المتابع لخارطة المشروعات القومية التى تشهدها مصر خلال السنوات الماضية يجد أنها موزعة من شمال الجمهورية لجنوبها ومن غربها لشرقها من أجل إحداث تنمية حقيقية فى كل بقعة على أرض مصر ومن أجل عدالة حقيقية فى توزيع المشروعات التنموية التى تساهم فى تخفيف الضغط والعبء عن منطقة وادى النيل. ومن هذا المنطلق، يأتى مشروع المثلث الذهبى (سفاجا، القصير، قنا) فى الصعيد (جنوب مصر) والذى يُعد من حيث الأهمية الذراع الثانية لمحور التنمية فى قناةالسويس. فما هى تفاصيل هذا المشروع العملاق الذى يمثل - بلا أدنى مبالغة- مستقبل الصناعة والاستثمار فى مصر خلال السنوات القادمة؟ بدأت قصة هذا المشروع العملاق فى يوم 17 يولية 2017م، بصدور القرار الجمهورى بإنشاء المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا بإنشاء عاصمة صناعية على مساحه 2228754 فدانًا، وذلك دون المساس بالملكية القائمة داخلها مع احتفاظ القوات المسلحة بملكيتها للأراضى داخل المساحة التى تخص شئون الدفاع عن الدولة، على أن تتبع الهيئة رئيس مجلس الوزراء، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة، ويكون مقرها مدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر. كما نص القرار الجمهورى على أن تؤول إلى الهيئة ملكية الأراضى والمنشآت المملوكة للدولة داخل المناطق المحددة بقرار رئيس الجمهورية. وقد تواكب مع صدور القرار الجمهوري، قيام شركة «دابولونيا» الإيطالية، وهى الشركة المكلفة بإعداد الدراسة والمخطط العام لإقليم المثلث الذهبى، بقطع مراحل متقدمة فى سبيل إنهاء الدراسة. عاصمة صناعية جديدة ويمتد مشروع المثلث الذهبى بين قنا والقصير وسفاجا، وما حولها، على أن يتم من خلال المشروع إنشاء عاصمة صناعية جديدة (مقرها سفاجا بمحافظة البحر الأحمر) بتكلفة تبلغ 19 مليار دولار، فيما يستهدف المشروع مبدئيًا تحقيق عائد سنوى للدولة يقدر ب 6 مليارات دولار. ويٌعد المشروع بمثابة قلعة اقتصادية صناعية جديدة فى صعيد مصر سوف تخلق مجتمعات عمرانية وتنموية لم تكن موجودة من قبل إذ يشمل المشروع تطوير المدن والموانئ والطرق المحيطة بالعاصمة الصناعية (ميناء الحمراوين - ميناء سفاجا - مدينه القفط - مدينة سفاجا - طريق القصير)، كما يوفر هذا المشروع استغلال الموارد المعدنية عالية الجودة فى المنطقة بين سفاجا والقصير وقنا. كما يهدف المشروع إلى توفير مساحة للاستخدام الاقتصادى والسياحى والتجارى والصناعى والزراعى على مساحة 840 ألف فدان. وسوف تنفق الحكومة المصرية نحو ( 2.5) مليار دولار لبدء المرحلة الأولى من المشروع الذى يُتوقع أن يشهد تطورًا على ست مراحل، تستغرق كل واحدة حوالى 5 سنوات. تجمعات صناعية تتميز منطقة المثلث الذهبى بكثافة تواجد العديد من الخامات المعدنية، لذلك يتوقع قيام تجمعات صناعية ضخمة تقوم على الرمال البيضاء والكوارتز والسليكا، والطفلة الكاولنيه، والرخام وأحجار الزينة، الحجر الجيري، وكذلك طفلة الأسمنت وصناعات الاسمنت والصناعات النادرة مثل: التانتيوم، والفاناديوم، ومجمع صناعات الفوسفات، ومجمع تكرير الذهب والصناعات التى تقوم عليه. من المتوقع أن ينقل المشروع حوالى 2.5 مليون طن سنويًا من الفوسفات. تطوير المدن والمواني ابتداءً، تجدر الإشارة إلى أنه يمكن الوصول إلى منطقة ميناء سفاجا باستخدام طريقين رئيسيين: الأول طريق قنا - سفاجا بطول 164 كم وعرض 5.7 متر. و الثانى طريق القصير- قفط بطول 174 كم وعرض 7.5 متر، وهما طريقان حيويان لربط مدن الصعيد بساحل البحر الأحمر وممران لتنمية