خامنئي: يجب ملاحقة الجرائم الإسرائيلية بالمحاكم الدولية والمحلية    النائب أحمد سمير زكريا: مصر تقود صوت العقل في وجه العدوان الإسرائيلي وتحمي الإرادة العربية    أستاذ فقة ل"الستات مايعرفوش يكدبوا": معظم المشاكل الزوجية سببها سوء الاختيار    أثليتك: ليفربول يتواصل مع فرانكفورت لضم إيكيتيكي    للموسم الثاني على التوالي.. بورنموث يضم حارس تشيلسي    وفاة ميمي عبد الرازق    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    «أوقاف السويس» تنظّم ندوة في ثالث أيام الأسبوع الثقافي    الطيران السوري: إغلاق مؤقت للممر الجوي الجنوبي    انطلاق اختبارات القدرات بكلية العلوم الرياضية جامعة قناة السويس    رئيس الوزراء يتابع موقف تسليم الوحدات السكنية للموظفين المنتقلين للعمل بالعاصمة الإدارية الجديدة    بروتوكول تعاون بين مركز البحوث الزراعية والوكالة الإيطالية لتعزيز إنتاج المحاصيل    الداخلية تكشف ملابسات فيديو متداول حول مخالفة مرورية في مطروح    المهرجان القومي للمسرح يكرم الفنان القدير جلال العشري    محافظ الجيزة يكلف بسرعة التشغيل التجريبي لموقف السرفيس بالصف    القومي للمرأة يطلق حملة "صوتك أمانة" للتوعية بأهمية المشاركة في انتخابات "الشيوخ"    بنسبة نجاح تخطت 90%.. صحة الفيوم تعلن نتيجة مدارس التمريض بالمحافظة    «رواد تحيا مصر» تواصل التوعية بمخاطر المخلفات الإلكترونية بمركز شباب دمياط    خطوة جديدة فى مشروع عملاق    للمرة الأولى.. شهداء بسبب الاختناق في مراكز توزيع المساعدات بقطاع غزة    الأردن يحذر من استئناف المشروع الاستيطاني «E1» شرقي القدس    الرئيس الأمريكى ترامب يطرح حل أزمة سد النهضة مقابل تهجير الفلسطينيين والسيسي يرحب    تعيين رؤساء تحرير جدد للأهرام الرياضي وآخر ساعة وعقيدتي و«روزاليوسف» (تفاصيل)    بعد تراجع عيار 21.. كم سجل سعر الذهب اليوم الأربعاء 16-7-2025 عالميًا ومحليًا؟    أرقام مذهلة وبطولات بالجملة.. ماذا قدم لوكاس فاسكيز في رحلته مع ريال مدريد؟    بيراميدز ينافس الأهلي على ضم مصطفى محمد    منتخب مصر للناشئين يستعد بقوة لكأس العالم تحت 17 سنة.. وأحمد الكاس يؤكد: "جاهزون للتحدي"    خالد الغندور ينتقد أساليب تقديم صفقات الأهلي والزمالك: "رسائل تافهة تثير الفتنة"    وزير البترول يبحث مع شركة "شلمبرجير" سبل دعم الاستكشاف والإنتاج    إصابة 6 أطفال في حريق التهم معرض موبيليا ب الدقهلية    مصرع شخص وإصابة أخرى فى حادث انقلاب دراجة نارية بالوادى الجديد    تموين دمياط: خطة شاملة لضبط الأسواق وتأمين غذاء المواطنين    «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالعصى بسبب خلافات الجيرة في الشرقية    مقتل سيدة على يد شقيقها في المنيا بسبب خلافات أسرية    بعد تداول فيديو يوثق الواقعة.. حبس شاب هدّد جيرانه بسلاح أبيض في الفيوم    إنزال 800 ألف زريعة أسماك «المبروك والبلطي» في بحري مويس وأبو الأخضر ب الشرقية    سوزي الأردنية وكيرو على ريد كاربت «الشاطر».. جدل حول حضور «التيكتوكرز» عروض الأفلام    عزيز مرقة يشعل المنافسة ل«الفانز» في أغنيته «شايفة إيه؟» (تفاصيل)    مفاجأة عاطفية.. توقعات برج الثور في النصف الثاني من يوليو 2025    الشركة المتحدة ولميس الحديدى يتفقان على عدم تجديد التعاون بينهما    محمد علي رزق: «فات الميعاد» من أمتع الكواليس اللي مريت بيها| خاص    "بيستهبل" لأحمد سعد بتوقيع فلبينو.. اسم الألبوم و4 أغاني مختلفة    تواصل مناهضة الفرق البريطانية لدعهما غزة .. إلغاء تأشيرات "بوب فيلان" الأمريكية بعد أغنية "الموت لإسرائيل"    توجيهات بتسهيل الإجراءات في المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين ب الغربية    البورصة تغرم 18 شركة 260 ألف جنيه لمخالفة قواعد قيد وشطب الأوراق المالية    شيخ الأزهر يؤكد الاستعداد لتقديم الدعم لعمل السفارات المصرية حول العالم    بين الحب والاتباع والبدعة.. ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف 2025؟    نائب وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمناقشة آخر مستجدات ملف السياحة العلاجية    محافظ شمال سيناء: مبادرة 100 يوم صحة نقلة نوعية لتوفير رعاية شاملة للمواطنين    مبادرة الألف يوم الذهبية.. نائب وزير الصحة في ندوة علمية بالمنيا لدعم الولادات الطبيعية    تقديم 1214 خدمة طبية مجانية خلال قافلة بقرية قصر هور في المنيا    النيابة تستعجل تقرير الحماية المدنية حول احتراق 96 مركبة بحضانات البتروكيماويات في الاسكندرية    رئيس الوزراء يوجه بالتعاون مع الدول الإفريقية فى تنفيذ مشروعات لتحقيق المصالح المشتركة    تسبب انكماش الدماغ.. طبيب يحذر من تناول هذه الأطعمة الثلاثة    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    بتوجيهات السيسي.. وزير الخارجية يكثف الاتصالات لخفض التصعيد في المنطقة    قتلى ومصابون جراء قصف روسي على عدة مناطق في أوكرانيا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفَذْلَكة

في الثالث والعشرين من رمضان الجاري، نُقلت صلاةُ الفجر على الهواء مباشرة من الجامع الأزهر الشريف، والمسلمون لم يُطلقوا وصف الشريف - على ما يبدو - إلا على ثلاثة أسماء: المصحف والحرم والأزهر، وذلك - في رأيي - لما لَمسوه من اجتماع شرف المبنى والمعنى مع شرف الغاية والوسيلة في الثلاثة، فالمصحفُ أَدَّبهم، والحرمُ جَمَّعهم، والأزهرُ علَّمهم.
