ينعق البوم.. والغربان.. تأبى إلا أن تجرَّ مصر إلى «بحر المهالك».. دقات قلوبنا تنبض بعشق الوطن.. نجترُّ قولًا، وشعرًا، ونثرًا، يرسم ملامح الصورة الوضاءة، لمصر الخالدة.. التى يدفعها «غرباء العصر» صوب «أنهار الدم» غير مدركين أن «القاهرة» التى قهرت «غزاة الخارج» سوف تقهر بإرادة أحرارها «غزاة الداخل».. «مصر» التى تغزل فيها العبقرى «صلاح جاهين» حين قال عنها فى قصيدته الرائعة «على اسم مصر»: على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء أنا مصر عندى أحب وأجمل الأشياء باحبها وهى مالكة الأرض شرق وغرب وباحبها وهى مرمية جريحة حرب وباحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء وأكرهها وألعن أبوها بعشق زى الداء وأسيبها وأطفش فى درب وتبقى هى ف درب وتلتفت تلاقينى جنبها فى الكرب والنبض ينفض عروقى بألف نغمة وضرب «مصر» الكوكب الدرى، وأم الحضارات، هى التى نظم لها د.عائض القرنى أبياتًا من الشعر، قال فيها: يا مصر أنت كوكبة العصر وكتيبة النصر وإيوان القصر أنت أم الحضارة ورائدة المهارة ومنطلق الجدارة من أين نبدأ يا مصر الكلام؟ وكيف نلقى عليك السلام قبل وقفة الاحترام؟ لأن فى عينيك الأيام والأعلام والأقلام والأعوام يا مصر أنت صاحبة القبول والجاه كم من قلب فيك ما شجاه نحن جئنا ببضاعة مزجاه صارت إلى مصر أحلامى وأشواقى وهلّ دمعى فصرت الشارب الساقى وفى ضلوعى أحاديث مرتلة ومصر غاية آمالى وترياقى «مصر» التى كتب عنها الشاعر «محمد عبدالله عبدالحليم» قصيدته «رشفة النجاة» وكأنه يخاطب حالها، وحال شبابها على ما هى فيه اليوم.. مناديًا فى قصيدته: يا أيها الشباب الفجر قد بدا لكم والغدر يعدو خلفكم لكنكم أمامه علاه وفى أكفكم وسيلة الحياه اليوم قد تكشفت جباهه والنور قد تلقى رسالة انطلاقه إلى مداه فلترتشفْ قلوبكم من قبضة الأكفَّ رشفة النجاه ولتستعدْ جباهكم قاماتها قد راح عصر ميلكم بهذه الجباه ولترتفع أصواتُكم فإن فى حناجركم دوىَّ الحق يصرخ معلنًا مصارع الطغاه تستعذب السماءُ صوتَكم تستشعرُ النجومُ نبضَكم وترصد الأقمار أحلامَ البكور فى.. موجاتها ومن كل اتجاه فلتغتذى حرية الأفلاك جاهها من صوتكم فأى جاه لسوف تورق الرؤى التى سطَّرتموها من بعيد سنبلا وزهورَ عطر يملأ الدنيا شذاه وسوف ينبت الرجال عند كل قطرة جرت من دم الشهيد بأرضنا بمصرنا التى غدت تغنى بعدُ ألحان الكرامة دونما شفاه هى «مصر» التى وُجدت منذ فجر التاريخ، وأشعَّت بضوئها على الدنيا، وكانت عبر عقود من الزمان، موطنَ النور، ومبعثَ الإلهام للبشرية فلمن لا يعرفون قدر مصر، نقول: إن مصر هى التى ضحت عبر التاريخ، ولم تطلب مقابلًا مصر التى علَّمت مليون طالب عربى بجامعة القاهرة، دون رسوم جامعية مصر التى تبعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية «لغة القرآن» للدول العربية مصر التى مهَّدت أول طريق «مسفلت» إلى «مكةالمكرمة» كهدية منها مصر هى التى قادت حركات التحرر العربى، وكانت صوتًا لكل الأحرار مصر التى أنتجت كل الفنون فى الشعر والأدب والقصة والمسرح والصحافة وغيرها مصر التى تألقت فى الريادة القومية، كما تألقت فى الريادة الإسلامية مصر الأزهر التى نشرت الدعوة فى مناطق شتى من العالم مصر التى أعادت بناء جيشها بعد النكسة، فحوَّلته من «رماد» إلى «مارد» مصر التى قهرت أسطورة الأعداء، وحطمت خط بارليف مصر التى كان لها دستور منذ القرن ما قبل الماضى لمصر قدرة غريبة على تحقيق المعجزات البطل صلاح الدين الأيوبى حقق النصر العظيم بمصر وشجرة الدر.. المملوكة الأرمنية أبت إلا أن تكون راية الإسلام مرفوعة قادت الجيوش لصد الحملة الصليبية وأسرت الملك «لويس التاسع»