيا بمصر 1993، وفي 1994 زار الزعيم الأذربيجاني الراحل حيدر علييف، مصر، والتقى الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ووقع البلدان نحو 47 اتفاقية. وفي 27 ديسمبر 2007 في العاصمة الأذربيجانية، باكو، عقدت أعمال اللجنة المصرية الأذربيجانية المشتركة، لبحث سبل التعاون ودفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، و ترأس الوفد المصري السيدة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي، وضم المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية وعددًا من رجال الأعمال بالمحافظة, والسيد يوسف أحمد الشرقاوي سفير مصر في أذربيجان، وسلم المحافظ المستشار عدلي حسين خلال اللقاء للرئيس الأذربيجاني شعار القليوبية، ووعد الرئيس الأذربيجاني بزيارة حديقة الصداقة المصرية الأذربيجانية بالقناطر الخيرية؛ لإزاحة الستار عن تمثال الزعيم الأذربيجاني حيدر علييف. كما أجرى الرئيس الحالي إلهام علييف، في العام ذاته، زيارة رسمية لمصر، وبعد أن كان مقر السفارة الأذربيجانية "إيجارًا" في الزمالك، انتقل لمكان آخر "تمليك" في المعادي، وأجرى اتفاقية تآخي لأول مرة بين محافظة القليوبية، ومحافظة أبشرون الأذربيجانية، وافتتح حديقة الصداقة في القليوبية، وتم نصب تمثال للزعيم القومي الأذربيجاني في القناطر، وسُمِّيَ الشارع "أذربيجان"، كما يوجد تمثال للرئيس حسني مبارك، وعدد من الرموز المصرية مثل الأهرامات في أذربيجان، وتم توقيع اتفاقية للتآخي بين القليوبية ومقاطعة أبشرون؛ للتعاون في المجالات الزراعية والصناعية والثقافية. وفي 2015 تم إعلان التآخي بين شرم الشيخ، وجبالا في أذربيجان، إضافة إلى إنشاء خط طيران مباشر بين البلدين، وزار الدكتور خالد فودة محافظ جنوبسيناءأذربيجان عدة مرات، ومن المقرر أن يزورها مرة أخرى هذا الشهر، كما سيتم تنظيم منتدى عالمي للإنسانية في سبتمبر المقبل. توجه مصر لأذريبجان ما أثير عن توجه مصر لأذريبجان لاستيراد النفط بدلًا عن السعودية في الصحافة المصرية والعالمية ليس بالكثير، حيث تضاءلت المعلومات الخاصة، فبينما أكدت سفارة أذربيجانبالقاهرة أن الاتفاق المصري الأذري بشأن توريد كميات من النفط للقاهرة ليس له صلة بإشكالية العلاقة بين مصر والسعودية، أكد المراقبون أن القاهرة طرحت مناقصات لتزويدها بحاجتها من منتجات النفط المكرر، من البنزين والسولار والمازوت؛ لسد احتياجات السوق المحلي المصري، عقب وقف أرامكو شحنة تقدر ب700.000 طن. وأبلغت السعودية مصر بأن وقف شحنات منتجات النفط السعودية إليها – بحسب اتفاق تقدر قيمته ب23 مليار دولار – إلى أجل غير مسمى، مما قد يعمق الخلاف بين البلدين، وجاءت الخطوة التي اتخذتها السعودية بعد خلاف البلدين بشأن الصراع في سوريا، خاصة بعد تصويت مصر لصالح قرار روسي بشأن الحل في سوريا الذي عارضته السعودية. ومن جانبه أكد الدكتور نائل الشافعي، مؤسس موسوعة المعرفة، أن مصر تبحث عن النفط من أي مصدر، مشيرًا إلى أن علاقة أذربيجان بحليفتها مصر ممتازة، مؤكدًا أن روسيا لن تعارض تصدير نفط أذربيجان لمصر. وأوضح في تصريحات ل "البديل" أن هناك بعض الأمور التي قد تكون قد سهلت الاتفاقية، حيث إن التصدير لو تم سيكون عبر أنبوب باكو- تفليس- جيهان عبر تركيا، مشيرًا إلى أن تركيا لن تعارض الأمر، موضحًا أن الاتفاقية لم توضح أن أذربيجان ستمنح تخفيضًا لمصر، ولكن أكد في ظل ذلك أن نفط كركوك وكردستان العراق الذي يتم تصديره عبر تركيا كان أقرب لمصر من أذريبجان.