في روايته النفق يقدم الكاتب محمود قنديل، عملا من الأعمال القليلة التي يسعي كتابها إلي التجديد علي الرغم مما يحمله الأمر من مخاطرة قد تخصم من رصيد الكاتب، وقد نجح قنديل في أن يبحر بنا عبر خطين متوازيين لنص واحد يتقاطعان في نقطة الحقيقة حيث يتمكن البطل من مواجهة واقعه، نصان، أحدهما كلاسيكي لقصة انسانية لكفاح أخت في تربية أخيها سالم الذي ارتبط منذ طفولته بقصة حب كللت بالزواج ثم جاءت النهاية الحزينة، بينما بالتوازي تقرأ قصة أخري تتحول فيها لغة الحكي إلي لغة الحواديت الأسطورية حيث يفقد سالم نفق العودة من المقابر فيبدأ رحلته إليه من جديد عبرعوالم تبدو في ظاهرها غير أرضية مليئة بالخوف والغموض والخلط بين الوهم والحقيقة، تقوده عجوز بلغت من الغموض والعلم مبلغا، وكأنما يبحث سالم عن طريقه عبر النص الموازي ليصل إلي مرحلة التصديق والتسليم برحيل الحبيبة والقبول بدفن رفاتها الذي يحمله علي ظهره، فيري الوجه الآخر للعالم بكل قبحه وزيفه ووعورة دروبه وتوحش ساكنيه، ويتعلم الحكمة في كل خطوة يخطوها مع العجوز حيث استخدم الكاتب في هذا النص رصيده المعرفي من الخرافات الأسطورية ولغة المتصوفة التي قد تبدو للوهلة الأولي مرهقة لذهن القاريء إلا أنه لايلبث ان يألفها محاولا فك رموزها ودلالاتها، بينما جاء النص الأصلي كمتسلسلة قصصية تشكل نصا روائيا متميزا في لغته محكم النسيج يلتحم مع قضايا مجتمعه خاصة أن بطل النص أصبح كاتبا ثائرا عاني من محاولات قصف القلم وكافح ضد الظلم وهو نفسه الظلم الذي كشف النص الموازي عن وجوهه المتعددة في عالم قد يظنه القاريء خرافيا بينما هو الصورة الحقيقية للواقع المرير.. تحية لكاتب مختلف ونص مميز.