أكدت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أهمية التحول نحو الاقتصاد الأخضر، فهو يمثل أولوية قصوي لمصر لتحقيق رؤية 2030، متابعة أن إصلاحات تسعير الوقود والاستثمارات في مجمعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومشروعات تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين إلي غاز طبيعي، بالإضافة إلي التحول نحو النقل العام الذي يعمل بالكهرباء، كلها تهدف إلي تعزيز النمو المستدام وخلق المزيد من الوظائف اللائقة. وجاء ذلك خلال مشاركة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالنسخة الثانية من منتدي أسوان للسلام والتنمية المستدامة، والتي تنظمها مصر للعام الحالي خلال الفترة من 1 إلي 5 مارس الجاري، في ضوء ريادتها لموضوعات إعادة الإعمار والتنمية، مرحلة ما بعد النزاعات في إفريقيا، حيث شاركت السعيد خلال الجلسة رفيعة المستوي تحت عنوان "صياغة رؤية للواقع الإفريقي الجديد:نحو تعاف أقوي وبناء أفضل". وأوضحت السعيد استهداف مضاعفة الاستثمارات العامة الخضراء، لتصل إلي 30% في 2021 /2022 ثم 50% علي مدي السنوات الثلاث المقبلة (2024 /2025)، لافتة إلي تصديق مجلس الوزراء مؤخرا علي المعايير البيئية. وأشارت إلي إطلاق أول سنداتنا الخضراء، لتصبح مصر بذلك أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصدر سندات خضراء. وأكدت السعيد أن الاصلاحات الاقتصادية التي أنتجتها مصر منذ عام 2016 ساهمت كذلك في زيادة تنويع هيكل الاقتصاد، مما جعله أقل حساسية للصدمات، خاصة تلك التي تؤدي إلي تراجع السياحة، موضحة أن الأسس الاقتصادية القوية، والمتجلية في تلك المؤشرات، ساهمت في تعزيز مرونة الاقتصاد، ومنحت الحيز المالي لاتخاذ التدابير المناسبة، مما ساعد علي تحمل التداعيات غير المسبوقة لأزمة كوفيد -19. وحول السياسات التي اعتمدتها الحكومة المصرية خلال أزمة فيروس كورونا المستجد للتخفيف من تأثير الوباء، خاصة علي الفئات الأكثر ضعفاً قالت هالة السعيد إن استراتيجية الحكومة ركزت علي الحفاظ علي التوازن بين ضمان صحة المواطنين والحفاظ علي النشاط الاقتصادي، لافتة إلي تبني الحكومة المصرية استراتيجية استباقية في وقت مبكر للغاية، حيث اتخذت جميع الإجراءات اللازمة للتخفيف من الأثر السلبي للأزمة علي الشرائح الأكثر ضعفاً من السكان. وفي هذا السياق أوضحت السعيد أن الحكومة اعتمدت نهجًا يرتكز علي 3 أبعاد أولها يتمثل في تخفيف العبء عن القطاعات الأكثر تضررًا كقطاعات السياحة والطيران والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعة من خلال إجراءات مختلفة تضمنت خفض أسعار الفائدة وتأجيل الاستحقاقات الائتمانية والضرائب وسداد القروض والرسوم السيادية، مشيرة إلي أن البعد الثاني والذي يركز علي دعم العمالة غير المنتظمة من خلال صرف منح نقدية شهرية لمدة 6 أشهر، إضافة إلي إنشاء قاعدة بيانات شاملة لأكثر من 6 ملايين عامل لتمكينهم من الحصول علي وظائف لائقة. وأضافت السعيد أن البعد الثالث تمثل في إعادة ترتيب الأولويات، مع زيادة التركيز علي القطاعات والأنشطة المرنة، متابعة أن خطة الحكومة للاستثمار تهدف إلي زيادة الاستثمارات في رأس المال البشري، ولا سيما في التعليم والرعاية الصحية، مع التركيز علي بناء القدرات وتحسين أوضاع المدارس وإنشاء الجامعات التكنولوجية التطبيقية وتعزيز الارتباط باحتياجات سوق العمل، فضلًا عن زيادة الاستثمارات في قطاعي البنية التحتية والرقمنة، من أجل خلق النظام البيئي التكنولوجي والمعلوماتي للانتقال إلي العاصمة الإدارية وميكنة الخدمات المقدمة. وأشارت السعيد إلي تركيز الحكومة علي توطين الصناعة من خلال التوسع في المناطق الصناعية وتلبية الطلب المحلي وتوفير فرص التصدي، موضحة أن قطاع الخدمات اللوجستية يأتي كأحد القطاعات ذات الأولوية، لافتة إلي السعي نحو دعم تطوير سلاسل التوريد، والتحوط من الاضطرابات، خاصة بالنسبة للسلع الاستراتيجية مثل الأغذية والأدوية والتي اعتبرت ضرورية أثناء الوباء. ولفتت السعيد إلي إطلاق الحكومة مبادرة "حياة كريمة" لمساعدة القري الأكثر فقرًا بمبلغ إجمالي 500 مليار جنيه يستفيد منها 50 مليون مواطن، موضحة أن المبادرة حظيت بإشادة الأممالمتحدة وتم إدراجها بنجاح في الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة. وتابعت