تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يقف أردوغان وراء الانقلاب علي أبوبكر كيتا في مالي ؟

علي المستوي الإقليمي والدولي أصبحت تركيا مسئولة إلي حد كبير عن النزعات والأزمات والانقلابات الدولية ،وعن انتشار ورواج التنظيمات الإرهابية وجماعات وأحزاب الإسلام السياسي ،وعن الحروب وأزمات اللاجئين والمهجرين وغيرها من مظاهر الإرهاب والفتن وكل ما من شأنه يهدد الأمن والسلم الدوليين ، فخلال شهر مايو الماضي2020 نشر موقع Nordic monitor تقريرا ينتقد فيه تمويل تركيا للجماعات الإرهابية في أفريقيا ،وأشار التقرير إلي أن تركيا تدعم الجماعات المسلحة في أفريقيا وبخاصة في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي ، ونيجيريا ،والصومال بالاعتماد علي سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم المتعامل مع الجماعات المتطرفة والإرهابية في منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا وفق إستراتجية أردوغان التي اتبعها منذ وصوله إلي سدة الحكم عام وحتى الآن، ، ناهيك عن بعض التسريبات الاستخبارتية تشير إلي تورط شركة الطيران الوطنية التركية والحكومة التركية في نقل أسلحة إلى منظمة بوكو حرام الإرهابية التي تتخذ من نيجيريا مقرا لها والمنتمية لتنظيم داعش الإرهابي ، وفي السابع من شهر يوليو الماضي وعبر موقع العين الإخباري كشف الخبير الأمني والعسكري الجزائري أحمد زاوي عن مخطط تركي يهدف إلي فرض النفوذ والهيمنة وإثارة الفوضى في مالي من خلال إرسال تركيا ل800 مقاتل ينتمون إلى بعض الفصائل السورية للقتال في مالي ،تلك الدولة التي تعاني من نشاط الجماعات والميليشيات المسلحة عبر بوابة باب المندب من اليمن والصومال ،وقال الزاوي بأنه حصل علي معلومات استخباراتية دقيقة تفيد بإرسال أردوغان مقاتلين من سوريا للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي في شمال مالي بزعامة عبد الحكيم صحراوي، وأشار الزاوي وفقا لمعلوماته المؤكدة بان أردوغان يسعى إلى توسعة نفوذه بالاعتماد علي الإرهابيين في منطقة الساحل الأفريقي، وأن منطقة غرب أفريقيا قد أصبحت هدفا له وذلك بعد أن أصبحت تركيا تمتلك نفوذاً لافتاً في الصومال من خلال تقديم المساعدات الإنسانية أو دعم الميليشيات المسلحة ومن قاعدتها العسكرية بالصومال .
فبعد فشل تركيا في تنفيذ مخططها التوسعي في بلدان الربيع العربي ونقل مرتزقتها وإرهابييها إلي ليبيا لاستعادة مخططها فإنها تنشط الآن وبقوة في القارة الأفريقية لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال توظيف أدواتها الناعمة وتأثيراتها الثقافية وغيرها من حيل التدخل السياسي والعسكري والديني في شئون تلك الدول، فضلاً عن عقد تركيا لصفقات اقتصادية خطيرة ، وفتحها لمجالات التواصل السياسي والدبلوماسي في الكثير من الدول الأفريقية ، والدليل علي ذلك هو مظاهر التواجد العسكري التركي على السواحل الشرقية الأفريقية، وفي حوض البحر الأحمر عبر قاعدة عسكرية تركية تتمركز في الصومال، وأخرى في منطقة سواكن بالسودان التي تتماس مع الحدود المصرية والقريبة من السعودية ، ومن أجل ذلك افتتحت تركيا أكبر قاعدة عسكرية خارج حدودها بالعاصمة الصومالية مقديشو في أكتوبر 2017 بحجة ظاهرية وهي مساعدة الحكومة الصومالية في مواجهة الجماعات الإرهابية ، إلا أن الواقع يخفي أشياءً أخرى تؤكدها الكثير من الشواهد، إذ تحظى الجماعات الإرهابية في الصومال بدعم مالي من أنقرة والدوحة الداعمين الأساسيين