قال نائب رئيس مجلس الدولة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي إن حوادث الإرهاب علي المستوي الدولي تمثل أيديولوجيات دينية متطرفة تتناقض مع الطبيعة الإنسانية للأديان التي لم تستثن منها مجتمعا، مؤكدا أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأن الوضع الحالي يحتاج للحوار بين أتباع الأديان السماوية الثلاثة، لتصحيح فهم الأديان وفهم مقاصدها، حتي تعود القيم الروحية بين المجتمعات، والتعاون البناء المتبادل بين الشعوب. وأضاف خفاجي، في كلمته اليوم أمام المؤتمر الدولي "حوار الأديان والثقافات" الذي ينظمه المجلس الأعلي للشئون الإسلامية اليوم وغدا تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبرئاسة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ويشارك فيه 35 دولة و75 شخصية عالمية دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية، أن الحوار بين أتباع الأديان يجب أن يقوم علي فلسفة معينة ليكون تأثيره علي صنع السلام الإنساني فعالا ومنجزا، ويصبح سدا منيعا يحمي المجتمعات من التطرف والإرهاب، مشددا علي أن القطيعة بين الأديان ليست من الأخلاق الحميدة التي أمر الله تعالي عباده بها، وأن حوار الأديان يحقق السلام الإنساني النبيل. وشدد علي أن العمق التاريخي للإسلام الحنيف يشهد علي روعة التعايش والتسامح بين المسلمين وغيرهم وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال وتدعيم البناء التشاركي، لتحقيق السلام الإنساني بين المجتمعات تحت مظلة تعميق مفهوم المواطنة في كل دولة. ولفت إلي أن مكافحة الإرهاب لا يجب أن تعتمد علي القوة، بل بإذكاء الوعي الإنساني عن طريق حوار متعدد الجوانب لعلماء الدين والفكر والثقافة، مضيفا أن الحوار يقطع أواصر الخوف ويبدد مظاهره، ما يؤدي لظهور التناغم الاجتماعي والتعايش السلمي، بما يصون الكرامة لكل كائن بشري أيًّا كانت أصوله أو دينه. ونوه خفاجي، إلي وجود إرهاصات أولي عن مراكز الحوار للأديان بجهود طيبة لبعض البلاد العربية، قائلا: " لكنها لا تكفي لكي ينتج حوار الأديان آثاره المرجوة علي المستوي الأممي.. وأنه لتحقيق الغايات المرجوة من مراكز حوار الأديان يجب أن تكون هناك معاهدة دولية بين الأقطار المختلفة تضم مختلف الأمم المعنية بهذا الأمر لتتشارك فيما بينها ولا تنفرد". ومن جانبه، أكد الدكتور بوبكر باسارو توري، مدير جامعة الملك خالد بن عبد العزيز وعضو مجلس المشايخ والقبائل بمالي، إن الحوار بالنسبة للمسلمين فريضة واجبة وضرورة شرعية. وقال الدكتور توري، في بحثه المقدم بعنوان (المشترك الإنساني في ميزان السنة النبوية)، إنّ الحوار من المبادئ التي أرساها الإسلام وذلك لحاجة الناس إلي المحادثة بينهم، فالوالد يحتاج إلي الحوار مع ولده ليلقّنه القيم الاجتماعية والزوج يحاور زوجته ليقع التفاهم وحسن المعاشرة بينهما، والأمم في حاجة إلي تبادل الأفكار والتجارب والتحاور حول الأزمات لما يترتب عن ذلك من توطيد العلاقات الإنسانية وفسح المجال للسّلم والتقدم والازدهار بل وإعمار الأرض. وأكد أهمية القواسم المشتركة للإنسانية من خلال السنة النبوية، قائلا إن المفاهيم الإنسانية والقيم المشتركة تتوافق مع مفاهيم الشريعة الإسلامية وتعاليم السنة النبوية، فتصوّرات الإسلام التي تخصّ الحياة والإنسان والمجتمع يغلب عليها الطابع الإنساني الشامل لكلّ بني آدم من غير تمييز بينهم بسبب العرق واللغة والدين والجغرافيا. وركز الدكتور توري في بحثه علي عناصر أساسية للمشترك الإنساني، من بينها دعائم المشترك الإنساني من خلال السنة النبوية، والمفاهيم المستنتجة من السنة النبوية والتي يقوم عليها المشترك الإنساني، وثبوت مبدأ تكريم الإنسانية والوحدة الإنسانية، وعالمية الدعوة الإسلامية وكونية مضامينها، وإنسانية المفاهيم الإسلامية، وفطرة المحبة والرحمة والتضامن الاجتماعي. كما أكد ضرورة تفعيل الحوار في عصرنا هذا عبر وسائل شتي وذكر من بينها البعثات الأكاديمية المتبادلة قائلا: "يلاحظ أنّ كثيرا من الجامعات الإسلامية منخرطون في اتفاقيات التعامل في هذا الميدان فلا بد من التنويه بذلك وأخص بالذكر هنا البعثة المصرية بمالي التي تقوم بجهود جبارة في تبليغ المفاهيم الإسلامية الصحيحة ونشر وسطية الإسلام عن طريق محاضرات فصلية وندوات في مختلف الجامعات تحت رعاية السفارة المصرية بباماكو، وجهود كنيسة الفاتيكان في النهوض بحوار الأديان والثقافات تستحق التثمين، وممّا يساهم في نشر الحوار إنشاء المراكز الثقافية في داخل العالم الإسلامي وخارجه، ولا أنسي الدور الفعال الذي يمكن أن تقوم به الجاليات الإسلامية في الدول غير الإسلامية".