تحسم المحكمة الدستورية العليا، غدا الأحد، مصير دعاوي بطلان قانوني انتخابات مجلس الشوري، وتشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وبعض مواد قانون الطوارئ، بإصدار أحكامها في تلك القضايا التي شغلت الرأي العام طوال الأشهر الماضية. ومن المقرر أن تشهد المحكمة، إجراءات أمنية مشددة خلال نظر الجلسة، وقال مصدر أمني، إن مديرية أمن القاهرة بدأت استعداداتها لتأمينها، مساء السبت، وسترسل نحو 1000 ضابط ومجند للانتشار حول أسوار المحكمة، خوفا من تكرار ما حدث من حصار المحكمة في ديسمير الماضي، أثناء نظر نفس الدعاوي، وأن أجهزة الأمن سوف تدفع بعدد من السيارات المصفحة، وأخري خاصة بالشرطة والأمن المركزي، للاصطفاف حول المحكمة، والبوابات الرئيسية لها، التي يدخل منها القضاة، لتأمين دخولهم أثناء وبعد نظر الدعاوي، لمنع اقتراب أي من أنصار الأطراف السياسية الخصوم في تلك الدعاوي. وقالت مصادر قضائية مطلعة إن هناك 3 سيناريوهات لأحكام المحكمة، الأول، رفض الدعاوي المعروفة إعلاميا ب 'حل الشوري والتأسيسية'، وهو أقوي السيناريوهات المتوقعة، واستندت المصادر في رأيها هذا إلي أن تقرير المفوضين في دعاوي حل 'الشوري' انتهي إلي رأيين 'أصلي واحتياطي'، الأول يوصي بعدم قبول الدعوي، استنادا إلي صدور الدستور الجديد، وفي ظل وجود المادة 230 من الدستور التي تحصن المجلس من الحل، وتنص: 'يتولي مجلس الشوري القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور، حتي انعقاد مجلس النواب الجديد 'الشعب سابقا''، بما يعني أن الدستور يلزمها بعدم قبول تلك الدعاوي ورفضها، إضافة إلي أن الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، الذي كان نافذا وقت إجراء انتخابات المجلس، تم إلغاؤه، ولم يعد سندا دستوريا يعتد به، بنص المادة '236' من الدستور، التي تنص علي أن 'تلغي جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ 11 فبراير 2011 حتي تاريخ العمل بالدستور'، وأن الرأي الثاني، أوصي برفض الدعاوي، نظرا لأن مجلس الشوري، أصبح المنوط به التشريع الآن، وهو إحدي سلطات مجلس النواب، وذلك لحين انتخاب مجلس النواب الجديد، كما هو مقرر في إحدي مواد الدستور، كما أن تقرير هيئة المفوضين الخاص بدعاوي حل الجمعية التأسيسية للدستور، انتهي إلي رأيين، أصلي واحتياطي أيضا، الأول أوصي بانقضاء الدعوي الدستورية لزوال الجمعية التأسيسية، والثاني بعدم دستورية الفقرة الأولي من القانون، لمخالفتها معايير تشكيل الجمعية والتي كانت تنص علي عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعاوي بطلان 'التأسيسية'، وتحصن الجمعية من البطلان، وتسند اختصاص نظر معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية إلي المحكمة الدستورية العليا، مشيرة إلي أن اختصاص الرقابة علي قرار تشكيل 'التأسيسية' منعقد لمحكمة القضاء الإداري، باعتباره قرارا إداريا بعيدا عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا. وقالت المصادر إن الأمل كان قويا في الفصل بعدم دستورية تلك النصوص، إذا ما نظرتها المحكمة في ضوء الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، الذي كان نافذا وقت إجراء انتخابات المجلس، إلا أن المحكمة نفسها أقرت إلغاءه، وأنه لم يعد سندا دستوريا يعتد به، وذلك في قرارها بشأن قانون انتخابات مجلس النواب القديم الذي أجريت عليه بعض التعديلات. وأشارت المصادر إلي أن هذا معناه التزام المحكمة بنظر تلك الدعاوي في ضوء الدستور، ومراعاة المادة التي تحصن المجلس من الحل، وعدم الالتفات إلي الإعلانات الدستورية، التي أقرت المحكمة إلغاءها، كما أن قرار المحكمة بإحالة الدعوي إلي هيئة المفوضين لإبداء رأيها في ضوء الدستور، يعد اعترافا منها بشرعية الدستور، كما أن إجراء المحكمة تعديلات علي قانون انتخابات مجلس النواب القديم والجديد، يعد اعترافا بشرعية المجلس الذي أحال القانون إليها لإعمال رقابتها السابقة عليه، إضافة إلي أن المحكمة أول من قام