لا شك أن عنصرية ترامب البغيضة ستؤدى حتمًا إلى سقوطه المدوى في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر المقبل بحيث لن يحظى بولاية ثانية في البيت الأبيض.ويأتى هذا بعد واقعة قتل أمريكى من أصول أفريقية على يد شرطي أبيض في 25 مايو الماضى لتشكل علامة فارقة سلطت الأضواء على وحشية الشرطة الأمريكية ضد السود. ولهذا أشعل مقتل الأمريكي الأسود"جورج فلويد" المظاهرات في سائر أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية التي خرجت تطالب بالقصاص ومراعاة العدالة. الواقعة ليست الأولى فلقد ظهر أن نحو 1348 عملية قتل للسود كانت مرتبطة باعتقالات الشرطة الأمريكية. أما عنصرية أمريكا فهى ليست بالجديدة فلقد نمت منذ أن أبادت الهنود الحمر، وأطاحت بأجساد الأفارقة السمر وكأن لون البشرة يعد نقيضًا لأى حلم إنسانى. لقد أدرك الكثير من الأمريكيين أن العبودية تشكل انتهاكا واضحا للقانون الأعلى ألا وهو قانون الله في العلاقات الإنسانية. ولهذا ظهر السجال حول العبودية حتى صدر قانون تحريم العبودية في ستينيات القرن التاسع عشر برعاية الرئيس"إبراهام لينكولن" ليحقق المساواة القانونية بين الأمريكيين. وجاءت حركة الحقوق المدنية منتصف ستينيات القرن العشرين بقيادة داعية الحقوق المدنية "مارتن لوثر كينج" ليثور ضد العبودية ليتم اغتياله بسبب ذلك.وتمر السنوات وتأتى اليوم واقعة "جورج فلويد" لتثير أزمة احتجاج يجابهها ترامب برعونة حمقاء، فبدلا من أن يعلن دعمه للمظاهرات السلمية يسارع فيتعهد بتعبئة الجيش لضرب مواطنيه. وهو ما استغله "جو بايدن" منافسه الديمقراطى في الانتخابات كفرصة يعمل على توظيفها لإسقاط ترامب في جولة الانتخابات الرئاسية القادمة التي تعقد في نوفمبر القادم. بيد أن حركة الحقوق المدنية التي كانت بمثابة تعبير عن إحباط قديم ما لبثت أن انفجرت؛ ولكنها لم تقض كلية على المشكلة واستمرت ظلال التميز قائمة وكان أعنفها ما حدث لجورج فلويد الذى أثارت وفاته عاصفة احتجاج عارمة. ووقع ترامب في المحظور، فبدلا من أن يدين الشرطى القاتل وجه اللوم إلى الضحية وهاجم المتظاهرين ودخل الكنيسة حاملا الانجيل ليصور نفسه وكأنه قديس. وكان غريبا ظهوره في الكنيسة وهو العنصرى الكاسر الذى اعتاد على أن يدهس كل ما هو إنسانى في سبيل إعلاء العنصرية البغيضة. لقد ألهبت قضية فلويد الغضب الكامن لدى البعض بسبب حوادث قتل الشرطة للأمريكيين السود وعنصريتها تجاههم، فخرج المحتجون إلى الشارع ليس للتعبير فقط عن غضبهم على ما حدث للأمريكى الأسود "فلويد" وإنما للتنديد في الوقت نفسه بوحشية الشرطة تجاه الأمريكيين السود بصفة عامة. جلب ترامب بسلوكه العنصرى المنفر إدانة الكثيرين له. ورأينا كيف أن كبير الأساقفة الكاثوليك في ولاية واشنطن"ويلتون دىغريغورى" قد بادر فانتقد زيارة ترامب لأحد الأضرحة وسط استمرار الاضطرابات المدنية في بلاده بسبب مقتل"فلويد" وقال كبير الأساقفة:(إن زيارة ترامب لضريح يوحنا بولس الثانى كانت استغلالا لهدف آخر، وأن الزيارة تنتهك مبادئ الكنيسة الدينية، مضيفا أنه يجب على الكاثوليك الدفاع عن حقوق الناس جميعا). وندد باستخدام القوة لإبعاد المتظاهرين عن البيت الأبيض قائلا:(إن القديس يوحنا بولس لا يقبل استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وأدوات الردع الأخرى لإسكات وتفريق أو ترهيب محتجين ولا التقاط صورة أمام مكان للعبادة). عامة إن العنصرية ضد السود هي المعادلة السائدة في الولاياتالمتحدة؛ حيث ترتفع معدلات اطلاق النار عليهم أكثر من البيض، كما يظهر هذا في ارتفاع معدل اعتقالهم على أي اتهام، كما يصل معدل السجن بالنسبة للسود إلى خمسة أضعاف سجن البيض. ولقد شهدت معدلات جرائم الكراهية ضد الأقليات في أمريكا ارتفاعا ملحوظا في عهد ترامب الذى تلطخت صورته وأثبت عدم أهليته في قيادة البلاد. وزاد من تفاقم الوضع تراجع الاقتصاد وتفشى جائحة كورونا وارتفاع معدل معاركه مع الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعى ومن ثم ظهرت ولايته مضطربة محاصرة بالعديد من الأزمات وهو ما يؤذن بسقوطه المدوى...