يكمن السر في نجاح ثورة السودان،وبلوغها مراميها كاملة،هو أنها ثورة"سلمية"..خرج فيها الملايين من أبناء شعب السودان الشقيق،رافعين مطالبهم العادلة،في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة،دون السقوط في دائرة "العنف". شهور طويلة مضت،منذ سبتمبر الماضي،حين صمم "أهل السودان"ألايعودوا لبيوتهم،إلا ورايات النصر ترفرف فوق ربوع الوطن العزيز،والذي ذاق الأمرين علي يد حكومات البشير المتعاقبة منذ الثلاثين من يونية من العام 1989. وكان السبت الماضي"كرنفالا"احتفاليا"رائعا"تجلت فيه روح "أهل السودان"الحقيقية..حين تجمعوا في"قاعة الصداقة"الشهيرة في "الخرطوم"،والتي لطالما شاركنا في العديد من فعالياتها عبر سنوات طوال..لينطلق علي مرأي،ومسمع،ومشاركة قادة كبار "عرس السودان الجديد"بالتوقيع النهائي علي"الوثيقة الدستورية"التي تؤسس لحكم السودان في سنواته المقبلة. استحق"شعب السودان"هذا النصر الكبير،لأن عزيمة أبنائه في المطالبة بحقوقهم كانت"أكيدة"..ولأن"سلمية"ثورته،برهنت علي نضجه،وتحضره..فعلي الرغم من سقوط العشرات من الشهداء والمصابين،في مواجهات مباشرة وغير مباشرة،لكن شعب السودان لم يمسك بمعاول الهدم ليخرب وطنه الذي يعيش فيه..لم نشهد شابا سودانيا واحدا أمسك بجركن بنزين ليحرق سيارة للشرطة،ولم نر مواطنا غاضبا،مهما بلغ غضبه،يشعل النار في محكمة أوقسم شرطة أوديوان حكومي..ولم يحدث أن قامت مجموعات بالهجوم علي مقر أمني،لتمارس القرصنة،وتسرق أسرار الدولة،وتنثرها عبر السوشيال ميديا،لتتحول"الأسرار"إلي فرجة للدنيا كلها..ولم يجرؤ أحد من شباب السودان أن يرفع علما غير علم بلده،أويحمل راية غير راية السودان الخفافة..ولم يرضي أهل السودان لأنفسهم أن يتعاونوا مع الغرباء،ليحطموا سجون بلادهم،ويطلقوا"عنوة"سراح عشرات الآلاف من المجرمين،واللصوص،والقتلة،والإرهابيين..ولم يسمح لكائن من كان أن يقتحم أرض السودان،بعصابات مدججة بالسلاح..لتعيث في أرضه فسادا،ورعبا،وزرعا لبذور الإرهاب في إحدي مناطقه العتيدة. هنا يكمن سر نجاح الثورة السودانية،فعظمتها تجلت حين لحق الضرر بشبابها،ولكن الجميع إحتكم للقانون،ودعا لاحترام أحكامه،والنزول عند إرادته..ولعل هذا المنهج الوطني في المقاومة السلمية،هو الذي حاصر دعاة الفتنة والإثارة علي أرض السودان،وحال بينهم وبين تحقيق أغراضهم الدنيئة..بل وأسقط مخططات الخارج،التي كانت-حال تمكنها،ستزرع أرض السودان عنفا وإرهابا،وخرابا لاسابق له في تاريخ هذا البلد الشقيق"المسالم"أهله الطيبين. مبروك لأهل السودان نجاح ثورتهم، وبدء مشروعهم في مستقبل،نأمله"خيرا"فكل ما يحدث في السودان يؤثر علي مصر،والعكس صحيح..فشعب وادي النيل،إن في شماله أوجنوبه،يحيا بنفس الآمال والآلام..ولا نملك ونحن نهنئ إخوتنا في السودان بهذا النصر المؤزر لثورتهم سوي أن نهتف"تحيا مصر والسودان".