يواصل معرض العلا والمسمي بواحة العجائب في الجزيرة العربية تألقه منذ افتتاحه أمام الجمهور في التاسع من شهر أكتوبر الجاري بمعهد العالم العربي بباريس، و يعد هذا المعرض الأول من نوعه عالمياً من حيث تسليطه الضوء علي تلك المنطقة الحضارية بالمملكة العربية السعودية لأهميتها التاريخية والثقافية الضاربة في القدم من جهة، ومن جهة أخري لجمالها الطبيعي الأخاذ ولاهتمام المسئولين بالسعودية بتلك المنطقة التي تحتوي علي كنوز تتنوع بين الأماكن التاريخية والطبيعية والسياحية كمتحف مكشوف، ولهذا فقد وضعت لها بعض الاستراتيجيات لتطويرها لتواكب رؤية السعودية للعام 2030، ومنها التعاون المُشترك بين السعودية وفرنسا لتطوير العلا لتُصبح مركزًا للثقافة والتراث والطبيعة والسياحة والتعليم وحماية وحفظ التراث والآثار، ولهذا فقد حظيت فرنسا بإقامة أول معرض متنقل لتك المنطقة والذي يستمر عرضه بمعهد العالم العربي بباريس حتي 19ش من شهر يناير القادم. ووفقا لموسوعة الويكيبديا تقع منطقة العلا في أقصي شمال غرب السعودية، وتبعد عن المدينةالمنورة بنحو 300 كيلومتر، وتعتبر ملتقي الثقافات العالميَّة، لأنها كانت منذ القدم مكانًا للتبادل التجاري، كما تتميز بمرتفعاتها الجبليَّة التي تحيط بالعلا من كل جانب، وارتباطها بالمدن المحيطة بها عبر طرق وممرات زراعية، وتعد محافظة العلا التابعة للمدينة المنورة آثاراً تعود إلي أكثر من 300 سنة قبل الميلاد، أكبر تجمع لآثار حضارات قديمة مثل المعينية، والديدانية، والنبطية، واللحيانية، نظراً لموقعها علي طريق البخور والتوابل الذي ربط جنوبيّ الجزيرة العربية بشماليّها وبالمراكز الحضارية في بلاد الرافدين والشام ومصر. وقد ذكر ياقوت الحموي العلا في معجمه وهو جمع العليا، وهو اسم لموضع من ناحية وادي القري بينها وبين الشام، نزل بها النبي محمد في طريقه إلي غزوة تبوك، وحدد بها مكاناً لمسجد وضع حدوده بالعظام فبناه أهلها بعد ذلك وأسموه مسجد العظام، وكانت قديما تُسمي ديدان ويروي أن سبب تسميتها بالعلا أنه كان بها عينان مشهورتان بالماء العذب هما المعلق وتدعل، وكان علي منبع المعلق نخلات شاهقات العلو يطلق عليها العلي. وتقع مدينة العلا بين جبلين كبيرين علي واد خصب التربة، تزرع فيه النخيل والحمضيات والفواكه كما تتوفر المياه الجوفية علي مسافات قريبة رغم الشح الكبير في الأمطار، وهي من ضمن المواقع الأثرية المسجلة بمنظمة اليونسكو، وهي عاصمة الأنباط الثانية قديما، و مناخها قاري حار صيفاً وبارد شتاءً يتبعها قرابة 300 قرية. الآثار، وتضم محافظة العلا آثار قديمة تعود إلي أكثر من 300 سنة قبل الميلاد، وتشير الدراسات أن العلا زارها رحالة مسلمون خلال رحلاتهم إلي الحج منهم ابن بطوطة وعبدا لقادر الجزيري، ومستكشفين غربيين كالرحالة الإنجليزي ج كوك الذي أعد دراسة عن العلا بعنوان الكتابات السامية الشمالية، ومن أهم معالم العلا منطقة الحجر أو مدائن صالح كما ذكرها ياقوت الحموي في معجمه بالكسر ثم السكون، وراء هو في اللغة ما حجرت عليه أي منعته من أن يصل إليه، والحجر هو العقل واللب والحجر بالكسر والضم، الحرام، والحجر اسم ديار ثمود بوادي القري بين المدينةالمنورة والشام، ويقال الحجر كانت تعرف بمدائن صالح أو قري صالح أو عدال، وهي ثانِ أكبر مدن الأنباط، ومن أصحابه المعروفين بقوم ثمود الذي جاء القرآن بذكرهم بأنهم رفضوا دعوة نبي الله صالح وعقرهم الناقة التي أرسلها الله لهم آية، وتضم هذه المنطقة الكبيرة آثار قائمة وأخري تنتظر الكشف عنها. والآثار القديمة في الحجر تتمثل في القصور ومحلب الناقة والديوان، ومن كهوف ومقابر منحوتة في الجبال لأقوام حكموا شعوب هذه المنطقة من آشوريين وأنباط ورومان وعرب ولاحتوائها علي أماكن العبادة والنقوش الصخرية التي تركها الأقوام المتعاقبة وهي آثار ثمودية ولحيانية ونبطية. ويبلغ عدد المدافن بمدائن صالح 131 مدفناً وتقع جميعها في الفترة من العام الأول قبل الميلاد إلي