أسقط الحرس الثوري الإيراني طائرة الاستطلاع الأمريكية طائرة بدون طيار من طراز RQ-4، والحقيقة أن هذه الطائرة درة الصناعة العسكرية الأمريكية والتي تبلغ قيمتها 270 مليون دولار بسبب تحسينات كبيرة أدخلت عليها خاصة بالرصد والعمل في مختلف الظروف الجوية ومن علو يقارب 20 كلم، وتعد ضمن ثلاث أغلى طائرات توجد الآن في الخدمة رفقة المقنبلة “سبريت” والمقاتلة “اف 22 رابتور”، وظني أن أمريكا أرادت اختبار القدرات الدفاعية الإيرانية أو على أقصى استفزازهم واستبيان مدي قدرتهم على الرد والدفاع عن أرضهم ، كما أن إيران هدفت إلى إيصال رسائل معينة أهمها : الرسالة الأولي : هي موجهة بالدرجة الأولي لأمريكا ومن في حلفها اننا مستعدون في أي لحظة وقادرون على التصدي لأحدث الأسلحة في الترسانة الأمريكية وهذا ما أكد عليه القائد العام لقوات الحرس الثوري اللواء حسين سلامي حين قال ( إن إسقاط الطائرة الأمريكية يحمل رسالة واضحة وقاطعة بأن المدافعين عن حدود إيران جاهزون لصد أي تجاوز) ،والرسالة أيضا موجهة إلى إسرائيل التي تغذي تشعل الأزمة بين أمريكاوإيران فلو كانت إسرائيل قادرة على اختراق المجال الجوي الإيراني لضرب المفاعلات النووية الإيرانية ما استأذنت أمريكا ولنا في ضرب المفاعلين النوويين العراقي والسوري العبرة ، كما أن إيران لن تستمر طويلا في موقف الُمحَاصَر حتى لو اضطرها الامر لإشعال معركة في الخليج . الرسالة الثانية :رسالة لدول الخليج العربي وهي أننا قادرون على التصدي لأمريكا وقادرون على الوصول إليكم من خلال أذرعنا التي بين ظهرانيكم مثل الحوثين وحزب الله وغيرهم ممن ينفذون سياستنا وقادرون على زعزعة الاستقرار في المنطقة ، كما أن أمريكا لا يمكن لها أن تحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتعاون بيننا يمكن أن نحفظ أمننا. الرسالة الثالثة : ليست كل الملفات تدار عن طريق الحرب وأننا مستعدون للحوار والعودة إلى الاتفاق النووي المبرم في عهد الرئيس بارك أوباما مقابل رفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب الإيراني . أمريكا تحاول الحفاظ على ماء الوجه وهيبتها التي فقدت بلا شك جراء سقوط طائرتها في الخليج سواء كان سقوطها دخل الأجواء الإيرانية او الأجواء الدولية والرواية التي خرج علينا بها الرئيس ترامب من إلغاء ضربة عسكرية بحجة أنها ستقتل 150 من المدنيين هذا هراء ولعب بالعقول ، وظني أن أمريكا تهدف إلى تحسين شروط التفاوض مع إيران خصوصا إذا ما علمنا أنها أوفدت آبي رئيس الوزراء الياباني لهذ الغرض ،كما أن أروربا والصين وروسيا لا تتفق معها تماما في الملف الإيراني. هذا المسرحية الهزلية أبطالها الكيان الصهيوني والفارسي لأسباب عديدة ،وفصولها تدور على المسرح العربي والذين ليس لهم سياسة واضحة وأغلبهم في موقع المتفرجين ، لا أحب إيران وأكن العداء التاريخي للصهاينة ،والعرب لا يجيدون قراءة التاريخ واستخلاص العبر فهم من مََكَنُوا إيران منذ أن اجتمعوا على صدام حسين وكانت ورقتهم الرابحة في وقف هذا المد الفارسي المستشري في دولنا العربية ، نحتاج الأن إلى قيادة عربية تاريخية لاتخاذ قرار مصيري بالتفاوض مباشرة مع ايران على أساس احترام وحدة الدول وسيادتها ومبدأ عدم التدخل في شئون الأخرين ،أما الانحياز لإسرائيل على حساب ايران أمر عبثي لأن كليهما أى إسرائيل وإيران كُلُ له أهدافه التوسعية والعدوانية وكليهما محتل ،أحسنت مصر كثيراً بالبعد عن هذا التوتر الذي لا داعي له من نواحي عديدة سنقولها في قادم الأيام.