وافقت الحكومة السودانية فى اجتماعها الأسبوع الماضى، على تسليم الرئيس السودانى السابق عمر البشير، ورفاقه إلى المحكمة الجنائية التى تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ضد أبناء دارفور. ووفقا لطلب المحكمة ستقوم حكومة السودان بتسليم البشير ووزير دفاعه الأسبق محمد عبدالرحيم حسين ووزير داخليته أحمد هارون والقائد الشعبى على كوشيب وموسى هلال زعيم قبائل المحاميد وقائد الجنجويد وعدد كبير من قادة نظام البشير. وكان عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة وعدد من قادة المجلس العسكرى، قد رفضوا تسليم البشير، باعتبار ذلك مساسا بالسيادة الوطنية وقيام الحكوم باتخاذ قرار التسليم، يشير إلى خلاف بين مجلس السيادة والحكومة الانتقالية، أو أن هناك تنسيقا سريا بين الطرفين لخداع الشعب السوداني، حدث ذلك أيضًا عندما التقى البرهان، نتنياهو، وزعم عبدالله حمدوك رئيس حكومة الثورة إنه لم يكن على علم باللقاء. السودان الذى قام بثورة شعبية عارمة بقيادة تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير واطاح بنظام البشير، فى أبريل الماضى، يتم تسليمه الآن بالقطعة، بعد الفشل الكبير الذى منيت به حكومة الثورة، حيث اشتدت أزمات الخبز والطاقة والأسعار والدولار ولم تنجح حكومة الثورة فى إيقاف تسارع الازمات فى البلاد وهو ما دفعها إلى محاولة تغطية فشلها بالقيام بخطوات صادمة، ربما لإلهاء الشعب السودانى وصرفه عن احتياجاته الاساسية. وبعد تصفية كل من تعتقد أن له علاقة بنظام البشير، لجأ التحالف الحاكم إلى القيام بثلاث خطوات، كل منها تصلح لإشعال ثورة شاملة. أول هذه الخطوات هو اللقاء المفاجئ بين رئيس مجلس السيادة ورئيس حكومة العدو الاسرائيلى وثانيها هو الطلب المفاجئ من الأممالمتحدة بالاشراف على كل شىء فى السودان وهو طلب وصاية صريح وثالث خطوات الهروب الكبير الذى تمارسه حكومة الثورة هو تسليم البشير، ورفاقه إلى المحكمة الجنائية الدولية وإن كان تسليم البشير لن يضر الشعب السودانى شيئًا بعد تسليم السودان. الخطوات الثلاثة مرتبطة ببعضها ودخول إسرائيل إلى السودان يلزمه خطوات كبرى حتى تثبت حكومة الثورة إنها تابت من رفضها القديم وحتى تفسح المجال لحمايتها من الشعب السودانى الذى يقع الآن تحت استلاب كامل لوعيه من قبل قضايا إعلام داخلى وإقليمى ودولي، يقوم بالترويج لإسرائيل باعتبارها المنقذ وللاستعمار الجديد باعتبار أن الشعب قد فسد ولا يوجد به من يصلح للحكم ولتسليم البشير، ورفاقه باعتباره إنجازًا وطنيًا غير مسبوق فى التاريخ. كنا نتوقع وفقا للمعطيات أن يواجه السودان أزمات خانقة واضافية وكنا نتوقع تسليم السودان قطعة قطعة لأن من جاءوا يؤمنون بذلك صراحة ولكن ما لم نتوقعه هو هذا التعايش الغريب مع تلك المصائب. تسليم البشير، لن يتوقف عند شخصه ورفاقه ولكننا سنشاهد مسرحيات هزلية تتمثل فى وقوف الآلاف من أبناء الشعب السودانى أمام أبواب المحكمة الجنائية وهم يحملون قوائم لمتهمين جدد بارتكاب جرائم حرب وربما تطال تلك القوائم كل عرب السودان وهو ما يعنى اشعال حروب عربية إفريقية فى كل شوارع وازقة السودان. ووصاية الأممالمتحدة وفقا للفصل السادس سوف تحال بالضرورة إلى طلب تدخل عسكرى من مجلس الأمن وفقًا للفصل السابع وهو ما يعنى احتلال مباشر للسودان وارتكاب الفظائع باسم الأممالمتحدة. السودان إذن يتحرك بسرعة نحو الهاوية بناء على طلب قادة ثورته.