في خطوة استباقية نجح الجيش السوداني في استعادة إقليم الفشقة من تحت أيدي الميليشيات الإثيوبية. وتمكن الجيش السوداني من دخول الاقليم لأول مرة منذ عام 1957وكانت الميليشيات الاإثيوبية قد سيطرت على تلك المساحات الشاسعة من الاراضي الزراعية الخصبة التي تصل الى 600 الف فدان على طول الحدود مع إثيوبيا بامتداد 168 كيلو مترا وطوال هذه الفترة كان الزراع الاثيوبيون يسطون على الاراضي والزراعات والحصاد السوداني بمساعدة ميليشيات الفشقة المسلحة وعجز الجيش السوداني عن حماية المزارعين امام سطوة تلك العصبات المسلحة والتي كانت تتلقى دعما مباشرا من الجيش الاثيوبي, وكاد الصراع يتحول الى صدام مباشر بين الجيشين السوداني والاثيوبي في منتصف العام الجاري بسبب دخول ضباط وجنود مسلحين بأسلحة ثقيلة الى داخل الاقليم الذي يتبع ولاية الفضارف السودانية. وعندما تحرك الجيش السوداني لصد هذا التدخل والاعتداء علي أراضيه سارعت رئاسة الاركان الاثيوبية وقادة الجيش بالوصول الى الخرطوم لمنع تدهور الموقف واشعال حرب واسعة ومع اندلاع الحرب الاهلية بين الجيش الاثيوبي وقبائل التيجراي تدفق عشرات الالاف من اللاجئين الاثيوبيين على اقليم الفشقة مما شكل تهديدا بفرض سياسة الامر الواقع والتي تحترف اللعب بها اديس ابابا عبر عسكرة هؤلاء في الاقليم لمدد طويلة مما يساند المزاعم بإثيوبية اقليم الفشقة السوداني. وهكذا تنبه صناع القرار في الخرطوم لهذه اللعبة الإثيوبية الخبيثة التي تترك عشرات الالاف من المسلحين والمدنيين يستقرون في هذا الاقليم وبدعم دولي بحجه تقديم الاعانات والمساعدات الانسانية لهم. وفي خطوة مدروسة تم فتح معسكر الراكوبة الى داخل الاراضي السودانية وبعيدا عن اقليم الفشقة ويتم نقل وترحيل جميع اللاجئين الى الداخل السودان ليحل بدلا منهم الجيش السوداني. ويرى عدد من المراقبين ان انتهاء الصراعات الداخلية وعقد اتفاق سلام مع الحركات المسلحة في دارفور, والنيل الازرق, وجنوب كردفان, هو ما سمح لتفرغ الجيش السوداني للدفاع عن الحدود واستعادة الاراضي المسلوبة خاصة أن الحروب الاهلية في السودان التي مزقت البلاد واستنزفت ثرواته قد استمرت اكثر من نصف قرن ولم تسمح للجيش بالحفاظ على حدوده بعد أن أنهكته تلك الصراعات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وجنوب كردفان ومن قبل ذلك في جنوب السودان. ويعد انتشار الجيش السوداني في هذه المنطقة الشرقية خطوة كبرى لحماية الامن القومي السوداني من نقل الصراع الاهلي في اثيوبيا الى المناطق القريبة من سد النهضة وهو ما يهدد بفناء الشعب السوداني بأكمله اذا ما تفجر النزاع المسلح في هذه المنطقة وامتد الى سد النهضة الذي سيبتلع كل السودان اذا ما تعرض لهجمات مسلحة وانهار. وأفادت مصادر سودانية ان الجيش السوداني قد استوقف عددا كبيرا من المسلحين من بين اللاجئين وقام بنزع اسلحتهم وتخييرهم بين العودة الى الاراضي الإثيوبية او الدخول في معسكر سوداني خاص بهم. كما نجحت قوات الامن بالكشف عن مئات المتهمين بقضايا تهريب سلاح ومخدرات وتهريب بشر كانوا يندسون بين اللاجئين. ويبدو أن هذا هو الأثر الاول والأهم لانتهاء الحرب الاهلية في السودان.