بات فيروس كورونا هو المهيمن على الأنباء اليوم بعد حالة الانتشار السريعة له في مختلف أنحاء العالم وفشل الدول في السيطرة عليه، فرأينا فشل دول أوروبا في مجابهته ولكن وعلى النقيض نجحت الصين في محاصرته وأوقفت انتشاره وأنقذت حياة ثمانين ألف مصاب تعافوا جميعا, واليوم ما تزال تداعيات فيروس كورونا في المنطقة والعالم بعد أن حول الفيروس دول العالم إلى جزر منعزلة. وغدا المرء يتعامل مع مرض ليس له علاج وليس له مصل يقى منه. ومن ثم كان من الأهمية بإمكان مصارحة كل دولة لشعبها عن طبيعة هذا الفيروس القاتل من أجل أخذ التحوطات للحيلولة دون انتشاره وتفاقمه. ولقد أكدت التجارب أن عملية العزل هي الأنجح للعلاج من هذا الفيروس الذى بات يشكل معضلة ومأزقا بالنسبة للجميع. وهذا ما فعلته الصين عندما عزلت نفسها عن العالم وأمكنها بالفعل التوصل إلى محاصرته نسبيا. تستمر عملية البحث عما يمكن مجابهة كورونا به وذلك عبر لقاح يؤمل أن يكون قادرا على القضاء على الفيروس. وفى هذا السياق ترددت أنباء تم تداولها مؤخرا تشير إلى أن علماء بريطانيين تمكنوا من فهم الطبيعة التركيبية الخاصة بالفيروس، ووقفوا على أن الجينات هي التي تحدد طريقة دخوله إلى الجسم، وتحدد كيفية خروجه منه. ويجرى البحث حاليا عن الجين الذى يمكن الاستعانة به للحصول على لقاح لمجابهة الفيروس، وأن الأمر قد يتطلب نحو ستة أشهر لكى يتمكن العلماء من الحصول على لقاح لهذا البلاء. لا سيما بعد فترة عصيبة يمر بها العالم من جراء هذا الوباء القاتل. فترة شهدت اغلاق الحدود بين الدول، وشيوع الخوف، وفرض القيود على السفر والحد من التجمعات والتجمهر من أجل انقاذ الأرواح. فترة انهارت فيها البورصات، واهتز استقرار العالم بسببها. إنها أزمة كورونا التي يمكن أن تكون نموذجا أوليا للاستخدام المحتمل للأسلحة البيولوجية في الحروب القادمة. تأتى محاولة محاصرة كورونا فى أعقاب انتشاره في العالم كله. ومعه أصبحت أوروبا بؤرة لهذا الوباء. وهو ما أكده مدير منظمة الصحة العالمية قائلا: (لا تتركوا النار مشتعلة) وجاء هذا بعد أن ارتفعت نسبة المصابين في أوروبا ارتفاعا حادا وكذلك نسبة الوفيات. وتأتى إيطاليا في الصدارة حيث زاد عدد الوفيات بها ليصل اليوم إلى أكثر من ألف ومائتين فضلا عن الإصابات التي تجاوزت الخمسة عشر ألفا. ولقد دفع الفيروس القاتل دولا كفرنسا وألمانيا وبريطانيا لكى تفرض حجرا صحيا إجباريا على الوافدين إليها، وعلى إغلاق حدودها أمام الوافدين الأجانب الذين لا يملكون رخصة الإقامة. تماما كما حدث في الولاياتالمتحدة عندما أغلقت حدودها. ولأن الفيروس هدد حياة الكثيرين انبرى «بوريس جونسون» رئيس وزراء بريطانيا قائلا: ( بات يتعين على العائلات الاستعداد لفقد أحبائها باكرا)، فالفيروس يواصل الانتشارفى الدول حاصدا المزيد من الأرواح. ولقد رأينا « ميركل» تحذر من احتمال إصابة ما يقرب من سبعين في المائة من سكان البلاد بفيروس كورونا المستجد. وهكذا تباينت تعاملات الدول مع هذا الوباء ، فهناك من بدا غير مبال بما يحدث على أرض الواقع، وهناك المتخوف الذى يسابق الزمن لمكافحته، وهناك من يروج للحدث على أنه إشعار يؤذن بحلول نهاية العالم، بينما يعتبره آخرون جزءا من مؤامرة أو حربا بيولوجية. وفى هذا السياق رأينا كيف رفع فيروس كورونا حدة التوتر وتبادل الاتهامات بين زعماء العالم، فرأينا الصين تسارع وتتهم إدارة ترامب بإدخال الفيروس إلى مدينة (ووهان)، وتعزز هذا الاتهام أيضا من جانب إيران التي دخلت بدورها على الخط. لقد أظهر كورونا حجم الفجوة الثقافية والصحية بين دول العالم، وتأكد أن سياسة الإنكار واللامبالاة التي اتبعتها بعض الدول ساهمت في زيادة انتشار الفيروس. وهناك من يتخوف من أن يسبب التهوين من شأن هذا الوباء في زيادة عدد الضحايا نتيجة التضييق الاقتصادى والعزل الاجتماعى. كما أن الذعر الذى انتشر وطغى على الكثيرين أدخل الناس في دوامة هلع دفعت بالكثيرين منهم إلى تخزين السلع المختلفة استعدادا للبقاء داخل المنزل فترة طويلة. ولا شك أن الشائعات ونظريات المؤامرة التي تثار حول كورونا تساهم بشكل كبير في انتشاره وتزيد من نسبة الذعر والتوتر. وقانا الله وإياكم من هذا الوباء.