ما إن نشر خبر إستقالته من عمله كطبيب طوارئ بمستشفى دار الشفا وأنهالت عليه التهانى والفرحة من زملائه الأطباء الذين يجدون ان هجرة العمل بوزارة الصحة هو الملجأ الوحيد للنجاة. الدكتور صالح عمار هو أخر طبيب طوارئ فى مصر قدم إستقالته وأصبح طبيبا حرا , صالح كان يعمل فى اليوم أكثر من 24 ساعة ولا يذهب الى منزله عمله المستمر طوال هذه الفترة يعود الى سببين ,الاول بحكم تخصصه وهو طبيب الطوارئ والذى يكاد الطبيب الوحيد بالمستشفى ,أما السبب الثانى وهو قلة أعداد الاطباء فى هذا التخصص . وعقب تقديم إستقالته قال الدكتور صالح فى رسالة للمريض المصرى " انا اسف, لم أعد استطيع أن اشارك فى هذه الجريمة والتى ينظر اليها الجميع وظل صامتا " وأستكمل"انت كمريض ليس لك ذنب وانا ايضا ليس لى ذنب ".مؤكدا ان إستقالته ليس بسبب ضعف المرتبات فقط رغم ان راتبه كان لايتعدى 2600جنيه ,أى لا يتعدى 160دولار في الشهر" ويعتبر ذلك اقل دخل طبيب على مستوى العالم.. مشددا انه يستطيع ان يعمل دون مقابل طالما فى خدمة مريض الطوارئ ,وأن السبب وراء إستقالته وإستقالة زملائه الأطباء هو عدم وجود مستلزمات وامكانيات طبية وبيئه عمل صالحة يستطيعوا من خلالها تقديم خدمه طبيه حقيقيه للمريض. الدكتور صالح لم يكن الطبيب الوحيد الذى قام بتقديم إستقالته, فبحسب إحصائيات نقابة الأطباء فإن أعداد الأطباء الذين تقدموا بإستقالاتهم فى تضاعف مستمر ,حيث أن عدد الإستقالات فى 2016 بلغت 1044 طبيب مستقيل ,وفى 2017 أصبحوا 2049 ,أما فى 2018 وصلوا الى 2397 إستقالة اى مايزيد عن 5 ألاف طبيب مستقيل خلال ثلاث سنوات فقط. إستقالات الأطباء من العمل بمستشفيات وزارة الصحة ,لم تكن وليدة هذا العام وانما على مدار الثلاث سنوات الماضية وأصبح هناك نقص فى أعداد الأطباء فى المستشفيات خاصة التخصصات الحرجة مثل الرعاية المركزة والطوارئ. هذا النقص بالمستشفيات ادى الى إعلان الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان عن عدم وجود اطباء يعملون فى المستشفيات ,وان هناك 60% من الأطباء يعملون خارج مصر ووجهت رسالة للأطباء: "بلدك علمتك بدون تكلفة عالية، بلدك أولي بيك"، أما عن أسباب إستقالات الأطباء فقال الدكتور محمد عبد الحميد امين صندوق نقابة الاطباء " أهم هذه الأسباب هى ضعف الأجور والمرتبات ونقص المستلزمات ,وبدل العدوى المُخزى والذى لا يتعدى 19 جنية شهريا ,هذا بالإضافة الى الإعتداء المستمر على الأطباء فى المستشفيات بإعتبارهم السبب الرئيسى لنقص الإمكانيات والمستهلكات." اضاف"وايضا من الأسباب الرئيسية لإستقالات الأطباء مصاريف الدراسات العليا التى يتحملها الطبيب وتصل تكلفتها من 3000 الى 4000جنيها رغم ان القانون يحتم على جهة العمل تحملها وهذا لا ينفذ على ارض الواقع . ومن جانبه طالب الدكتور إيهاب الطاهر بضرورة إصلاح احوال الأطباء قبل أن يأتى اليوم الذى لا نجد فيه أطباء لعلاج المصريين . اضاف" فى السنوات الأخيرة أزدادت أزمة هجرة الأطباء للخارج ووصلت الى طلاب الطب فى مرحله ما قبل التخرج فهم يبحثون الآن عن فرصة للخارج بدراسة معادلات أجنبية تتيح له السفر حتى قبل التخصص. أما عن الحلول لمواجهة تلك الأزمة قال " أولاً لابد من رفع موازنة الصحة وتحسين الأجور وزيادة بدل العدوى ولا يقل عن 2000 جنيه , وزيادة المعاشات الخاصة بالأطباء ومحاسبة الأطباء محاسبة مهنية وليست جنائية مثلما يحدث فى العالم كله , وتحمل الوزارة وجهة العمل تكلفة الدراسات العليا للطبيب وزيادة تأمين المستشفيات وحماية الطبيب من الاعتداءات المستمرة ." واتفق مع الأراء السابقة الدكتور مجدى مرشد عضو لجنة الصحة بمجلس النواب قائلا"مصر بها 30 كليه طب بين حكومى وخاص وقوات مسلحه تخرج كل عام ما يقرب من 12000 طبيب وعدد الأطباء البشريين وفقا لأخر إحصائيات نقابه الأطباء حوالى 240000منهم حوالى 30000طبيب بمصر والباقى بالخارج نتيجة اعارات او هجرة تتزايد خلال السنوات الاخيره ,وتعتبر السعودية من اكثر الدول التى بها اطباء مصريين حيث يوجد بها ما يقرب من 60000 طبيب مصرى ." اضاف"وطبقا للأطباء المتواجدين بمصر والبالغ عددهم 130000طبيب فان نسبتهم للسكان هى 1.3 طبيب لكل 1000 مواطن والنسبه العالميه المتفق عليها كمتوسط هى 1.8 طبيب لكل 1000مواطن وبالتالى نسبتنا ليست بعيده ." مؤكدا ان المشكلة الأكبر تكمن فى الأطباء بوزارة الصحه فعددهم وفق اخر إحصاء فى 2018 هو 56965 طبيب موزعون على كل القطاعات الحكوميه بالوزاره والعدد الامثل لقطاعات وزارة الصحه هو 104839 اى ان هناك عجز قدره 50431 طبيب بالحكومة وهذا العجز يتزايد نتيجه هجرة واستقاله عدد كبير من الأطباء فى السنوات الأخيرة. إستكمل"باقى الأطباء بمصر حوالى 28000 طبيب خاص و20000 طبيب بالمعاش ومازالو يقدمون خدمة صحيه وحوالى 20000 طبيب بالمستشفيات الجامعيه المختلفه وعدد لا يقل عن 5000 بمستشفيات القوات المسلحة والشرطه ومن ثم يقترب عدد مقدمى الخدمة من الاطباء بمصر من 130000 طبيب وهو عدد يكفى لتقديم خدمه طبيه معقوله." مؤكدا ان المشكلة الأساسية ليست فى عدد الأطباء وإنما فى نقص الأطباء العاملين بالحكومه او بوزاره الصحة وعجز إجمالى حوالى 50000 طبيب وتزايد النقص بالإستقاله والهجرة فى هؤلاء الأطباء تحديدا."