العام 75 ميلادية، وهي تحمل ملامح فنية رائعة وغاية في الجمال فالمقبرة عند أصحاب الحجر لصاحبها وأسرته جيلاً بعد جيل كما نحت أعلاه لوحة سجل عليها وصيته وأن هذه المقبرة تخصه وتخص عائلته وتعد آثار الحجر من أبرز وأهم المواقع الأثرية في العالم قلعة موسي بن نصير وتقع فوق قمَّة الكتلة الصخرية التي تتوسط حي الديرة في الطرف الشرقي من القرية والمطل علي المنطقة الزراعية، وآثار سكة الحديد الحجاز في أكتوبر سنة 1899، وهي محطَّة علي خط سكة حديد الحجاز، التي كانت تربطها ببلاد الشام، مرورًا بمدينة تبوك. ويهدف معرض العلا، واحة العجائب في الجزيرة العربية بمعهد العالم العربي بباريس إلي التعريف بمحافظة العلا وعلي ما تحتويه من جمال وثروات طبيعية، وبهدف نقل الزائر عبر رحلة جغرافية غنية بالألوان والمشاهد الطبيعية الحافلة بمعالم التراث المتواصل الذي يمتد لسبعة آلاف عام من الحضور البشري في هذه المنطقة التي تعاقبت عليها حضارات وثقافات وممالك، وأيضا كنتاج تعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وبين معهد العالم العربي بدعم من الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا، برئاسة جيرارد ميستراليت، ، وقد احتوي المعرض علي250 قطعة أثرية برئاسة الهيئة الملكية التي يرأسها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود، الذي حضر الافتتاح بمشاركة السيد / جاك لانج رئيس معهد العالم العربي بفرنسا حيث افتتح المعرض رسميا وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا الأمير بدر بن عبدا لله بن فرحان، بمشاركة وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر، وبحضور الأمير سلطان بن سلمان مؤسس ورئيس مؤسسة التراث الخيرية رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، كما حضر الافتتاح السفير السعودي لدي ألمانيا الأمير فيصل بن فرحان، ووزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، وكبار الشخصيات والمسئولين في مجالات الآثار والفنون والثقافة والطبيعة، بما في ذلك المهندس المعماري الفرنسي الشهير جون نوفيل، والمديرة العامة السابقة لمنظمة اليونسكو إيرينا بوكوفا، وقد أشار جاك لانج رئيس معهد العالم العربي إلي أمكانية انتقال المعرض إلي عدة عواصم ومدن عربية وعالمية، مشيرًا من بينها إلي مدينة سان بطرسبرغ الروسية، هذا وقد راعي القائمين بالمعرض علي عرض المقطع الأثرية علي اختلاف أحجامها بطرق عصرية عملت بدورها علي توفير رؤية تاريخية وتثقيفية وتربوية متكاملة للزائر، كما حرص المنظمون أيضا علي أن ينقل المعرض صورة حية عن غني منطقة العلا مترامية الأطراف، واستخدام تكنولوجيا تصويرية متطورة لإعطاء صورة حية ومتكاملة عن المنطقة بجمالها وآثارها أمام الزائر ولهذا يسجل المعرض إبهارا وإقبالا كبيرا أمام الزائرين من الفرنسيين والأوربيين ومن أبناء الجاليات العربية والإفريقية ومن جانب الدارسين والمهتمين بالحضارات الإنسانية الضاربة في القدم والتي مازالت لوجودها تحكي لنا قصص التاريخ ومنها حضارة الأنباط تاريخ العرب منذ طريق البخور كنقطة عبور مهمة للقوافل علي الطرق التجارية التي تربط بين شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا والهند، ولتسليط الضوء علي كنوز الحضارات القديمة التي تزخر بها محافظة العلا التي ألهمت خيال المستكشفين ورواد علم الآثار.، ولتسليط الضوء علي تلك المنطقة التي مثلت علي مر التاريخ مفترقًا للطرق بين الشرق والغرب، حيث بنيت وتطورت بمساهمة مجتمعات وحضارات متعاقبة علي مدي آلاف السنين. يذكر أن هذا المعرض قد نظمته كل من عالمة وكاتبة الآثار الفرنسية ليلي نعمة، وعالم الآثار السعودي عبد الرحمن السحيباني، بتعاون دولي بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومعهد العالم العربي، الذي يرأسه 'جاك لانج'، وبدعم من الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا 'AFALULA'، برئاسة جيرارد ميستراليت.