أكدت دار الإفتاء المصرية أن الدار أصدرت عدة فتاوي في أوقات مختلفة بشأن حكم حلق اللحية، تؤكد أن الفقهاء اختلفوا في إطلاق اللُحي قديما وحديثا، فذهب فريق إلي أنها من سنة العادات، وليس من الأمور العبادية، وأن الأمر الوارد بإطلاقها وإعفائها وتوفيرها أمر إرشاد لا أمر وجوب أو استحباب. وأوضحت "الإفتاء"، في ردها علي سؤال عن حكم إطلاق اللحية، أن كونها من سنة العادات "ما ذهب إليه بعض العلماء المتأخرين، وقد نص عليه الشيخ محمود شلتوت في كتابه "الفتاوي"، حيث قال "والحَق أن أمر اللباس والهيئات الشخصية - ومنها حلق اللحية - من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها علي استحسان البيئة، فمن درجت بيئته علي استحسان شيء منها كان عليه أن يساير بيئته، وكان خروجه عما أَلِف الناس فيها شذوذًا عن البيئة". وكما قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "أصول الفقه"، "إن إطلاق اللحية من أمور العادات وليس من قبيل الشرعيات". وعلي هذا جري الأغلب من علماء الأزهر الشريف عملًا، وهم نجوم الهدي للعالم". وأشارت "الإفتاء" إلي ورود أحاديث نبوية شريفة تفيد مشروعية إطلاق اللحية، فعن ابن عمر رضي الله تعالي عنهما، عن النبي صلي الله تعالي عليه وآله وسلم قال "خالِفوا المشركِين: وَفِّرُوا اللِّحي وأَحفُوا الشَّوارِبَ". كما ذهب فريق من الفقهاء إلي أنها من سنن الندب، وهو مذهب الشافعية، حيث يقول العلامة ابن حجر في "شرح العباب"، "قال الشيخان -الرافعي والنووي- يُكرَه حلق اللحية". وهذا هو رأي القاضي عياض من المالكية حيث يقول في "إكمال المعلم"، "ويكره حلقها وقصها". ويقول الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن قدامة المقدسي المعروف بابن أبي عمر في "الشرح الكبير علي متن المقنع"، "ويستحب إعفاء اللحية". وأضافت "الإفتاء" أن "هذا القول يدعمه ويقويه ما تقرر من أن الأمر إذا تعلق بالعادات أو الآداب صُرف عن الوجوب بتلك القرينة، حيث يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" عند شرحه لحديث أمر النبي صلي الله عليه وسلم عمرو بن سلمة بالأكل بيمينه "وقال القرطبي: هذا الأمر علي جهة الندب؛ لأنه من باب تشريف اليمين علي الشمال؛ لأنها أقوي في الغالب، وأسبق للأعمال، وأمكن في الأشغال، وهي مشتقة من اليمن، وقد شرف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلي اليمين، وعكسه في أصحاب الشمال". ولفتت إلي أن فريق آخر يري وجوب إطلاق اللحية، وحرمة حلقها، علي اختلاف في تفصيل ذلك، كما يقول العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار"، "يحرم علي الرجل قطع لحيته". وقال العلامة الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل"، "ويحرم علي الرجل حلق اللحية". واختتمت فتواها بأنه "من القواعد المقررة شرعًا أنه "يُنكَر فعل المتفق علي تحريمه أو ترك المتفق علي وجوبه، ولا يُنكَر المختلف فيه، وأن الخروج من الخلاف مستحب، وأن مَن ابتُلِيَ بشيء من ذلك فله أن يقلد مَن أجاز فعله من أهل العلم".