بتنفيذ مواد الدستور التي قضت بعزل واستبعاد 7 قضاة من تشكيلها القديم فور إقراره. أما السيناريو الثاني، فاستبعدته المصادر، وهو أن تقضي المحكمة بعدم دستورية نصوص قانوني انتخابات مجلس الشوري، والجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، وتقضي بحلهما، استنادا إلي ما دفع به المحامون أثناء نظر الدعاوي، من أن الإعلان الدستوري ليس لرئيس الجمهورية حق إصداره، حيث يختلف موقفه عن المجلس العسكري، الذي كان يدير البلاد بعد ثورة 25 يناير، بصفة مؤقتة، وتم انتهاء العمل به بالوثيقة الدستورية الجديدة التي أريد منها أن تحصن 'الشوري' الحالي بأغلبية خاصة، واستنادا لنص المادة 60 من الإعلان الدستوري، الذي حدد كيفية إصدار الدستور، وأن المجلس العسكري قرر أن يدعو 'التأسيسية' خلال 6 شهور، بما يؤكد بطلان الجمعية التي أعدت الدستور، لأنها تجاوزت 6 أشهر، ولا يغير من ذلك إبطال الجمعية الأولي، وتشكيل أخري جديدة، حيث كان لها أن تنتهي من ذلك في نفس المدة، إضافة إلي أن الوثيقة الدستورية الجديدة ولدت منعدمة ويترتب علي ذلك أن تشكيل 'الشوري' من البداية جاء باطلا وفق مواد غير دستورية، فضلا عن مخالفة النص الدستوري موعد طرح الدستور للاستفتاء الشعبي، حيث تجاوزت عملية الاستفتاء في المرحلة الثانية موعده ب 15 يوما، وأن النصوص التي أتي بها 'الشوري' غير دستورية، اتفاقا مع الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، في يوليو الماضي، وما جاء به من أسباب واضحة بما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، والعصف بحقوق وحريات المواطنين، وأن الرئيس محمد مرسي أقسم أمام المحكمة علي احترام الدستور والقانون ثم أصدر إعلانات دستورية لغصب السلطة، ولأنها صدرت عن مغتصب للسلطة فهي في حكم العدم، حيث لابد أن تكون الإعلانات باستفتاء شعبي، ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر إعلانا يتدخل به في شؤون العدالة. وأوضحت المصادر أنه في حدوث هذا السيناريو بحل 'الشوري'، فإن 'مرسي'، قد يصدر قرارا بالإبقاء علي المجلس، ويتكرر ما حدث عندما قررت المحكمة حل مجلس الشعب، لتقضي المحكمة بإيقاف القرار، كما ستلجأ جماعة الإخوان المسلمين، إلي تفعيل المادة '150' من الدستور الجديد، التي تعطي الحق للرئيس بأن يدعو الناخبين للاستفتاء علي بقاء المجلس، والتي تنص علي أنه: 'لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة، التي تتصل بمصالح الدولة العليا، وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء علي أكثر من موضوع، وجب التصويت علي كل واحد منها، ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكل في جميع الأحوال '. وأكدت المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن نسبة حدوث هذا السيناريو كبيرة للغاية، خاصة إذا فوجئت الجماعة بحل المجلس، رغم وجود مادة في الدستور تحصنه من الحل وتبقي عليه لحين انتخاب مجلس النواب الجديد، وهو ما قد تراه 'الجماعة' مخالفا للدستور، وتعنتا مقصودا من المحكمة، مشيرة إلي أن الدستور الجديد أعطي لرئيس الجمهورية حق دعوة الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بالمصلحة العليا للبلاد، وإذا كان المجلس يتولي سلطة التشريع الآن، لحين انتخاب مجلس النواب، فلا يوجد أهم من السلطة التشريعية، الأمر الذي يتصل مباشرة بمصالح الدولة والمواطنين، فيما رفض مصدر مسؤول في المحكمة الدستورية العليا هذا السيناريو، واعتبره 'لهوا' ولا يوجد أساس قانوني أو دستوري له، لافتا إلي عدم جواز الاستفتاء علي الأحكام القضائية، خاصة أن أحكام المحكمة 'نهائية'، ولا تقبل الطعن عليها أمام أي محكمة أخري. وتابعت المصادر، أن السيناريو الثالت يتضمن تأجيل المحكمة الحكم في تلك الدعاوي، وأن تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة مقبلة، كما حدث في الكثير من الدعاوي التي تنظر أمام القضاء، بناء علي طلب بعض المحامين المتداخلين في الدعاوي، أو لأي سبب آخر تراه المحكمة.