»إذا فتح الله عليكم مصر.. فاتخذوا منها جندا كثيفا.. فإنهم خير أجناد الأرض..« .. هكذا قالها الفاروق عمر بن الخطاب إلي عمرو بن العاص.. كلمات صادقة نعتز بها نحن مقاتلى قواتكم المسلحة »الصامدون.. الصامتون« فمنذ قيام الثورة المصرية عام 1952التى قام بها جيشنا المصرى الوطنى وساندها شعبنا المصرى العظيم.. وحتى قيام أعظم ثورة فى التاريخ 25 يناير 2011 التى قام بها شعبنا المصرى وساندتها قواتكم المسلحة المصرية لم يسجل التاريخ محاولة واحدة للجيش المصرى للإطاحة بالنظام والاستيلاء على السلطة.. فمهمة الجيش المقدسة أعمق وأهم طالما وجد عدو صهيونى جاثم على الأرض الفلسطينية فنحن فى رباط إلى يوم الدين »ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة« صدق الله العظيم.. لقد كانت الاطاحة بالرئيس المخلوع أمرا ميسورا.. كما أن اجهاض ثورة 25 يناير 2011 كان فى متناول الجيش لو كان يطمع فى السلطة.. ولم يفكر الجيش فى الانقضاض طمعا فى السلطة أو اجهاض الثورة العظيمة.. بل حماها وساندها منذ اللحظة الأولى.. والأمثلة قريبة ومؤسفة فى كل من ليبيا وسوريا واليمن.. إلخ.. ولكن جيشكم الوطنى بات وسيظل وفيا لشعبه الأبى.. وفيا للدفاع عن تراب هذا البلد العظيم.. وسيظل جيشكم الوطنى وقيادته المتمثلة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤسسة متماسكة مهما حاول المغرضون من أعداء الثورة. لقد وعد الجيش بتسليم السلطة فور استكمال المؤسسات المدنية للدولة ولم يتبق سوى »انتخاب الرئيس وصياغة الدستور « وتحدد جدول زمنى ينتهى فى 30 يونيو 2012 »وإن غدا لناظره قريب« فنوايا الجيش صادقة بالرغم من بعض الأخطاء السياسية والإدارية غير المتعمدة.. .. لقد خاض جيشكم الوطنى أشرف المعارك فى سبيل العزة والكرامة وذاقوا ويلات خمس حروب خلال خمسة وعشرين عاما فقط، بدءا من الجولة العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 حينما تمكنت قواتنا المسلحة من الوصول إلى عمق فلسطينالمحتلة لولا تنصل الجيوش العربية واحدا تلو الآخر وتركوا القوات المصرية فى الميدان بمفردها.. ثم العدوان الثلاثى عام 1956 (انجلترا فرنسا إسرائىل) والذى تجلت فيه بطولة أهالينا فى بورسعيد بمقاومة باسلة.. مرورا بالعدوان الإسرائيلى المدعوم من الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1967 والذى يمثل درسا قاسيا ومريرا حين اختلس العدو نصرا لا يستحقه متجنبا المواجهة مع قواتنا.. لقد استوعبنا الدرس وبدأنا حرب التحرير بمعارك استنزاف طاحنة (1967 1972) منذ الأيام الأولى بعد النكسة ممثلا فى معركة رأس العش فى أول يوليو 1967.. حين تمكنت مجموعة صغيرة من قوات الصاعقة المصرية توقف أرتال العدو المدرعة يساندها قصف جوى ومدفعى عنيف طمعا فى الوصول إلى بور فؤاد إلا أن مجموعة الصاعقة المصرية كبدتها خسائر فادحة وأجبرتها على التراجع.. لتثبت أن النصر عند المواجهة حليف المقاتل المصرى الجسور »خير أجناد الأرض«.. وفي 13 يوليو 1967 أسرنا أول أسيرين إسرائيليين هما »الملازم بحرى فروفلاكس إبراهام، والرقيب يعقوب كاهالوتى« لتحبط محاولة »موشى ديان« فى فرض أمر واقع بتحريك زورق إسرائيلى كدورية فى قناة السويس. .. وفى 14 يوليو 1967 تمكنت طائرة الميج المصرىة من اسقاط طائرتين ميراج إسرائيلية لتثبت أن كفاءة المقاتل المصرى تعوض الفارق النوعى فى السلاح.. لقد حرمنا العدو من أن ينعم لحظة واحدة من تواجده على الضفة الشرقية للقناة وأذقناه مرارة العدوان على أرض الغير.. هاجمناه ليلا نهارا ومن كل اتجاه وكبدناه خسائر لا يمكن تحملها.. كانوا يفرون أمامنا كالفئران فى كل مواجهة.. وتوالت الأحداث حتى يوم 21 أكتوبر 1967عندما أغرقت قواتنا البحرية المدمرة الإسرائيلية »إيلات«. وفى 28 يناير 1968 أغرقنا غواصتهم وعلى متنها »80 بحارا إسرائيليا« ثم معارك المدفعية العنيفة التى كانت تدك خط بارليف.. وقصة البطولة والفداء للشهيد البطل الفريق أول عبدالمنعم رياض الذى استشهد فى 9 مارس 1969 بين جنوده وضباطه ليثبت تلاحم القائد والجندى فى بوتقة واحدة. وصلت أيادينا إلى حفارهم وهو فى