المنطقة بينهما. وتهدف عملية تطوير ميناء سفاجا فى إطار مشروع المثلث الذهبى إلى تحويل هذا الميناء التجارى الصناعى إلى ميناء عالمى من خلال: إنشاء أرصفة جديدة جنوب الميناء الحالى بأعماق مختلفة، وتهيئة الميناء لأغراض متعددة ( صب جاف – بضائع عامة – حاويات )، ومشروعات خدمات الشحن والتفريغ والنقل البحرى إلى جانب تطوير الميناء ليصبح ميناءً تجاريًا نموذجيًا يقدم كافة التسهيلات، وميناءً سياحيًا لاستقبال اليخوت والعائمات السياحية الكبرى، بالإضافة إلى تطوير مدينة سفاجا نفسها لتعزيز مكانتها السياحية والتجارية والصناعية. القصير وقفط وعلى صعيد عملية تطوير مدينة القصير، فسوف تصبح مقصدًا سياحيًا عالميًا خاصةً على الصعيد البيئي، فضلًا عن تنمية ميناء القصير بوصفه ميناءً للركاب والبضائع. وإلى جانب ذلك، سوف تتم تنمية مدينة قفط (جنوب محافظة قنا) ومنطقتها الصناعية التى تخدم ميناء القصير من ناحية، ومدن الصعيد كلها من ناحية أخرى. فيما يهدف تطوير ميناء الحمراوين لجعله ميناءً متكاملًا مع ميناء سفاجا لتجارة المواد التعدينية والحجرية والمواد الاستخراجية المصنعة. الجذب السياحي وتتوفر فى منطقة المثلث الذهبى العديد من المزايا التى تؤهلها لأن تكون جاذبة للسياحة (سياحة الشواطئ والغطس، والألعاب المائية، وسياحة السفارى، والسياحة البيئية وخاصة تسلق الجبال وغيرها). وفى مقدمة تلك المزايا، سهولة الوصول إليها عبر سلسلة من الموانى والمطارات ومنها مواني: سفاجا، الغردقة، القصير، الحمراوين، ومطارا: الغردقة ومرسى علم الدوليان. ويدعم ما سبق، ثراء المناطق التاريخية والأثرية بمناطق الظهير الصحراوى حتى وادى النيل. ومن هذه المزارات: ضريح أبو الحسن الشاذلي، ودير الأنبا بولا، ودير الأنبا انطونيوس، وكذلك أطلال مدينة رومانية بمنطقة جبل الدخان، وقلعة رومانية بمنطقة ابو شعرة شمال مدينة الغردقة ومعبد برانيس، ومعبد سيتى الأول. كما تمثل المحميات الطبيعية فى محافظاتقنا وأسوان والبحر الأحمر أحد اهم المقومات السياحية لمنطقة المثلث الذهبي، ومنها: جزر البحر الأحمر وعددها 22 جزيرة والتى تتميز بتنوع الحياة البحرية بها والعديد من الطيور النادرة، ومحمية أبرق، ومحمية وادى الدئيب، ومحمية وادى علبة، وحماطة، وجبل شايب. فرص استثمارية هناك فرص استثمارية واعدة للمستثمرين السعوديين والعرب والأجانب تتمتع بها محافظة البحر الأحمر فى إطار المثلث الذهبى تتركز فى مشروعات التعدين والمحاجر لا سيما أن هذا المشروع يتميز بوجود ميناء بحرى لسهولة التصدير للخارج وشبكة طرق حديثة، إضافةً إلى الأمان الكامل الذى تتمتع به منطقة المشروع. وتشهد محافظة البحر الأحمر طفرة سياحية غير مسبوقة، إذ تتركز الاستثمارات العربية تحديدًا فى القطاع السياحى والفندقى، ومنها مشروع «بورت غالب» الذى يتكون من مطار مرسى علم ومارينا وبورت غالب وعدد من الفنادق والقرى السياحية، وقاعة مؤتمرات كبرى أقامتها مجموعة «الخرافي» الكويتية، بالإضافة إلى وجود استثمارات سعودية وليبية وكويتية فى الغردقة وسفاجا ومرسى علم. اجتماع هام بناء على توجيهات رئاسة الجمهورية، عقد مجلس الوزراء المصرى برئاسة د. مصطفى مدبولى اجتماعًا هامًا يوم 21 يولية الماضى لوضع الخطوات التنفيذية لبدء تفعيل مشروع المثلث الذهبى حيث تم تشكيل مجموعة عمل لهذا الغرض. وفى ذلك الإجتماع، أشار وزير الكهرباء إلى أنه سيكون هناك خطوط كهرباء بالمشروع بطاقة 220 ك.فولت بنهاية العام الحالي، وهو ما سيؤدى كذلك إلى المساهمة فى تحسين الخدمة للمستفيدين بالمناطق المحيطة.