لتلك الجماعات ،وتشهد علاقة تركيا بحركة الشباب الصومالية الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة حالة من الأدوار الخفية تظهر أحيانًا في شكل عداء، إلا أن الباطن يخفي أشكالًا من المصالح المشتركة التي يتم تنفيذها عبر وسطاء جماعة الإخوان الإرهابية ،هذا ويرتكز الخطاب السياسي لأردوغان في أفريقيا علي أهمية الحفاظ على العناصر المشتركة المتصلة بالهوية والدين، والتي تترافق مع طموح العثمانيين الجدد ، بيد أن الرئيس التركي يؤكد طوال الوقت على طبيعة الدور التركي التنموي والإغاثي فقط من أجل دعم الاستقرار بدول أفريقيا وفقا لمل يروج له ،وللتحقيق هذا الغرض فان اسطنبول أصبحت مقراً جاهزاً لاستضافة قيادات دينية وكبار رجال الدين الأفارقة بالتنسيق والتعاون المباشر مع حزب العدالة والتنمية ومع إدارة الشؤون الدينية التركية الذي يتوافق مع الخطاب السياسي لأردوغان في إفريقيا والمتمثل في طموح العثمانيين الجدد لاستعادة مناطق نفوذهم ، كما تهدف المحاولات التركية في إفريقيا إلي جعل إفريقيا سوقا كبيرا أمام الصناعات التركية ،والعمل علي تأمين طرق التجارة الدولية، والاستيلاء علي الموارد والثروات الكبيرة لتك الدول، والسيطرة على سواحل البحر الأحمر والممرات الملاحية بإقامة قواعد عسكرية،والي مد النفوذ العسكري التركي إلى القرن الإفريقي من خلال إجراء مناورات مشتركة مع جيوش المنطقة ، إذ وقعت بالفعل تركيا اتفاقيات أمنية مع كل من، كينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وأوغندا بحجة تدريب قوات الأمن في تلك الدول على مكافحة الإرهاب، فيما يقلق النفوذ التركي في أفريقيا وجود فرنسا صاحبة النفوذ والتواجد العسكري في دول الساحل الأفريقي منذ العام 2013، لدعم حكومات دول شمال غرب إفريقيا في مواجهة المسلحين، إذ يمثل تمركز المتشدّدين في أفريقيا وخصوصاً في ليبيا ومالي ، خطراً على القارة الأوروبية التي تصبح في مواجهة موجات من الهجرة للمتشدّدين إلى أراضيها.
فعلى مدار السنوات الماضية توغل نظام الرئيس أردوغان في غرب أفريقيا، حاملا أطماعه الشخصية للاستيلاء علي ثروات المنطقة واستنزافها لخدمة نزواته التوسعية، وإتباعه سياسة انفتاح كاذبة ومخادعة تستهدف تلك الدول وتنال من أمنها واستقرارها وسيادتها ، الأمر الذي يعكس طموحا توسعيا واستعماريا لتركيا، والدليل علي ذلك هو أن تركيا قد حصلت خلال الأعوام الأخيرة على عطاءات تنفيذ مشروعات البني التحتية الرئيسية الضخمة في الكثير من الدول الإفريقية وتحديدا منذ إطلاق النظام التركي برنامج الانفتاح على أفريقيا عقب تولي حزب الحرية والعدالة السلطة بتركيا العام 2014 ،كما أن تركيا أردوغان قد سارعت من التغلغل والانتشار في منطقة الساحل الإفريقي للاستفادة من مواردها النفطية وثرواتها الطبيعية ، فبعد العام 2012 امتدت المصالح التركية في أفريقيا لتشمل بجانب المساعدات الإنسانية والصحة والتعليم، التعاون العسكري والتدخل في الشئون الداخلية لتلك الدول ، وبسبب تصريحات أردوغان الدائمة بأن أفريقيا تربطها
علاقة تاريخية بتركيا واعتبارها وفق مفهومه جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، وبسبب ترويج حزب العدالة والتنمية لعودة الإسلام إلى الساحة السياسية واللعب علي وتيرة الدين، أدي ذلك إلي تسارع تركيا لتحقيق أهدافها المشبوهة في أفريقيا بالتعاون مع دولة قطر وتوفير الأموال والأسلحة والدعم اللوجستي للعناصر الإرهابية داخل الكثير من الدول الإفريقية.
