عقد كامل مرّ علي المؤامرة الكونية التي سلطت علي سوريا في 15 مارس 2011. لم يكن ما حدث ثورة وإنما كانت مؤامرة تم نسجها أمريكيا وصهيونيا، وشاركت فيها دول في المنطقة تصدرتها تركيا. والهدف تدمير سوريا وتفتيتها تطبيقا لما سبق أن قاله "كولن باول" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، ففي معرض التبرير للغزو الأمريكي للعراق في العشرين من مارس 2003 خرج باول ليقول:" دخلنا العراق ليكون منطلقا لنا صوب دول المنطقة من أجل تغيير خريطة الشرق الأوسط بما يعزز مصالحنا ومصالح حلفائنا"، أي إسرائيل. ولا أدل علي ذلك من بدء أمريكا تسليط الضوء علي سوريا، بل وبعد شهرين من غزو العراق توجه "باول" إلي سوريا في شهرمايو لكي يملي عليها شروط إذعان تصدرها فصم العلاقة مع إيران. وكان طبيعيا ألا تخضع سوريا للمطالب الأمريكية وعندئذٍ بدأت أمريكا في تنفيذ المؤامرة التي كانت تهدف إلي الإطاحة بالنظام. جري التحضير الفعلي لتدمير سوريا. وفي عام 2007 تحديدا وضع المخطط لتنفيذ ذلك عبر محاولة الإطاحة بالنظام. ودخلت إسرائيل علي خط الأحداث في 2011 عندما قال "إيهود باراك" وزير الدفاع وقتئذ: "ينبغي علينا العمل مع المعارضة السورية لإسقاط النظام". وانبري " برهان غليون" رئيس المجلس الوطني السوري ليلتحف بمطالب أمريكا فيعد بقطع العلاقات مع إيران وحزب الله وكافة الفصائل الفلسطينية. وما لبثت الصراعات أن اندلعت لتغرق الدولة في دوامة حرب أهلية وقودها المؤامرة الكونية التي شرعت قوي غربية في انتقاء الأطراف التي تدعمها بالمال والسلاح، كما شاركت تركيا في تنفيذها عبر حشدها عناصر إرهابية منحت أطرافها الإيواء والتدريب ودعمتهم بالمال والسلاح لتطلقهم عبر حدودها إلي سوريا لتنفيذ مهمة إسقاط النظام. ولهذا كان الرئيس بشار علي حق عندما وصف ما يحدث بأنه إرهاب مدعوم من الخارج. وساهم ذلك في تدهور الأحوال وانتشار الفوضي لا سيما مع ظهور المنظمات الجهادية المتطرفة مثل داعش والقاعدة. في المقابل كانت روسياوإيران أكثر من دعم النظام السوري، حيث كان للأولي قواعد عسكرية في سوريا، وما لبثت أن أطلقت حملة جوية لدعم النظام في 2015 والتي كانت حاسمة في ترجيح كفة الحكومة في الحرب.أما إيران فدعمت النظام السوري بإنفاقها مليارات الدولارات. وفي مواجهة ذلك قامت كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا بدعم المعارضة. ومن ثم زاد الموقف تفاقما بالأزمة الإنسانية المصحوبة بتدهور اقتصادي غير مسبوق إذ انخفضت قيمة الليرة بشكل كبير ليصبح الدولار بأربعة آلاف ليرة، مما أدي إلي ارتفاع جنوني في أسعارالطعام. وأدت الحرب المسعورة التي تم تسليطها علي سوريا من أجل إسقاطها إلي مئات الآلاف من الوفيات، وليعاني أكثر من مليوني مدني من إصابات وإعاقات دائمة. وتوزعت أعداد المهجرين داخل البلاد وخارجها. وبحلول يناير 2021 قدرت الأممالمتحدة أعداد السوريين المحتاجين لمساعدات إنسانية داخل سوريا بنحو 14 مليونا من بينهم ستة ملايين في أمسّ الحاجة إليها. أما التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا فلقد شن ضربات جوية وأرسل قوات خاصة إلي سوريا منذ 2014 لمساعدة قوات سوريا الديموقراطية وهو تحالف من المقاتلين العرب والأكراد علي انتزاع الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش في شمال شرق البلاد. ورغم ما عانته سوريا من ويلات وتخريب ودمار من جراء التدخلات الخارجية فإن موازين القوي تبقي في صالح الدولة السورية والحكومة المركزية التي استعادت السيطرة علي أكبر المدن السورية. ويظل التعويل علي استقرار سوريا الحبيبة مرتبطا بالتوافق السوري السوري، فهو الركيزة والأساس للخروج من النفق المظلم الذي جاءت به التدخلات الأجنبية بالإضافة إلي فرض العقوبات علي سوريا. وعليه فإن النجاة ستكون هي الملاذ الأخير لسوريا ولن يحدث هذا إلا إذا رفع عنها الاحتلال والعقوبات، كما لا يمكن لأزمة سوريا أن تنتهي دون ضمان السيادة الكاملة للدولة ووحدة وسلامة أراضيها. حمي الله سوريا الحبيبة..