أن الحكومة شددت علي أهمية التواصل بشفافية وفعالية خلال الجائحة، لافتة إلي المؤتمرات الصحفية الأسبوعية التي عقدها رئيس الوزراء من أجل ضمان ترابط الرسائل الحكومية والمساعدة في تعزيز ثقة المواطن ومشاركته في السياسات العامة التي تم سنها. وأكدت السعيد أن الإجراءات المتخذة كانت حاسمة حيث مكنت مصر من أن تكون واحدة من الاقتصادات النامية القليلة للغاية خلال الأزمة، موضحة أن معدل النمو استطاع تحقيق نسبة 3.57% خلال العام الماضي 2019 /2020. ونوهت بأنه كان من الممكن أن يكون معدل النمو 1.9% لولا التدخل الحكومي، مضيفة أن معدل البطالة يبلغ حاليًا 7.2% انخفاضًا من 9.6% في الربع الرابع من العام السابق، فضلًا عن ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لتصل إلي 40.1 مليار دولار تغطي 7.3 شهرًا من الواردات، بعد انخفاضها إلي 36 مليار دولار في مايو الماضي، خلال المرحلة الأولي من الوباء، إلي جانب انخفاض التضخم أيضًا إلي 4.8% في يناير 2021 مقارنة ب 6% في مايو 2020. وحول السياسات التي اعتمدتها الحكومة المصرية خلال أزمة فيروس كورونا (كوفيد -19) لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلي إطلاق "رؤية مصر 2030" في 2016، وهي النسخة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة من خلال نهج تشاركي يضم الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، حيث تتسق هذه الرؤية أيضًا مع الأجندة الأفريقية 2063 "أفريقيا التي نريدها، متابعة أن مصر تعطي أولوية لمعالجة الفجوات التنموية الداخلية من خلال توطين أهداف التنمية المستدامة في المحافظات المصرية المختلفة، والاستفادة من مزاياها النسبية، لافتة إلي جهود وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في هذا الشأن حيث تعمل الوزارة علي تطوير مؤشر التنافسية الإقليمية. وأوضحت السعيد أن الوزارة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ستقوم بإطلاق منصة معرفية تسهل تحديد وتبادل الخبرات والدروس المستفادة وأفضل الممارسات في خلق فرص العمل وكذلك في بناء القدرات، وكذا الحماية الاجتماعية وأمن الغذاء، موضحة أن المبادرة ستتضمن تنفيذ عددًا من الأنشطة تتمثل في اتساق أجندة التنمية الوطنية والإقليمية مع أهداف التنمية المستدامة، وتوفير الدعم الفني فيما يخص المراجعات الوطنية الطوعية (VNRs) وتعزيز خلق فرص العمل في إفريقيا من خلال تنفيذ "مبادرة مليون وظيفة" التي تسعي إلي خلق مليون فرصة عمل جديدة في إفريقيا. وأوضحت السعيد أن الجائحة أكدت أهمية الحاجة إلي توسيع التجارة بين بلداننا، وأنه نظراً لموقع مصر الفريد، فمصر علي استعداد لتسهيل الصادرات بين مختلف المناطق في إفريقيا والجنوب العالمي، مؤكدة استعداد مصر لمشاركة أفضل الممارسات التي اتخذتهال لتخفيف من آثار جائحة كوفيد 19، وبناء القدرات في تخطيط ومتابعة وتقييم أهداف التنمية المستدامة. واختتمت السعيد، قائلة" إنه فقط من خلال الالتزام الحقيقي والإرادة السياسية والتضامن بين مختلف أصحاب المصلحة عبر الحكومات والمؤسسات المالية الدولية والشركات والمجتمع المدني، يمكننا التعافي بشكل أسرع وإعادة البناء للخروج بشكل أقوي من هذه الأزمة". وتهدف الجلسة إلي دراسة إمكانية أن تسهم مسارات التعافي بشكل أقوي وإعادة البناء بشكل أفضل في التقدم نحو تحقيق أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي وخطة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 خاصة في ضوء التحديات غير المسبوقة التي تفرضها جائحة كورونا علي القارة الإفريقية، والقيادة الرشيدة التي أظهرها القادة الأفارقة والاتحاد الإفريقي في الاستجابة لهذه التحديات. وتهدف النسخة الثانية من منتدي أسوان للسلام والتنمية المستدامة إلي طرح أجندة إيجابية وطموحة لقارة إفريقيا في مرحلة ما بعد وباء کوفيد-19 من خلال تعزيز القيادة الحاسمة والاستجابات والسياسات المبتكرة للأزمات، وذلك استنادا إلي استخلاصات النسخة الأولي من المنتدي. ويضم المنتدي، قادة الحكومات الإفريقية والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلي أصحاب الرؤي والعلماء وكبار الخبراء والممارسين، للمشاركة في نقاشات عملية ومحددة السياق وطرح رؤي استشرافية للتهديدات والتحديات الجديدة، وكذلك استطلاع الفرص المستقبلية.