أشاد فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة والتي تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية في كافة المجالات. وقال مفتي الجمهورية في تصريحات الليلة، إن فقه الدولة في الوقت الحاضر القائم علي العمران والتنمية ينبغي الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم فعقب إعلان "وثيقة المدينة" عمل علي تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسي لِما للدولة من أهمية في النهوض الحضاري، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفي ذلك دلالة واضحة علي أهمية بناء الدولة علي أسس متينة من السمو الروحي والرقي الأخلاقي والتطور الحضاري. وأوضح أن هناك ارتباطا وثيقا بين مفهوم فقه الدولة وإنجازاتها، فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل علي تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدي الإنسان والتناغم مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا، وكل هذا مقوم أساسي للعمران والتنمية والتقدم الحضاري المنضبط، مؤكدا أن الدول التي تركز علي الجانب الأخلاقي وتنمية الضمير والإيمان والرقابة الذاتية، تكون بذلك قد قامت بأكبر إنجاز إنساني ممكن في التاريخ لأن كل ذلك بواعث علي الإنجاز المادي والتنموي والعمراني. ولفت مفتي الجمهورية النظر إلي أن تنمية الوازع الديني لدي الفرد لا يتعارض مطلقًا مع الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب، حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الفساد، ومن أجل الرقيِّ بمصر، فدور كل منهما مكمل للآخر، مشيرا إلي أن أفضل البرامج والمناهج التي يمكن أن تعين الإنسان هي المتناغمة ما بين المنهج الروحي والمنهج المادي وهذا ما أكدته أحدث الدراسات في هذا الشأن وهذا يتفق تمامًا مع المنهج النبوي الشريف فلم يكن متعبدًا كل وقته ولم يكن غارقًا في تسيير شئون الناس، بل كان متوازنًا طول حياته وبرغم حثه علي التقوي والعبادة إلا أنه كان يشيد بأصحاب الأعمال والمهن، مرسخًا بذلك الموازنة بين الروحانيات والماديات. وأضاف أن فقه الإنجاز في مجمله من فروض الكفاية، فلو قام بالعمل المطلوب فئة قليلة سقط الإلزام عن الباقي إلا أن الإسلام أعطي الثواب للجميع، فالجميع في الثواب سواء. وعن دعاوي المغرضين التي تنال من مؤسسات الدولة ومنها دار الإفتاء المصرية.. قال مفتي الجمهورية إن المؤسسات الوطنية تسير وفق خططها التي وضعتها ولا تلتفت لمن يشكك أو يحبط، فالشعب المصري قد وعي الدرس وعرف أن العمل الجاد وتحقيق التنمية هي الهدف المنشود، وأن تصرفات المرء تجاه وطنه وأمته إنما تقاس بمقدار ما عنده من قيم راسخة وأخلاق متجذرة، أثمر عنها الإيمان والعمل الصالح، فإذا وجدنا خللًا في الربط بين هذين الأمرين -خاصة في وقت الأزمات- بأن ادعي أحد أنه إنما يرتسم طريق القيم والأخلاق انطلاقًا من إيمانه، ثم رأيناه يكيد لأمته ووطنه، أدركنا بداهةً مدي التناقضِ بين تصرفه وما يقوله ويدعيه. واستنكر مفتي الجمهورية الاتهامات التي يوجِّهها المغرضون من أعداء الدولة المصرية والهاربون في الخارج إلي المؤسسات الدينية في مصر، ومن بينها دار الإفتاء المصرية، متسائلًا: "هل في مفرداتنا أن العداء للدولة هو من صفات العلماء؟!" موضحًا أنه ليس من معايير العالم الشرعي أن يخالَف وليُّ الأمر ولا القوانين ما دامت لا تتعارض مع صحيح الدين، بل أن الشرع يلزمه بالتعاون مع وليُّ الأمر واحترام القوانين طالما لا يوجد تعارض مع الضوابط الشرعية. وأردف قائلًا: "إن فقه الإنجاز يتطلب وضع الخطط المدروسة ثم مراجعة ما تم من أعمال ومشروعات، فها نحن في دار الإفتاء المصرية حريصون كل الحرص في ختام كل عام علي أن نقدم كشف حساب لما حققناه من أعمال وإنجازات، وهذا المسلك أخذناه من الشرع الشريف، حتي الخطط يجب أن تكون مدروسة وهذا أمر مترسخ في سياسات الدول المتقدمة، بل موجود في العمارة الإسلامية التي بناها المسلمون في عصور الازدهار، فنجد التوأمة والارتباط فيما بين المنطق الأخلاقي والديني ومنطق اللا ضرر ولا ضرار فنجد مثلًا المهندس يدقق كثيرا في معايير التهوية وفق خصوصيات الجار خشية الاطلاع علي عوراته، وهذه الخلفية الأخلاقية ورثها المهندس الحديث وصارت ثقافة عنده، وكذلك الطبيب قديمًا كان لا يتأخر عن إسعاف المريض في وقت متأخر فأصبحت ثقافة راسخة عنده ومن أخلاقيات المهنة وتناقلها جيل عن جيل إلي وقتنا الحاضر فنجد الأطقم الطيبة يبذلون ويضحون بكل ما يملكون لإنقاذ مرضي فيروس كورونا، فكل هذه المعايير الأخلاقية منبعها الوازع الديني والضمير الحي والرقابة الذاتية والتي تُعد من مقومات تحقيق الإنجاز في كل المجالات المعاصرة. وعن حكم تعجيل الزكاة وتقديمها عن موعدها.. أوضح مفتي الجمهورية أنه لا حرج في إخراج الزكاة مقدمًا وكذلك إخراج زكاة هذا العام والعام المقبل، لتحقيق المصلحة الشرعية، لافتا إلي أن هناك فتاوي بمشروعية ذلك صدرت من دار الافتاء خلال الفترة الماضية. وأكد أن الرسول أخذ من عمه العباس زكاة سنتين قادمتين في ظرف معين استدعي التقديم وهو ما يؤكد مشروعية ذلك في الظرف الاستثنائي الذي نمر به ويمر به العالم، فالظروف الاستثنائية لها أحكام خاصة استثنائية ثم تعود لحالتها الطبيعية بعد انتهاء هذه الظروف. وحول حكم الشرع في عدم إخراج المزكي زكاته لجهة أو مؤسسة طبية أو خيرية معينة وتفضيل إخراجها لشخص معين يحتاج للمال، قال مفتي الجمهورية:"نحن نعطي متسعا وخاصة في القري فغالبًا الناس يعلمون حال بعض، ومن الحرج والصعوبة إخراجها لمكان آخر، ولكن الحال قد يختلف في المدن والحضر فالأفضل إخراجها للمؤسسات أو الجهات الموثوق فيها والتي تقوم بأعمال نافعة للناس، وخاصة إذا لم يكن يعلم المزكي شخصًا بعينه يستحقها".