عندما ينقسم شعب دولة بحجم مصر ويختلف على فكرة التجمع والحشد فى الميادين والساحات لتأييد الرئيس أو عدم حدوث ذلك لتفويت الفرصة على العناصر المعارضة واندساسها بين المؤيدين لارتكاب أعمال تخريبية وإشعال الفوضى.. هنا لابد من الاعتراف بأنه «فيه حاجة غلط». ربما فى عدم وجود أحزاب سياسية تتخذ قرارًا موحدًا تتفق عليه بعد دراسته. ربما لعشوائية وسائل الإعلام فى تناول الأحداث والتغطيات حيث يتولى أمرها بعض الهواة ومن شغلوا مناصبهم بالمحسوبية والوساطة دون أدنى قدر من الخبرة والمهنية الإعلامية. أو ربما لتقاعس النخبة الواعية سياسيًا وثقافيًا عن أداء دورها التنويرى والتعبوى فى مثل هذه الأمور وما تتطلبه خاصة بعد حقبة من التجريف التعليمى والثقافى واستبداله بالغث من الآداب والفنون المستجلبة من مواخير العالم. وأخيرًا.. ربما لم يكن فى اهتمام أجهزة الدولة ذات الصلة أن تدعو لأحد الأمرين (الحشد للتأييد - أو الامتناع لدواعٍ أمنية). على أى حال.. كان الأولى - وهى وجهة نظر شخصية - أن تتعامل الأجهزة والمؤسسات المعنية والقادرة على التعامل فور ظهور مصرى خارج البلاد وبدافع شخصى منه عززه واستغله أعداء مصر بالخارج دول وجماعات فأيدوه ودعموه ووفروا له قنواتهم كمنصة يطلق منها تفاهاته وقلة أدبه، وأكاذيبه وادعاءاته.. أقول: كان الأولى التعامل مع ذلك الموقف بحرفية وذكاء (وهما متوفران لدى هذه الأجهزة) ووأد صوته فى مهده وإسكاته بالقانون وبإجراء لا يدين الدولة خارجيًا، وفى نفس الوقت تعمل على تهيئة الرأى العام المصرى لاستقبال ترهاته بقليل من الاهتمام ودون الشعور بأدنى درجات القلق، كما تعزز ثقة المواطن فى مؤسسته الرئاسية وقواته المسلحة. لكن ومع الأسف أن يُترك الأمر لاجتهادات إعلامية وأفراد يتولون الدفاع عن الدولة والرئيس بتبادل الألفاظ والإيحاءات الخادشة التى تقوم الدنيا على إحداها لو ظهرت فى عمل فنى وربما يُمنع العمل من العرض.. فهذا شىء من عدم التوفيق كسلوك متحضر وتصرف محترف. فلا كان المطلوب مزيدًا من الراقصات وربات البيوت العشوائية أن يتولين الاشتباك والمساجلة اللفظية المتدنية عبر مواقع وصفحات التواصل، ولا كانت دعوات الحشد التى بدت هزيلة غير معبرة عن واقع التأييد الحقيقى لشخص الرئيس من الأغلبية التى تقدر خطورة الموقف وتدرك عدم ملاءمة الوقت للتعبير عن بعض المطالب والاحتياجات التى تخفف ضغوط الأوضاع الاقتصادية أو الكشف عن شبهة تقصير هنا وأخرى هناك فى أروقة الجهاز الإدارى، فلكل مقام مقال.