«العاصمة الإدارية الجديدة، ليست فقط مدينة ذكية ومتطورة وفق أحدث النظم العالمية؛ ولكن تعد نموذجًا لصياغة واقع أفضل».. هكذا وصف فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروع العاصمة الإدارية الذى أطلقته الحكومة المصرية خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى مارس عام 2015م، وهى مقولة تلخص إلى حد كبير أهمية هذا المشروع العملاق الذى سينقل واقع مصر الاقتصادى نقلة نوعية كبرى، لا سيما قدرته على جذب الاستثمارات العالمية، خصوصًا السعودية والخليجية منها. ابتداءً.. لابد أن نضع بين يدى القارئ الخليجى عمومًا، والسعودى خصوصًا، مجموعة من المعلومات الأساسية الخاصة بهذا المشروع العملاق حيث تقع العاصمة الجديدة بين إقليم القاهرة الكبرى وإقليم قناة السويس بالقرب من الطريق الدائرى الإقليمى وطريق القاهرة/السويس. ومن المقرر أن تكون المنطقة مقرًا للبرلمان والرئاسة والوزارات الرئيسية، وكذلك السفارات الأجنبية. كما يتضمن المشروع أيضًا متنزه رئيسيا ومطارا دوليًا. ويسهم المشروع فى تحول الحكومة إلى مرحلة جديدة تعتمد على الميكنة والتحول الرقمى والإدارة الذكية التى تحقق نقلة نوعية فى مستوى الخدمات وجودة الحياة للمواطنين. ويقام المشروع على مساحة إجمالية تقدر ب(170) ألف فدان، ويستهدف المشروع جذب حوالى 7 ملايين نسمة فى المرحلة الأولى فقط والتى تقام على مساحة 10 آلاف فدان، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العاصمة الإدارية إلى 40 مليون نسمة بحلول عام 2050م بعد استكمال كافة مراحله. وقد تأسست شركة مساهمة لإدارة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة برأسمال يقدر ب6 مليارات جنيه يشارك فى أسهمها كل من: هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وجهاز مشروعات أراضى القوات المسلحة. وتتولى الشركة تخطيط وإنشاء وتنمية المشروعات بالعاصمة الجديدة. ويتكون مجلس إدارتها من 13 عضوًا، منهم 3 أعضاء ممثلين عن هيئة المجتمعات العمرانية، و6 أعضاء من ذوى الخبرة، و4 أعضاء يمثلون القوات المسلحة، فيما يترأس مجلس إدارة الشركة وزير التنمية المحلية الأسبق اللواء أحمد زكى عابدين. على قدم وساق أجمع شهود عيان من زوار المدينة، لا سيما من رجال الأعمال والمستثمرين من كافة أنحاء العالم، على انبهارهم بما رأوه من إنجازات على أرض الواقع بالعاصمة الإدارية من زاوية حجم الإنجاز على أرض الواقع إذ تحولت العاصمة الجديدة إلى خلية نحل قوامها ما بين (30-35) ألفا من العمال والفنيين والمهندسين يواصلون العمل ليل نهار لإنهاء مهماتهم بكفاءة واقتدار، وهو ما تمثل فى إنهاء النسبة الكبرى لكثير من المشروعات الفرعية بالمدينة، مثل الحى السكني، وحى السفارات، والمبانى الحكومية. وكان الخبر السعيد مؤخرًا ببدء التشغيل التجريبى لمطار العاصمة الإدارية الجديد بعد إنشائه وتجهيزه، حيث سيسهم المطار فى تخفيف الضغط على القاهرة، كما أنه سيدعم حركة السياحة بعد التخفيف من التكدس التشغيلى عن مطار القاهرة الدولى. وقد أقيم المطار الجديد على مساحة 5 آلاف متر مربع ويسع ل 300 راكب فى الساعة، ويضم 45 مبنى وبرج مراقبة، ويحتوى على ممر بطول 3 آلاف و650 مترا، وعرض 60 مترا، ويحتوى على 8 مواقف لانتظار السيارات، ومنطقة انتظار السيارات تسع 500 سيارة و20 أتوبيسا، علمًا بأنه تم إنشاء المطار تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتم تصميمه وفقا لخطة توسعية مستقبلية. مدينة المعرفة وكنموذج لفرص الاستثمار بالعاصمة الإدارية، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية عن وجود عدد كبير من الفرص الاستثمارية فى قطاع الاتصالات وبالأخص فى مدينة المعرفة بالعاصمة الجديدة، مشيرةً إلى أن هناك حوالى 250 فدانًا مطروحة للقطاع الخاص والاستثمار، داعيةً المستثمرين للدخول