ومؤخرا فقد نقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن سال قوله إن النظام التركي يلعب على جميع الجبهات في أفريقيا لبسط نفوذه في جميع أنحاء القارة ، وحذر من أن الأتراك يعتنون بصورتهم في أفريقيا عبر أساليب وحيل مختلفة ومنه استخدام وتوظيف الجماعات الإرهابية ،ومن خلال التمويل المبطن للمشروعات الثقافية والرياضية والاقتصادية والمساجد كإحدى أذرع القوى الناعمة التركية في القارة ،والدليل علي ذلك هو انه في الوقت الذي انشغلت فيه فرنسا ببعض مشاكلها الداخلية عن النيجر، تسلل أردوغان بقوة نحو البلد الغني باليورانيوم، باستثمارات لمجموعة سوما الغطاء الخفي لسلب الثروات في الدول الأفريقية، وعلاوة على النيجر فإن تركيا تتربص بثروات ليبيريا ،وقبل ذلك فإن أردوغان ومنذ صعوده إلى الرئاسة خلال العام 2014زحف بقوة نحو نيجيريا التي تعد واحدة من أهم مناطق إنتاج الطاقة بالعالم ، ولكنها أيضا معقلا لتنظيم بوكو حرام الإرهابي، وقد سعت الحكومة التركية إلى تحويل نيجيريا إلى سوق كبيرة لمنتجاتها باعتبارها من أكبر شركاء تركيا التجاريين في أفريقيا، ، كما كانت المشاريع الخدمية تشكل إحدى مطامع تركيا في نيجيريا ، لكن سرعان ما ظهرت تركيا بوجهها الحقيقي وذلك عندما ضبطت سلطات الجمارك في لاجوس النيجيرية شاحنة تنقل 661 بندقية تركية مهربة، وأثبتت التحقيقات أنها كانت في طريقها لبوكو حرام .
ومنذ بداية العام الجاري 2020 وحتى الآن زادت زيارات المسئولين الأتراك إلى الدول الأفريقية وبخاصة بمنطقة غرب أفريقيا مركزة علي الدول الناطقة بالفرنسية لتحقيق أهداف اقتصادية وتوسعية من جهة ومن جهة أخري لمحاولة فك العزلة التي فرضتها فرنسا علي تركيا وبخاصة تحجيم أطماع تركيا في شرق المتوسط وفي ليبيا عقب نشر فرنسا قوات بحرية في المنطقة وإعلانها استعدادها مساعدة اليونان للوقوف في وجه الأطماع التركية وبخاصة بعد عقد فرنسا لقمة أوربية مصغرة بجزيرة كورسيكا الفرنسية لوقف أطماع تركيا في المتوسط وفي إفريقيا والمنطقة، ما دفع أردوغان إلى التراجع دون أن يتخلى عن طموحاته بسبب معارضة فرنسا ودول الاتحاد الأوربي لسياسة أردوغان العدائية ،ولتعامله مع الإرهابيين ومتاجرته بملف اللاجئين والمهجرين ،وتدخله في شئون الدول ، ولتهديد أردوغان للأمن والاستقرار الدوليين ،وتدخله في شئون الدول ومسؤوليته عن تنفيذ الكثير من المخططات الانقلابية والإرهابية وآخرها الانقلاب الذي جري في مالي .
فما الذي جري في مالي؟
عاشت مالي خلال السنوات الأخيرة أجواء أزمة سياسية عميقة ، وقد تفاقمت تلك الأزمة خلال الشهرين الماضيين مع تأسيس حراك الخامس من مايو2020 المتشكل من قوي المعارضة ورجال الدين الذي طالب بإسقاط الرئيس إبراهيم أبو بكركيتا ، ما يعتبره المتظاهرون فشلا للسلطة في مواجهة التحديات الأمنية التي تعيشها البلاد، وحالة الركود الاقتصادي التي استفحلت بعد أزمة كورونا، هذا فضلا عن الظروف التي أجريت فيها الانتخابات التشريعية والذي بدء بحراك كبير أدي في النهاية للتخلص من نظام كيتا في 18 أغسطس 2020 ، وبخصوص هذا الصدد فقد نوهت صحيفة زمان التركية من أن تركيا يشتبه ضلوعها في هذا الانقلاب لردع شوكة فرنسا في دولة مالي إذ تمثل فرنسا جزءا أساسيا من نسيج السياسة والأمن في هذا البلد ، وما من شك أن تزعّم القوى الدينية السلفية والصوفية في مالي ، وحضور البعد الديني في الخطابات السياسية لمناوئي الرئيس ومنهم الإمام محمود كيتا ، إضافة إلى بروز قوى مناوئة للدور الفرنسي في مالي ضمن المطالبين بإسقاط كيتا سيجعل فرنسا متوجسة من هذا الحراك وحريصة على صناعة مخرج سياسي يضمن لها الحفاظ على المصالح، إن لم يكن تعزيز السيطرة،وكانت قيادة الجيش قد أعلنت في حينه التزامها بالحياد بين أطراف النزاع، والتزامها بالشرعية الدستورية التي يمثلها رئيس الجمهورية وصولا تنحي الرئيس أبوبكر كيتا عن الحكم في 18 أغسطس الماضي وتولي المجلس العسكري بمالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية لمدة 18 شهر إيذانا بإجراء الانتخابات الرئاسية.
