أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن قضية مياه نهر النيل بالنسبة لمصر قضية حياة ووجود وبقاء للأجيال الحالية والقادمة، وأن الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لن تتهاون في التعامل مع هذه القضية بكل الجدية والصرامة المطلوبة للحفاظ علي حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل وتدفقها إلي ربوع البلاد. وطالب نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية -في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء- الشعب المصري بالالتفاف حول قيادته السياسية، وبأن يكون واثقاً أنها تعمل من أجل مصلحته وأنها قادرة علي الحفاظ علي الأمن القومي المصري في كافة القضايا وخاصة في قضية مياه نهر النيل التي تمثل الأولوية لمصر كلها. وأشار إلي أن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا التي أكد فيها أن "مياه النيل خط أحمر"، تم اختيارها وصياغتها بعناية شديدة وهي تعبير صادق يعكس موقف الشعب المصري كله، وأكد أن مصر لن تفرط في حقوقها المائية مهما ترتب علي ذلك من نتائج وأن عدم حل هذه الأزمة سوف يؤدي إلي حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بشكل لن يتخيله أحد. وقال إن معركة مصر الرئيسية هي معركة التفاوض، وإن مصر ما زالت تمد يديها بكل شفافية لإنجاح المفاوضات من أجل التوصل إلي اتفاق دائم وعادل وملزم بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، وليس أدل علي ذلك من مشاركة مصر من خلال وزيري الخارجية والري في مفاوضات كينشاسا التي دعا إليها الاتحاد الإفريقي خلال الأيام القليلة الماضية ولم تسفر عن أي نتائج. وأضاف أن خيارات الدولة المصرية تتمثل في التفاوض ومنح العملية التفاوضية كل الوقت اللازم من أجل التوصل لاتفاق يحقق مصالح الأطراف الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وليس أدل علي ذلك من أننا نتفاوض في هذه القضية منذ حوالي عشر سنوات وحتي الآن. وتابع "إذا وصلت الأمور إلي حالة من فشل العملية التفاوضية الجارية حالياً والتي أري أنها في أمتارها الأخيرة، واتجهت إثيوبيا للملء الثاني دون اتفاق، فإنني علي يقين من وجهة نظري أن مصر قادرة تماماً علي الحفاظ علي مصالحها وحقوقها وأمنها المائي بالشكل الذي تراه مناسباً، وهو نفس الأمر الذي ينطبق علي الموقف السوداني الذي يتطابق مع الموقف المصري". وأشار اللواء إبراهيم إلي أن قدماء المصريين كانوا يقدسون النيل ويعتبرونه شريان الحياة لمصر، وكانوا سباقين في تأكيد ارتباط النهر بوجود المصريين وبأمنهم القومي وأنهم منذ الأزل كانوا علي أهبة الاستعداد للدفاع عن هذه المياه المقدسة. وقال "وعلي كل من يتابع موضوع السد الأثيوبي في أي مكان في العالم أن يقف كثيرا عند تصريحات السيد الرئيس السيسي الواضحة والحاسمة منذ أيام قليلة وحتي اليوم بأن جميع الخيارات مفتوحة". وحول أزمة السفينة التي جنحت في قناة السويس، قال اللواء محمد إبراهيم "إن هذه الأزمة أظهرت أهمية هذا المجري الملاحي للعالم، وكانت كاشفة لعظمة مصر ومدي ما تتمتع به هذه الدولة العظيمة بكافة القدرات التي تمكنها من تحقيق أهدافها، وهذه هي مصر الحضارة". وأشار إلي أن مصر انتصرت في حرب أكتوبر المجيدة وحررت سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، ثم استعادت طابا بمعركة تفاوضية وقانونية شرسة، وتنفذ حالياً المشروعات العملاقة التي تتم علي أرض الواقع بشكل غير مسبوق، ونظمت احتفالاً مبهراً تحدث عنه العالم لنقل المومياوات الملكية إلي متحف الحضارة. وقال "قراءة مثل هذه الأحداث يجب أن تجعلنا كمصريين نطمئن بأن (مصر تستطيع) ليس شعاراً نتشدق به ولكنه حقيقة ماثلة أمام أعيننا وهذه هي الرسالة التي يجب أن يعيها كل من يحاول النيل من مصر في أي وقت وتحت أية ظروف". وأضاف أن مصر يقودها رئيس سياسي وطني قوي هو الرئيس عبد الفتاح السيسي علي رأس منظومة عمل جبارة تعمل ليل نهار، ولدينا شعب عظيم يدعم قيادته ومحب لبلده وهو علي استعداد لتحمل كل الصعاب من أجل أن يري دولته في مصاف الأمم المتقدمة. وتابع أن المشروع الذي تنفذه الدولة المصرية حالياً هو مشروع السلام والاستقرار والتنمية، وعلينا أن نتابع حركة المشروعات العملاقة التي تنفذها الدولة وسوف تنقل الدولة نقلة نوعية غير مسبوقة، فنحن لدينا رؤية متكاملة ومتوازنة في التعامل مع كل دول العالم تستند علي مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة. وقال اللواء إبراهيم "لدينا قوات مسلحة مصنفة كأحد أقوي جيوش العالم