إن ما يحدث الآن في السودان، هو حرب للتطهير العرقي، ومن يصمت عليها فهو بالطبع شيطان أخرس، فهو قاتل عنصري دموي يستحق الذبح والحرق. وتبدو وحدة أبناء جنوب كردفان، ودارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، ومن كل فئات المجتمع السوداني، في أبدع صور التكاتف والترابط التي حدثت في ثورات العالم، ويكتمل جمال هذه الصورة البديعة بانضمام أبناء النوبة، وعرب كردفان، وتكتمل اللوحة الإنسانية بإبداع صورة الإيثار بشكل مهيب، فالعاجز يترجي الصحيح أن يغادر من دونه مفضلا نجاته علي نجات نفسه، وفتحت البيوت لتضم جميع الفارين، فافترش الجميع الأرض، وتقاسم الناس الرزق، وتشاطر الثوار الخبز، فيعزفون بذلك سيمفونية ثورة حقيقية. إن ثورات الربيع العربي ظاهرة صحية، تمثل عصب التاريخ السياسي, فيحاول الشعب من خلالها الخروج من الوضع الديكتاتوري الراهن، ومحاولة تطهيره من فساده، وتغييره تغييرا جذريا من سطوته وعنفوانه، من أجل تحقيق طموحات الشعب. ويؤكد التاريخ أن معظم الثورات في المسرح السياسي عنيفة, والكثير من الثورات باتت حروبا ثورية مثل 'ليبيا وسوريا' أو نزاعات عنصرية سلطوية مثل 'مصر والسودان' مات فيها كثير من الأبرياء, بسبب تفشي الظلم والطغيان في هذه المجتمعات. وهنا أخصص الحديث عن الثورة السودانية التي يجب أن تشتعل فورا, لأن الأسباب الرئيسية لاشتعال الثورة السودانية، حاضرة ومتوفرة، بل يجب أن تدفع الشعب السوداني الي التظاهرات، والخروج من نفق البشير المظلم، الي مسيرات، واحتجاجات, واختصامات، واجتماعات، وهتافات، ضد سيطرة النظام الإخواني السوداني الحاكم، فنهب البشير المال، وسلب الحقوق، ووضع هذه الثروات والأموال في أيدي القلة من أتباعه، مع ازدياد في معدلات الفقر، والمرض، والبطالة، والعيش مع ويلات الجوع، والأمية، ولهيب النيران، وعدم الاكتراث برأي الشارع السوداني، وانتهاك حقوق المواطن، المالك الفعلي لأرض السودان، بالإضافة الي عدم الاهتمام بالقضايا الخارجية والدبلوماسية. وأما عن انتشار الرشوة والمحسوبية، فأدي الي عدم تكافؤ الفرص بين المواطنين, كما كان يحدث في مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ووضع الرجل غير المناسب في المكان الغير المناسب، أي رجل الثقة فقط، وهو منهج الإخوان، مما يؤدي الي إهدار الفرصة أمام من هو أكثر كفاءة، فضلا عن عجز الميزان التجاري، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن السوداني، بسبب تصاعد الواردات وانخفاض الصادرات، وفقدان موارد النفط، وإيقاف تصديره، مما أدي الي انخفاض سعر العملة السودانية أمام الدولار، فتفاقمت الأزمة الاقتصادية، وتدهورت الأحوال المعيشية، ومن ثم فإن عدم الاستقرار الاقتصادي يؤدي الي عدم الاستقرار الاجتماعي، فيؤدي الي نشوب توترات كبيرة، تؤثر علي الاستقرار السياسي، وإذا اهتز الاستقرار السياسي، فمن البديهي والطبيعي أن يهتز الاستقرار الدبلوماسي، فيحدث ضغطا خارجيا، وداخليا في آن واحد.كل هذه الأسباب وغيرها من الأسباب الذي لا يتسع المجال لذكرها في مقالة ألف كلمة، تكفي لقيام الثورة في السودان الشقيق، بل هي أسباب تستدعي لهيب الانتفاضة، واشتعال فتيل الثورة السودانية، في وجه الظلم، والفساد، والإفساد، والطغيان، والعصيان، والبطش، والتهميش، والتشويش، ضد نظام البشير الغاشم، فأخذ البشير كل شيء ولم يعد للشعب السوداني إلا ثورته، متأثرا بثورات الربيع العربي التي يسترد من خلالها حقوقه، وحريته، وكرامته، وانسانيته، فتحقق الثورة طموحات الشعب السوداني الأبي، مع رجاء أن تكون الثورة السودانية تكرارا لنموذج الثورة المصرية أو التونسية، وليس تكرارا للثورة السورية أو الليبية، مع الوضع بعين الاعتبار أن تكون ثورة سلمية بحتة، فقوتها تكمن في سلميتها. لكل ثورة مقدمات بارزة وبازغة بزوغ الشمس، وأبرز هذه المقدمات في السودان، هي انقسام الأحزاب، وتشرذمها، فأدي ذلك الي استشهاد 20 من المواطنين في 23 سبتمبر 2013، فقامت عصابة البشير الملطخة أيديهم بدماء مئات الآلاف باغتيال هذه الأرواح الطاهرة، من أبناء شعب السودان الحر. فهذه الأرواح ستكون وقودا لاشتعال ثورة سودانية، سلمية، أبية، فتية، ثرية، حرة، ستنير أرواح هؤلاء الشهداء الطريق للأحرار من الشعب السوداني، لاستكمال مسيرتهم في قيام ثورتهم، لينالوا حريتهم. والثروة والثورة السودانيتين، ملك للسودانيين، وأسر الشهداء، التي نالت شرف تقديم أغلي ما يملكون قرباناً لبلدهم، ووطنهم، وأرضهم، وعرضهم، وشعبهم، فقدموا دماءهم الذكية لتروي بها الشجر، والنخيل، والورود، والأشواك أيضا، التي تنمو في أرض الحرية، أرض الوطنية والقومية، أرض السودان النقية. فكسر هؤلاء الأبطال حاجز الخوف، كما فعلنا وقدمنا في ثورتنا المصرية المجيدة، ففعلوا كما فعلنا، وخرجوا كما خرجنا في مصر، في كل شبر من أرض الوطن، لمواجهة رصاص الغدر، والخيانة، والعمالة، بصدور عارية، وقلوب كاسية، وعقول بانية. فنالتنا ونالتهم رصاصات النار، وهم يهتفون بسقوط نظام العار، نظام التطهير العرقي، الإبادة الجماعية، الذي أهلك الزرع، والنسل، وأهلك شعبه من الجوع، والفقر، والمرض، والعنف، والقتل، فسامه سوء العذاب، ونحن المصريين، والأحرار والثوار السودانيين واثقون بالنصر المؤزر، والعدل المعزر، من خلال سلمية الثورة لأنها الخيار الأفضل. ومن هنا، من هذا المنبر أدعو كافة أطياف الشعب السوداني للخروج إلي الشارع، وأن تعضوا بنواجذكم علي التمسك بثورتكم، واعتصاماتكم، وتظاهراتكم، وحريتكم، وكرامتكم، لتثأروا لأرواح شهدائكم، ولن ترجعوا الي بيوتكم إلا بسقوط النظام، مرددين ومكبرين وصارخين بكلمات 'الشعب يريد إسقاط النظام'. فلا مجال إذن للسكون، أو الخنوع، أو التراخي، فقد دقت ساعة الجد، ووجبت تلبية نداء الوطن! مرددين: بلادي بلادي إذا اليوم جاء.. ودوي النداء.. وحق الفداء.. فنادي فتاك.. شهيد هواك.. وقولي سلاماً علي الأوفياء.. ومن هنا أوجه باسم الاتحاد الدولي للشباب الحر، والاتحاد الدولي للثوار العرب، تحذيراً لنظام البشير الذي يقمع المظاهرات السلمية السامية، التي خرج فيها شعب أعزل، حتي يعبر عمّا يعيشه من تهميش وتحقير، أحذرهم من التهور الذي سيؤدي بهم الي التدهور، وأحذرهم من استخدام العنف، وتوجيه السلاح إلي صدورهم العارية، كما أتوجه باسم النادي الدبلوماسي الدولي للجمعية العامة للأمم المتحدة في أول انعقاد لها، ومجلس الأمن الدولي، ومنظمات المجتمع المدني المحلية، والإقليمية، والدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، وجميع الشعوب العربية الحرة، أدعوهم لإدانة نظام البشير القمعي، والذي يتعارض جذريا مع القانون الدولي الانساني، والتعديات الصارخة لمواثيق حقوق الإنسان، هذا النظام الديكتاتوري الفاسد الذي يتعامل بوحشية، مع شعب سلمي أعزل، فيجب علي هذه الجهات، أن تقوم بتحميلهم المسئولية الكاملة، أشخاصا ومؤسسات، والقصاص من هؤلاء، علي سلوكياتهم البربرية في التعامل مع شعب يطالب بحقه في وطنه، شعب لا يلجأ إلي التخريب، أو المساس بالممتلكات العامة، لأنها ملك لهم ولأجيالهم من بعدهم، فشعب السودان هم شرارة ثورة التغيير.. فهيا أيها الشعب السوداني الحر، انطلق الي ثورتك بسلمية وعنجهية، لتطالب بأدني حقوقك، وليكن شعارك في السودان، كما كان شعارنا في مصر، وهو: 'عيش – حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية'، ورددوا بقوة دون خوف، أو تردد، أو تراجع، 'الشعب يريد إسقاط النظام'، واجعلوا أمام أعينكم عبارة هامة، كانت مبدأنا في ثورتنا المصرية، 'ينكمل ثورة عظيمة ينموت بكرامة وقيمة'. وشعاركم الدائم أمام أعينكم ليكن: 'ثورة ثورة حتي النصر'.