معظم الرجال الذين خاضوا تجربة الطلاق كانوا معرضين للإصابة بالاضطرابات النفسية. ويكفى أن الواحد منهم يعانى من عدم القدرة على التكيف اجتماعيا. ويزيد الطين بلة أنه بسبب ذلك يصعب عليه الدخول فى مشروع زواج جديد؛ حيث بات يحمل عنوانا يقول بإنه رجل له ماض. وليس بالضرورة أن يكون هو الجانى وهو الذى قاد الأمور بنفسه إلى هذه النهاية التى يعتبرها البعض مأساوية، فقد تكون الظروف هى التى تسببت فى حدوث الانفصال عن زوجته، وقد يكون الرجل ضحية لظروف اجتماعية واقتصادية بحيث إنها هى التى حالت دون استمرار الزواج. ومهما كان السبب الذى أودى بالعلاقة الزوجية وحتى لو لم يكن للرجل أى ذنب فيما حدث فإن البعض يميل إلى الصاق الاتهام به وتصويره على أنه هو الجانى، وأنه هو الذى تسبب فى وقوع الطلاق. قد يعانى المطلق من تشويه صورته من قبل زوجته التى كان مرتبطا بها فى يوم من الأيام، كأن تتهمه بإهانتها وضربها، أو تتهمه فى رجولته، أو تتهمه بالبخل أو بالغيرة القاتلة، أو تتهمه بأنه زير نساء لتظهر نفسها فى النهاية كضحية وتظهره كأفاق مريض يعانى من نهم عارم بالنساء وبذلك تنزه نفسها عن أن تكون السبب الذى أفضى إلى الطلاق. وقد تكون الصورة معكوسة تماما كأن تكون هى التى تسببت فى الطلاق لتسلطها ولسانها الطويل وإسرافها فى مطالبته بشراء كل ما ترغب فيه. ليصبح الطلاق هو اللعنة الأبدية التى تغلف حياة هذا الزوج، والذى قد لا يستطيع بعد ذلك خوض تجربة زواج ثانية خشية أن يصبح مطية عندئذ لزوجة أخرى ويتم استغلاله والتعامل معه كصفقة رابحة. وهناك الرجل المطلق الذى يخشى الدخول فى معركة زواج آخر لا سيما وأن شبح زوجته الأولى ما زال يطارده ويتذكر من خلاله الأيام السوداء التى مرت به وهو معها، وبالتالى يجد نفسه فى وضع يفقد من خلاله الثقة بكل النساء لا سيما عندما يتذكر شراسة زوجته وعنادها. وقد تفوت عليه زوجته السابقة فرصة الارتباط بزوجة جديدة عندما تترك له أطفاله ليكونوا فى عهدته وتحت رعايته. على أساس أنه الأقدر على تربيتهم، وعلى أساس أنها لا تستطيع الارتباط بزوج آخر ومعها أطفالها، فمن الصعب على الزوج الجديد الارتباط بها وفى عهدتها أطفال. وفى المقابل هناك من تخشى الزواج من رجل مطلق حيث إنها لا تعلم السبب وراء انفصاله عن زوجته، ومن ثم تنتابها الهواجس من أن يكون شرها وجرمه هو الذى أوصله إلى هذه النهاية. وهناك من تخشى الارتباط به على فرضية أن ينتابه الحنين إلى زوجته الأولى لا سيما إذا كان له أولاد منها. ويظل الرجل المطلق هو الأكثر معاناة من المرأة حيث يعانى أمراضا جسدية ومشكلات نفسية بعد الطلاق خلافا للمرأة التى تستطيع التأقلم مع وضعها الجديد. بل وكثيرا ما ينتابه الشعور بالمرارة لفقدان دوره كأب وزوج ليدخل فى مشاكل حضانة الأطفال والحرمان منهم ليقع فى عزلة اجتماعية تتضاعف معها مشكلاته النفسية. وقد ينتابه الحنين ثانية إلى عش الزوجية الذى فقده ويستدعى معه أياما حلوة أمضاها مع زوجته. ولا بد أن نضع فى الاعتبار بأن نمط حياة الرجل تختلف كلية عن نمط حياة المرأة، ولهذا قد يلوذ المطلق إلى المهدئات أو ينغمس فى تعاطى المشروبات الروحية لكى ينسى التجربة ويخرج من عزلته لا سيما وقد فقد بعد طلاقه الدعم العاطفى من زوجته حيث تظل الزوجة هى الأقرب فى منحه هذا الدعم حتى لو كان لديه العديد من الأصدقاء. وعلى حين تكون المرأة أكثر جاهزية للتعامل اجتماعيا مع مشكلة الطلاق فإن الرجل يقبع فى الوحدة وينعزل عن المجتمع وتسوء علاقاته الاجتماعية. ويظل العام الأول من الطلاق هو أكثر الفترات حرجا فى حياة الرجل. وقد يفكر الكثيرون بأن الطلاق كان من قبيل الخطأ، وأنه كان بوسع الرجل محاولة تسوية الخلافات بينه وبين زوجته بحيث يتفادى الوقوع فى براثن الطلاق وتداعياته على الأسرة كلها. بل إن حياة المطلق الجديدة والوضع البديل بعد الزواج قد لا يفى بالالتزامات والتوقعات المطلوبة. وعندئذ قد يراجع المطلق نفسه أكثر من مرة قبل أن يقدم على الزواج ثانية حيث يظل مسكونا بالخوف من خوض تجربة جديدة قد تجر عليه الويلات ليصبح من جديد رهنا للمجهول.....