لقد فاجئي هذا الانقلاب العسكري الكثير من الدول وبخاصة الدول العظمي و المؤسسات الدولية والتكتلات الكبرى بما فيها الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي والتي جاءت غالبية ردود أفعالها شاجبة لهذا الانقلاب الغير مبرر والمجهول الأسباب ، ومقابل ذلك فان موقف تركيا من الانقلاب في مالي لم يكن بالحدة ذاتها التي عبرت عنها مختلف دول العالم ودول الجوار، واكتفت تركيا فقط بالتعبير عن قلقها وحزنها لما يحدث في مالي وهو ما أثار الشكوك حول دور مشبوه لمخابراتها في انقلاب الأوضاع بهذا البلد الأفريقي،والدليل عل صحة هذا الاتهام هو السر الذي يقف من وراء زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو مؤخرا إلى مالي والسنغال وغينيا بيساو ، فقد أشارت صحيفة فاينانشيال أفريك ، إلي أن نظام أنقرة يسعى لربط علاقات وثيقة مع الرئيس الجديد لغينيا بيساو سيسوكو أومبالو والاعتماد على نظيره السنغالي ماكي سال بهدف تقديم دعم غير صريح للانقلابين في مالي ، وخلصت الصحيفة في تقريرها إلى أن زيارة مولود تشاووش أوغلو إلى مالي تؤكد وجود مؤشرات على بداية رسم خريطة جيوسياسية وجيواستراتيجية جديدة في منطقة الساحل والصحراء بسبب التدخل التركي ،وذلك بعد التأكد من وجود مساع تركية للتأثير على المجلس العسكري الحاكم في مالي من خلال استعمال ورقة ضغط تتمثل في توظيف تركيا لمحمد ديكو التابع للتنظيم العالمي للإخوان الذي قاد الحراك الشعبي ضد حكم أبو بكركيتا وفق معلومات مؤكدة من موقع العين الإخباري الذي ذكر أيضا إلى أن النظام التركي يتاجر بالمطالب المتصاعدة في منطقة الساحل ضد التواجد الفرنسي ،كما كشف عن وجود معلومات مؤكدة عن سعي تركيا لتكرار اتفاق الصخيرات في مالي بفرض قيادة إخواني علي غرار السراج في هذا البلد الأفريقي مستغلة حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني كما فعلت في ليبيا ودعمها في اختيار فايز السراج ، ومع لقاء وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلوا مع أعضاء المجلس العسكري المالي بباماكو خلال الأسبوع الماضي كشفت تركيا مؤخرا عن بعض أوراقها ضمن مسلسل مخططاتها التوسعية وذلك عقب تلك الزيارة المثيرة للجدل إلى دول غرب أفريقيا التي بدأها من مالي قبل أي مسئول خارجي ،زيارة لم تحتج وفق المراقبين إلى انتظار نتائجها لفهم مقاصدها ودلالاتها في هذا التوقيت خاصة بعد الانقلاب العسكري على حكم إبراهيم أبو بكر كيتا، ووفقا لما كتبه يونس بورنان مؤخرا عبر موقع العين الإخبارية يري الكاتب من أن زيارة تشاووش أغلو إلى مالي غرضها البحث عن سراج جديد يحكم مالي وينفذ أجنداتها وفقا لمخططات أردوغان علي غرار ما تم في ليبيا مع حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج ، إذ ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية قبل أن تحط قدما مسئولها الأول بدولة مالي بأنه سيجري مباحثات حول عملية الانتقال السياسي مع المجلس العسكري ،وهو بيان كان كافياً ليفضح حقيقة المخطط التركي التوسعي الذي يشمل منطقتي الساحل وغرب أفريقيا ، وما كانت جولة أوغلوا إلى غينيا بيساو والسنغال المجاورتين لمالي إلا دليل على النوايا الخبيثة التي تعدها تركيا لتلك المنطقة، ولم يتوان وزير خارجية أردوغان عن إطلاق تصريحات تؤكد وجود نية مبيتة ضد دولة مالي عندما زعم أن تركيا تقف مع الشعب المالي عقب لقائه مع أعضاء المجلس العسكري ومسئولين من الاتحاد الأفريقي، ما طرح تساؤلات حقيقية حول علاقة تركيا بالأزمة المالية ، وعن سر اهتمامها المفاجئ بمصالح الماليين، ليتبين لاحقا وبوضوح دور تركيا المفضوح في دعم جماعة الإخوان الإرهابية في عدد من الدول العربية والإفريقية لفرضها أنظمة جديدة ووصايا تركية علي المنطقة لخدمة أطماع أردوغان وحلمه باستعادة دولة الخلافة العثمانية ، وعن توجه استراتيجي تركي للانخراط في القارة الإفريقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.