قال الشيخ صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، وعضو الاتحاد الدولي للغة العربية، في خلال حديثة ل " الأسبوع "، أن رفع وعرض أعمال العباد علي الله سبحانه وتعالي، يكون في أربعة أوقات، يوميًا، وأسبوعيًا، وسنويًا، وختاميًا، وقد دلت السنة علي ذلك، فأما دليل رفع الأعمال يوميًا وقت العصر والفجر، ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر، وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون» [رواه البخاري ومسلم]، ففي هذين الوقتين تُرفع الأعمال اليومية آخر كل يوم وليلة، فعمل النهار يُرفع في آخره، وعمل الليل يُرفع في آخره، وأما دليل رفع الأعمال أسبوعيًا يومي الإثنين والخميس، ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتي يصطلحا» [رواه مسلم] وفي حديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «تُعرض الأعمال علي الله يوم الإثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعرض عملي وأنا صائم» [رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد]، أي: أرغب وأود أن يُرفع عملي وأنا متلبس بطاعة. وأضاف «صفوت عمارة» أن رفع وعرض أعمال العباد علي الله عزَّ وجلَّ، سنويًا في شهر شعبان، ودليل ذلك ما جاء في حديث أسامة بن زيد، رضي الله عنهما، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلي رب العالمين، فأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائمٌ» [رواه النسائي]، فقد بيَّن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه يحب أن يكون صائمًا عندما يرفع عمله، لإحيائه بالطاعات وكذلك لشحذ الهمم قبل دخول شهر رمضان، وسبب غفلة الناس عن شهر شعبان أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عن شعبان، فصار مغفولاً عنه، وعمارة أوقات الغفلة بالطاعة أمر محبب عند الله عزَّ وجلَّ، وتُعرض الأعمال ختاميًا بعد انقضاء الأجل. وأوضح «عمارة» أنه ينبغي علينا أن نعلم أن رفع الأعمال لا يقتصر علي شهر شعبان وفقط، بل يكون بأربع صور، يومي وإسبوعي وسنوي وختامي، جمعها ابن القيم رحمه الله في قوله: "إن عمل العام يرفع في شعبان، ويعرض عمل الأسبوع يومي الإثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، وإذا انقضي الأجل رفع عمل العمر كله، وطويت صحيفة العمل". وأختتم «صفوت عمارة» حديثه فقال مع أن هذه الصحف تُكتب وتُرفع إلي الله عزَّ وجلَّ، إلا أنه تواب يحب التوابين، ولذلك فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلي أن تطلع الشمس من مغربِها، كما جاء في حديث أبي موسي الأشعري، رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «إن الله عزَّ وجلَّ يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتي تطلع الشمس من مغربها» [رواه مسلم]، فإذا تاب العبد توبة صادقة، تاب الله عليه، وبدَّل السيئات بالحسنات.