طريقه جنوب البحر الأحمر ودمرنا قطعهم البحرية فى عقر دارهم »ميناء إيلات«.. وتوالت العمليات القتالية لتضيف أسرى جددا فيها هو الأسير »الرائد دان افيندان شمعون« عام 1968.. ثم الأسيران »الرقيب ياتير دورى« الذى شرفت بالمشاركة فى أسره واستجوابه و»العريف دافيد بنحاس« من قوة اللواء 35 المظلى يوم 30 مايو 1970 من منطقة الكاب والتينة جنوب بور فؤاد لتلقن العدول دروسا فى فنون القتال قبل طردهم بلا رجعة خلال انتصارات أكتوبر المجيدة عام 1973.. التى شرفت بأن أكون أحد المقاتلين الذين شاركوا فى تحرير القنطرة شرق لنتذكر معا استسلام »34 فردا« هم قوة النقطة الإسرائىلية رقم (3) بالنقطرة وقيام قائد الموقع الإسلرائيلى برفع العلم الأبيض وتأدية التحية العسكرية للقائد المصرى الجسور.. قصص البطولة والفداء لا تنضب والأسرار والمواقف القتالية للمقاتل المصرى لا نهاية لها والمجال لا يتسع هنا لسرد تفاصيل خطة الخداع الاستراتيجى التى أذهلت العالم وجعلت المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلى أضحوكة.. وابعاد قرار استبعاد الخبراء السوفيت.. وعن تضحيات الشعب المصرى البطل فى تجهيز مسرح العمليات للحرب.. ثم التهديد النووى الذى صاحب إدارة المعركة العسكرىة.. وحصار القوات الإسرائيلية فى الثغرة وتعرضها للتدمير لولا التلويح الأمريكى بالتدخل المباشر إذا بدأنا فى تصفيتها وتدخل كيسنجر لنجدة القوات الإسرائيلىة بأن تسمح قواتنا المسلحة بانسحابها شرقا لإنقاذه 19 من تدمير محقق.. وعن شراسة المعركة التفاوضية وصلابة رجالنا فى قضية التحكيم الدولى.. والكثير والكثير من أمجاد وبطولات التحم فيها القائد والجندى والجيش والشعب فى بوتقة واحدة حتى تطهير أرضنا من الاحتلال البغيض. لذلك.. تأملنا كثيرًا نحن مقاتلي معارك الاستنزاف الطاحنة وانتصارات أكتوبر »بالرغم من أننا ضباط خارج نطاق الخدمة« .. تأملنا من عبارة »يسقط حكم العسكر....؟« فكلمة »العسكر« كلمة مبتذلة لا تتناسب مع أبنائكم مقاتلي قواتكم المسلحة .. فقد أطلقت هذه الكلمة في عصر المماليك منذ القرن الثاني عشر حتي القرن الخامس عشر الميلادي عندما تطلب الأمر بناء جيش لحمايتهم فتكون من جنسيات مختلفة »أتراك روم تركمان أكراد شركس.....« واقتصر دخول الجيش من المصريين علي »الحرفيين ورجال الدين« وكلمة العسكر كانت تطلق علي رجال السلطان في الجيش المملوكي ونحن كمقاتلين نرفض هذه التسمية المعيبة.. »فنحن أبناء هذا الشعب العظيم.. شعب وجيش يد واحدة« .. وحكومة »طرة لاند« هي المستفيد الأول من الوقيعة بين الجيش والشعب.. لقد تخيل البعض أن استفزاز جيشنا الوطني أو التطاول علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة سوف يضفي عليهم بعدًا وطنيًا.. وهذا أمر مؤسف يدل علي أن مصرنا الغالية تتعرض لمخطط عنيف يكاد يعصف بآخر مؤسسات بلدنا وصولاً إلي فوضي عارمة تديرها منظمة عالمية تحت ستار الدين تدعي الإخوان المسلمون فأجهزة الاتصال وفرص التآمر الجماعي في هذا التنظيم العالمي ميسورة.. فضلاً عن أن النظام الفاسد السابق مازال قائمًا مع توفر التمويل الكافي لتحريك الشبيحة والبلطجية وأعداء الثورة من المتزمتين الجدد الذين انقضوا علي هذه الثورة متشدقين بشرعية الصندوق ومتجاهلين شرعية الانجازات ومصداقية التعهدات. وختامًا إلي شعبنا المصري العظيم.. فنحن جنود قواتكم المسلحة نعاتب كل من أطلق علينا كلمة »العسكر« ونعتز بأننا »جنود مقاتلون« ولسنا »عسكر السلطان« خلقنا للدفاع عن هذا البلد العظيم.. فتحية لأرواح الشهداء الأبرار الذين ضحوا من أجل الحرية والكرامة والعزة سواء في انتصارات أكتوبر عام 1973 أو شهداء ثورة 25 يناير 2011 العظيمة.. وشهداء ثورة 30 يونيو 2013 فالثورة من النظام المخلوع علي جناية الفساد السياسى والاجتماعي.. ولابد أن تستعيد قوي الثورة عافيتها وتنقي صفوفها من العملاء وأن تعري المندسين بينها من البلطجية وأعداء الثورة العظيمة المستترين تحت عباءة الدين والدين منهم براء. وعلي الله قصد السبيل.. لواء أحمد العشماوي أحد مقاتلي معارك الاستنزاف وانتصارات أكتوبر المجيدة