وقبل أن يشرعَ الإمام في الصلاة، أعلن أنه سيقرأ برواية "رُوَيْس عن يعقوبَ الحضرميّ"، ويعقوبُ هذا: هو تاسع القراء العشرة المعتمدين بطريقة علمية، وقد كان أعلم أهل زمانه بالرواية والقراءات واللغة والفقه، حتى انتهت إليه رئاسة الإقراء بعد أبي عمرو، ومن أحذق أصحابه "رويس" و "روح".
[الشيخ محمد رشاد زغلول]
كان الإمامُ أحدَ شباب الأزهر الأكابر بعلمهم، حيث الخشوع مقترنًا بالإتقان على الرغم من بعد منهج القراءة عن رواية "حفص عن عاصم الكوفي" التي اعتدنا عليها. إلا أن القراءة كانت متأصلة فيه، تخرج من بين شفتيه سلسةً ناضجةً تُدرِكُ منها أن العلم عند هؤلاء تليد.
.. الفذلكة..
يقول اللغويون: إن الفذلكة مصدر الفعل (فَذْلَكَ) أي: أَجْمَلَ مَا فَصَّلَ. ولعل ذلك التعبير نُحت من فاء السببية واسم الإشارة: (ذلك)، فيقول أحدهم عند الانتهاء من تفصيل موضوع ومحاولة تلخيصه: فَذَلِكَ يعني كذا.. وقد كثرت الفذلكة عند البعض حتى صارت تفذلكا، فنجد من يحاول تحليل كل شيء، بمنطق وبلا منطق، بعلم وبغير علم. ونجد من يحاول تعديل الكون على حسب هواه ويرى أن ما يحويه رأسه الألمعي أهم وأرقى من علم الأوائل والمتأخرين معا. ونرى من ادخر من العلم نزرا يسيرًا، ويناطح العلماء بذلك النزر بل ويملأ منه فمه ويتشدق به فارضًا إياه على الجميع..
وللعامة ترمومتر حساس لهذه الأمراض النفسية، فيشمون رائحة المتفذلك من بعيد، فإن فتح حديثًا أغلقوه، وإن حضر في مجلس تركوه. ومَن منا لا يتحاشى فلانًا أو علانًا لكثرة صخبه بما لا يفيد.إن أيًّا من هؤلاء كفيل برفع ضغط المجتمع حتى الانفجار، وحري إذا مشى في طريق أن نتركه له فارغًا.
رواية أم دراية
أصابت الفذلكة كلَّ شيء، فصرنا نخترع العجلة من جديد.وليس أدل على عاقبة التفذلك من حال التعليم في السنوات الأخيرة، انحدارٌ تلو انحدار، وكل محاولة لإصلاحه لا تعدو كونها تفذلكا جديدًا، فقد تحطمت القيم التعليمية ولن يجدي في إصلاحها استخدام "تابلت" أو تخفيض منهج.. ولكن حين يتضح الهدف وتعود القيم من السهل أن تتطور الوسيلة.
وأضرب مثلا للفذلكة في مناهج التعليم بتجويد القرآن في المجتمعات الإسلامية، ، ، تقرأ اللافتات وتأتيك المنشورات في كل مسجد عن مكتب هنا ومكتب هناك لتعليم التجويد علي يد الشيخ فلان صاحب الإجازات و.. هكذا من أول وهلة، ترى أطفالا في عمر الزهور يذهبون ويعودون مثقلين بحفظ أحكام التجويد من (إظهار وإخفاء وإدغام وهمس و.. ) وشواهد ذلك من أشعار ومتون، ولمَّا يحفظوا من القرآن شيئا.. وتجد الآباء فرحين والأبناء تائهين.
وليس من هاهنا تؤكل الكتف، وإنما تؤكل من الأسفل إلى الأعلى، بعناية وتروٍّ، فلابد أن تستقر الرواية عند المتعلم استقرارًا كاملًا قبل البدء في أحكام الدراية، وهذه الطريقة هي التي وصل بها الكبار إلى مبتغاهم. فقراؤنا الكبار الذين أذهلوا العالم بجودتهم كان بعضهم لا يعرف من الأحكام شيئا ومع ذلك كان حجة بقراءته، إذ كانت الرواية سليمة، ثم ما أسهل أن تعلَّموا الأحكامَ بعد ذلك بلا مشقة أو عنت.
ولعل ما فعله إمام الجامع الأزهر لهو ردٌّ على قُرّاء المآتم المتفذلكين، الخارجين من قراءة إلى قراءة بلا رواية أو دراية، وإنما رغبة في التميز وادعاء للعلم.. وفرق كبير بين إناء ممتلئ يفيض منه الماء بسلاسة وإبداع، وآخر به قطرة ستتبخر مع أول شعاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.