انهى المجلس العسكرى جولته الأولى من التفاوض بالوصول إلى نصف اتفاق مع قوى الحرية والتغيير التى تقود الثورة فى السودان، وتوصل الطرفان إلى أن السودان سيحكم بثلاثة هياكل للسلطة، وهى: المجلس السيادى وحكومة مدنية ومجلس تشريعى واتفق الطرفان على أن تكون الفترة الانتقالية ثلاث سنوات وأن تمنح قوى الحرية ثلثى أعضاء البرلمان ويترك الثلث الباقى للقوى الأخرى التى لم تشارك فى التوقيع على إعلان قوى الحرية والتغيير، وتشكل هى الحكومة المدنية، مع ترك منصبى وزيرى الدفاع والداخلية للمجلس العسكري. النصف الثانى من الاتفاق، كان مقررا انهاؤه الأسبوع الماضى لولا إصرار الثوار على إغلاق كل شوارع العاصمة الخرطوم وليس فقط ميدان الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وهو ما دفع الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكرى، لإلقاء بيان أوقف بواجبه التفاوض لمدة ثلاثة أيام. ويدور التفاوض الجديد حول دور وصلاحيات المجلس السيادى ونسب العسكر ونسب المدنيين ورئاسة المجلس، وبينما يصر المجلس العسكرى على أن تكون له الغالبية ورئاسة المجلس، يصر الثوار على أن تكون مشاركة الجيش هامشية وأن تكون الرئاسة لهم، وفى الوقت الذى يصر الثوار على أن تكون الصلاحيات هامشية ورمزية فقط، يصر المجلس على صلاحيات موسعة خاصة فى التمثيل الخارجى وقضايا الأمن والسلام واختيار قادة الأجهزة السيادية وغيرها من الأمور المتعلقة بالأمن القومي. التفاوض الجديد يواجه عقبات عدة، تجعله أعرج وقد لا يستطيع التواصل حتى نهاية المطاف وعلى رأس هذه العقبات هذا التدخل غير المسبوق من قبل الاتحاد الأوربى وأمريكا والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى، وتكفى الإشارة هنا إلى تلك الزيارات شبه اليومية للسفير الأمريكى وأركان سفارات لميدان الاعتصام وتلك الزيارات التى قام بها وفد من الثوار لمقر السفارة والعودة ببوابات إلكترونية، تم تثبيتها على مداخل الاعتصام لتفتيش ورصد كل التحركات داخل الميدان. التفاوض أعرج أيضًا لأنه استبعد عشرات الأحزاب التى لم توقع على إعلان قوى الحرية، من المشاركة فى التفاوض كما أنه استبعد تماما جميع التيارات الإسلامية من المشاركة، فنظمت هذه التيارات مظاهرة حاشدة أمام القصر الجمهورى مساء السبت الماضى وأعلنت عدم اعترافها بالاتفاق وعدم موافقتها على أن تترك لقوى الحرية بمفردها إدارة الفترة الانتقالية، كما أن قوى الحرية تطارد المجلس باتهامات علنية بأنه جزء من نظام البشير وأن العديد من قادته متهمون بارتكاب جرائم ومطلوب محاكمتهم. المجلس العسكري، يدخل المفاوضات إذن، تحت حزمة من الضغوط، الداخلية والخارجية تجعله يدخل المفاوضات بساق معطوبة وأخرى جريحة وهو ما يجعل أى اتفاق دون التخلص من هذه الضغوط هو اتفاق غير مكتمل ويمكن أن يفجر الأوضاع مرة أخرى.