مرة أخرى ينشط رواد عالم الفيسبوك بنشاط واجتهاد زائد وهم يتبارون فى إصدار الأحكام ونقل الروايات حول واقعة متكررة ربما تحدث يوميًا فى مدن وأحياء مصر المحروسة وكأنها حرب مقدسة لا يجب تفويتها دون مشاركة أو تعليق أو حتى ابداء رأى فى ظاهرة سيئة أصبحت تنذر بأن يتحول هذا العالم الذى كان افتراضيًا يوما ما إلى قاضٍ وجلاد يصدر الأحكام وينفذها بعيدًا عن كل قواعد التثبت واليقين والبعد عن التعميم الفاسد الذى أوردنا كثيرًا موارد الهلاك..!! واقعة فردية.. هكذا هى الحقيقه التى أغفلها الجميع على جانبى المعادلة بين متعاطف او منتقد أو متطرف فى الأحكام والنتائج .. صاحب مطعم يتعدى باللفظ على سيدة كبيرة فى السن بسبب اعتراضها على تعديه السافر ضد خصوصيتها داخل منزلها وتضررها من روائح وحرارة الأفران التى يعد بها الطعام وإغلاقه لجزء من مدخل العمارة التى تقطن بها أيًا كانت التفاصيل فحتى هنا والأمر متكرر الحدوث ولكن أن يستغل البعض هذا الحادث ليحولوه إلى حرب شعواء ضد جنسية الشخص المعتدى الذى تصادف فى الواقعة أن يكون سوريًا مقيمًا على أرضنا المضيافه فهذا ما لا يليق بنا ابدًا. أخطأ الرجل وتمت معاقبته باغلاق المحل بعد ثبوت وجود مخالفات سابقة ضده حتى وإن تطرق البعض لكون هذه المخالفات قديمة وتم التغافل عنها لمدة طويلة فهذا شأن الأجهزة الرقابية التى نثق أنها ستتابع الأمر جيدًا ولكن فى النهاية انتهت القصة الفردية وحصل الرجل على عقابه فلماذا التهويل وتعميم الأمر على أنه ظاهرة والتطرف فى الهجوم لنصل إلى أن ينادى البعض بطرد جميع الأشقاء المحتمين بأمن مصر وحضنها إلى خارج الديار.. ليست مصر ابدًا التى تتخلى عن أبناء العروبة حتى وإن تجاوز بعضهم فى حقها ولنقرأ كتب التاريخ لنعلم أن مصر فقط هى من فتحت أبوابها دائمًا أمام كل ابناء الجنسيات العربية فهذا قدرنا ودورنا الذى لم ولن نتخلى عنه مطلقًا ولكننا بالفعل قد تمادينا مؤخرًا خلف دعوات التشتت التى لا تصب إلا فى مصلحة من يكرهون هذه اللحمة العربية فأصبحنا عنصريين بعض الشىء ونسينا أن مصر وسوريا بينهم تاريخ وعطاء مشترك لا يمكن إغفاله ابدًا. واقعة تدق أجراس الخطر وتنذر بأن الأمر يحتاج إلى إعادة بث روح الهدوء داخل أرجاء هذا العالم الافتراضى الصاخب الذى أصبح يكيل بمئات المكاييل يمينًا ويسارًا فى قضايا متشابهة رغم نقص المعلومة والافتقار إلى دقة القرار ويبقى الأهم لدينا أن نذكر هؤلاء بأن لنا من أبناء مصر أكثر من 10 ملايين مواطن يعيشون فى بلدان أخرى عربية وغربية للعمل والرزق والدراسة فى شتى بقاع الأرض فلماذا ننكر على الآخرين أن يعيشوا بيننا ما داموا قد التزموا بقواعدنا وأصول مجتمعنا وأن نحاسب من يخطئ أو يتعدى فهذا وارد جدًا فى عالمنا المتقلب فكريًا وأخلاقيًا ولكن دون أن نسقط فى فخ التعميم فما زالت النفس البشريه ايًا كانت جنسيتها تحمل جينات الصواب والخطأ فنحاسب من أخطأ ونقدر من أصاب والتزم بحدود وقوانين وأخلاقيات بلدنا ومجتمعنا المصرى الراسخة. قليلاً من الهدوء فى التعامل مع مثل تلك القضايا فما زال الوطن العربى جريحًا يحاول أن يلملم أشلاءه بعد سنوات من التمزق والمؤامرات وحتى لا نعطى لعدونا سيكنًا يذبحنا به حين نهون على بعضنا فيسهُل كسرنا من جديد فما زالت مصر هى أم الدنيا وقاطرة العرب وما زالت حدودها تتسع للجميع حين يتأزم الوضع فى بلادهم فلنستعد سريعًا تلك القيمة وذلك الدور ولنحرص ان نذكر الصغار كيف كان الجيش السورى مثلاً هو جيش مصر الأول وكيف كانوا بجانبنا على جبهات القتال فى حربنا المشروعة ضد الاحتلال والغطرسة ولنخبرهم كيف صدحت الإذاعة السورية فى دمشق بالنداء الخالد (هنا القاهرة من دمشق) حين قصفت طائرات العدو مقر الإذاعة المصرية بالقاهرة أثناء العدوان الثلاثى.. مازال لدينا الكثير والكثير الذى يجب أن نخبر الصغار عنه فهذا تاريخ طويل من الارتباط والدم لا يمكن اغفاله تحت أى مسمى وبفعل أى واقعة فردية تحدث يوميًا من المصريين أنفسهم ضد بعضهم فلماذا غض الطرف عن وقائع مشابهة تملأ شوارع مصر وحواريها والتركيز فقط على هذه الواقعة. فى النهاية نقول بكل اعتدال مرحبًا بالأشقاء على أرض بلدهم الثانى مصر وليتحمل من يخطئ وزره وحده دون أن يدفع بقية أبناء جنسيته الثمن فلسنا عنصريين أبدًا عبر تاريخنا الممتد فهنا مصر بلد السماحة والكرم وهنا مصر التى لم تغلق بابها فى وجه من لاذ بها واستجار ولنهجر هذا التعميم الفاسد الذى بات أحد أهم عيوبنا المعاصرة وننتبه جيدًا لما نقول وننشر على مواقع التواصل فهناك من يتربص وينتظر لعله يجد مدخلاً بيننا ينقض منه على الجميع مجددًا دون رحمة أو هوادة.. حفظ الله أقطار الوطن الغالى.. حفظ الله مصر.