وقادرة علي أن تحمي الأمن القومي المصري في الداخل والخارج وتنفيذ أية مهام تكلفها بها القيادة السياسية بنجاح". وحول الملف الفلسطيني وجلسات الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة، قال اللواء محمد إبراهيم "لا شك أن جولتي الحوار الفلسطيني اللتين عقدتا في القاهرة خلال شهري فبراير ومارس الماضيين حققتا الأهداف المرجوة وخاصة الاتفاق بالإجماع علي كافة جوانب العملية الانتخابية التي ستتم أولي مراحلها وأقصد الانتخابات التشريعية في 24 مايو المقبل، وهذا في حد ذاته إنجاز لابد من الإشارة إليه في ظل المشكلات التي يعاني منها الوضع الفلسطيني بصفة عامة". وأضاف أن الفصائل الفلسطينية تعهدت في "ميثاق شرف" بالالتزام بنتائج الانتخابات أياً كانت، ومن المؤكد أن هذا هو أكبر إنجاز تحقق حيث أنه لا معني بأن تتم انتخابات دون أن يتم الالتزام مسبقاً بالنتائج التي سوف تسفر عنها. وأكد أن الدور المصري في القضية الفلسطينية رئيسي لا غني عنه حيث أنها قضية أمن قومي مصري، كما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص علي التأكيد في كافة المناسبات وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية علي أن الاستقرار في المنطقة يتطلب أن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية علي حدود الرابع من يونيو 1967 وطبقاً لمقررات الشرعية الدولية. وأوضح أن القضية الفلسطينية هي القضية العربية المحورية وستظل مصر أكثر الدول العربية التي تحمل الهم الفلسطيني وتسعي بكل جهد وضمير للوصول إلي الحل السياسي الذي يحقق طموحات الشعب الفلسطيني وهذا هو الدور الذي لن تتخلي عنه مصر مهما كانت الصعوبات والمعوقات. وقال "من الضروري أن تبدأ الدول العربية التحرك من الآن بقيادة مصرية من أجل إعادة الزخم للقضية الفلسطينية وأن يتم الاتفاق علي الأسس اللازمة لكيفية استئناف المفاوضات والاتفاق علي مرجعياتها والقضايا التي ستتم مناقشتها في إطار مفاوضات الوضع النهائي، حيث أنه بدون عملية تفاوضية حقيقية متواصلة لا يمكن الحديث حول عملية سلام من الأساس، كما أن علينا استثمار موقف الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة التي تؤمن بمبدأ حل الدولتين والتنسيق معها ودفعها إلي التنفيذ العملي لهذه الرؤية". وحول الأوضاع في ليبيا، قال اللواء إبراهيم "لا شك أن ليبيا تدخل في نطاق الدائرة الأولي لنطاق الأمن القومي المباشر لمصر الأمر الذي أدي إلي تحرك القيادة السياسية بقوة وفي الوقت المناسب للتوصل إلي حل سياسي للأزمة الليبية حتي تعود ليبيا دولة قوية وطنية موحدة ومستقرة، ومن هنا كان إعلان القاهرة الصادر في السادس من يونيو 2020 الذي ساهم بشكل كبير في وضع الأزمة الليبية علي طريق المسار السياسي الصحيح". وأضاف أن القاهرة استضافت العديد من الاجتماعات للجان الليبية الدستورية والعسكرية والاقتصادية حتي تتم بلورة حلول شاملة ومتفق عليها لكافة المشكلات المرتبطة بهذه الأزمة، مؤكدا أن مصر حريصة كل الحرص علي أن تدفع الجهود الحالية نحو توحيد المؤسسات الليبية وإخراج الميلشيات والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية. وتابع "في الجانب المقابل يجب أن أشير إلي أن الجانب الليبي علي ثقة كاملة بصدق وجدية التحركات المصرية لمساعدة ليبيا في كافة المجالات التي تحتاجها، ومن هنا كانت الزيارات الهامة التي قام بها كل من رئيس الوزراء الجديد عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلي القاهرة ولقائهما مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو ما يؤكد أن هناك صفحة جديدة يتم فتحها لحل الأزمة الليبية حلاً شاملاً، ومن الضروري أن يتكاتف الجميع من أجل دعم الحكومة الليبية الجديدة حتي نصل إلي مرحلة الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر من العام الحالي 2021". وحول الأزمة السورية، قال اللواء إبراهيم "من المؤكد أن الأوضاع التي آلت إليها سوريا تخصم بالسلب من رصيد القوة العربية وهو الأمر الذي يؤثر تأثيراً كبيراً علي الأمن القومي العربي، ولا شك أن أحد أهم المشكلات التي تعاني منها سوريا يتمثل في التدخل الأجنبي العسكري السافر الموجود علي الأراضي السورية ثم ما نراه الآن من محاولات عودة تنظيم داعش الإرهابي مرة أخري، ومن ثم فإن الأمر يتطلب أن تتكاتف الجهود العربية من أجل وضع سوريا علي مسار الحل السياسي وبالتالي يتم تمهيد المجال أمام عودتها مرة أخري للجامعة العربية لتكون قوة مضافة تدعم الموقف العربي ككل في مواجهة المخاطر الحالية".