هل ندرك حجم الخطر الذى يتربص بنا فيما يخص "قطرة المياه"؟... لا أعتقد ذلك، فكل السلوكيات المحيطة لا تبرهن على أننا نعى هذا الخطر القادم لا محالة، الكميات المهدرة فى الاستخدام غير الرشيد لمياه الشرب، والتى يتم استخدامها ليس لأغراض الشرب فقط ولكن فى أغراض التنظيف أيضًا والصرف الصحي ورى الحدائق وغسل السيارات، تؤكد أن غياب التوعية هو العنوان الأبرز للتعامل مع أزمة المياه، وقبل هذا وذاك فإن غياب الالتزام بتطبيق قواعد القانون التى تفرض غرامات على سوء استخدام المياه، قد أدى فى النهاية إلى حالة من الاستهتار فى التعامل مع هذه "الثروة" التى تحيط أخطارها بنا من كل جانب. كثيرًا ما أجدني مضطرة للوقوف أمام أحدهم وقد أمسك بخرطوم المياه لغسل سيارة أو رش الشارع أو غسل مداخل العمارات، وأنصحه بأن ما يفعله خطأ وحرام، أيضًا لأن ذلك يعد إسرافًا فى "ثروة" تتهددها مشكلات، وفي الغالب أقوم بذلك ولا أدرى إذا كان سيحدث أثرًا أم لا.. ولكنى أقول لعل وعسى. النيل يجرى.. مازال معظم المصريون يتعاملون مع الأمر على هذا النحو، ولكن جريان النهر تتربص به الأخطار، فهناك سد النهضة الذى تم تشييده فى منابع النيل فى إثيوبيا والذى احتدم الجدل بل والغضب بشأنه، بعد أن أعلنت إثيوبيا في الأيام الماضية تنفيذ المرحلة الأولى من ملء الخزان الذي تبلغ طاقة استيعابه 74 مليار متر مكعب من المياه. بالرغم من أن مصر والسودان طلبتا من إثيوبيا في وقت سابق تأجيل خططها بشأن الملء حتى التوصل لاتفاق شامل حول كيفية إدارة وتشغيل السد. وهو ما سيؤثر لا محالة على تدفق المياه، كما أن عوامل التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة فى شمال أفريقيا ومصر بصفة خاصة، يؤديان إلى البخر وهى مشكلة تتعرض لها بحيرة ناصر بالذات كما أكد خبراء المياه. "أنا مش عاوز الناس تطمن على الميه" عبارة قالها وزير الري أمام مجلس النواب منذ عام تقريبًا، وأردف لا بد أن نكون حريصين فى استخدام المياه، مؤكدًا أن الدولة تعمل للحفاظ على حصتها من مياه النيل، ولكن يجب ألا نتعامل مع الأمر باستهانة. وأوضح خطورة نقص المياه فقال إن احتياجاتنا المائية لتحقيق الاكتفاء الذاتى، تصل إلى 114 مليار متر مكعب مياه سنويًّا، ومتاح منها 60 مليار متر مكعب فقط، من خلال نهر النيل الذي يمثل 55 مليار متر مكعب، ومن خلال المطر بنسبة 5 مليارات متر. قبل عدة أشهر أيضًا حضر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي جلسة مجلس النواب وألقى فيها بيانًا لتوضيح الحقائق حول مفاوضات سد النهضة، وقتها قال وزير الإسكان: إن إجمالى التكاليف التى أنفقتها الدولة فى مشروعات تحلية مياه البحر خلال آخر 4 سنوات بلغت 50 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن الدولة تعمل على تقليل الفاقد من المياه الجوفية والتوسع فى إنشاء محطات تحلية المياه. قضية المياه قضية هامة وشائكة وأصبحت تشغل الرأى العام، وعلى الرغم من كل ما يحيطنا من مخاطر فى هذه القضية، إلا أننا نفتقد التوعية بأهمية وخطورة قطرة المياه، والاستعمال الرشيد لها، وأننا نسعى بكل جهد للحفاظ على حصتنا من مياه النيل، وحتى مع ذلك فإن الزيادة السكانية المتسارعة تلتهم كل زيادة فى موارد المياه.