فى تلك المشروعات. وأضافت الوزارة، خلال المؤتمر الصحفى الذى عُقد مؤخرًا للإعلان عن النسخة الثانية من خريطة الاستثمار، أن مدينة المعرفة ستضم مقرات لجميع شركات الاتصالات، كما ستضم جامعة متخصصة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى بعض معاهد التدريب فى تكنولوجيا الاتصالات. المستثمرون السعوديون فى النصف الثانى من شهر يونيو الماضي، استضافت جمعية رجال الأعمال المصريين نحو 40 مستثمرًا ومطورًا سعوديًا لبحث فرص الاستثمار العقارى بالمشروعات القومية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، حيث لوحظ انبهار المستثمرين السعوديين بالعاصمة الجديدة من حيث جودة التصميم، وسرعة التنفيذ للمشروعات، وقد ظهر ذلك جليًا فى مطالبة الوفد السعودى بضرورة الترويج لتلك المشروعات فى الخارج تستحق أن تتنافس عليها كبرى الشركات العالمية. وقد أشاد حمد الشويعر رئيس اللجنة الوطنية العقارية باتحاد الغرف السعودى، بالمشروعات القومية المصرية، وأضاف: «رأينا عملاً جبارًا بمشروع العاصمة الإدارية، ووجدنا مدينة ذكية بمعنى الكلمة، ونتمنى أن نراها بعد استكمال بنائها، ونفخر بها ليس فى مصر، ولكن فى كافة الدول العربية». واستطرد الشويعر: « الاستثمار فى مصر مغرٍ جدًا، ومكاسبه مغرية، والاستثمار فى مصر والمملكة لصالح البلدين». وخلال الاجتماعات والمؤتمرات التى عقدها الوفد السعودى مع المسئولين الحكوميين المصريين، تساءل المستثمرون السعوديون عن أمرين: الأول.. صعوبة تحويل أرباحهم للخارج. والثانى .. أزمة الخلافات القانونية على عقود الاستثمار، وهنا أوضح المسئولون المصريون أن أزمة تحويل الأرباح للخارج أصبحت من الماضى، وأن هناك استقرارًا فى سعر الصرف وتوافر للعملة الأجنبية، ومرونة فى تحويل الأرباح مهما كان حجمها. أما بالنسبة لاحترام التعاقدات، فقد وعد المسئولون بحل أى مشاكل عالقة، وتجنب تكرارها فى المستقبل. وفى السياق ذاته، استعرض ممثلو الهيئة المصرية العامة للاستثمارحوافز الاستثمار بقانون 72، وفى مقدمتها رد 50% للمستثمر من القيمة الاستثمارية على هيئة خصم من صافى الأرباح الخاضعة للضريبة على مدى 6 سنوات وذلك فى المناطق الاستثمارية الأكثر احتياجًا على الخريطة الاستثمارية، بينما يتم خصم 30% فى جميع المشاريع بمختلف المحافظات فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التكنولوجيا و الصناعات الغذائية وغيرها. ويتضمن القانون 72 لعام 2017م (قانون الاستثمار) العديد من المزايا والمنح الاستثمارية التى تهدف إلى تشجيع المستثمرين وتهيئة مناخ الاستثمار أمام رجال الأعمال، ومن أبرز مواده: المساواة فى الفرص الاستثمارية، وتخصيص أراض بالمجان لبعض الأنشطة الاستراتيجية، وكذلك إيجاد منافذ جمركية خاصة لصادرات المشروع الاستثمارى. جدية واضحة ومن جانبه، أكد محمد يوسف المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال المصريين، والذى رافق الوفد السعودى طوال زيارته لمصر، أن الوفد السعودى انبهر بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة بعد زيارتها على أرض الواقع، ومشاهدتهم حجم الإنجاز الذى حدث، والتطورات الضخمة التى تحدث فى مصر كل عام، كما أبدوا إعجابهم بالمدن الجديدة التى تعلن مصر عن تدشينها، وحركة العمران الضخمة، مضيفًا أن ما أذهلهم أيضا الإنجازات الضخمة التى تحققت فى محاور مختلفة خلال فترة زمنية قصيرة. وأشار يوسف إلى أن المستثمرين السعوديين أكدوا خلال الأحاديث الجانبية أنه حان الوقت للاستثمار فى مصر، ودراسة الأمر بشكل جدى، وهذا ما ظهر من خلال أسئلتهم للمسئولين سواء عن آليات تحويل الأرباح وأهم الفرص المتاحة وأسعار الأراضى، وهى أسئلة تؤكد الرغبة الجادة فى الاستثمار، وليس مجرد دراسة الأمر من عدمه. كاتبة سعودية، ورئيسة تحرير مجلة «مملكة الاقتصاد والأعمال».