أيام تمر بعد انتهاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية بكل ما حمل من ظروف وملابسات انتهت بإعلان رسمى نهائى مضمون هو قبول الشعب المصرى بأغلبية ساحقة للمواد المعدلة أو الجديدة.. أيام من التفكير واستعادة الهدوء قبل التساؤل مجددًا: وماذا بعد تعديل الدستور؟ ماذا سيحدث غدًا؟.. هل هى الاستراحة الطويلة مرة أخرى انتظارًا لأول استحقاق قادم سيأتى ربما بعد عام أو يزيد أم أن حالة الاستقرار والهدوء التى ستمنحها الموافقة على التعديلات الدستورية للدولة المصرية وخاصة للسلطة التنفيذية ستدفعها إلى المبادرة بإحداث نوع من الانفتاح على المجتمع وتنشيط بعض الملفات التى ظلت عالقة مدة طويلة وعلى رأسها ملف العمل السياسى والحزبى الراكد فى جوهره حتى وإن بدا الأمر غير ذلك طوال أيام الاستفتاء وما قبلها من حراك وحشد ولكن تظل الحقيقة معلومة للجميع بأننا مازلنا فى أشد درجات الفتور السياسى وأضعف فترات العمل الحزبى والمشاركة الشبابية عبر تاريخنا الطويل خاصة حين نكون فى أعقاب ثورة عظيمة وبعد حراك سياسى زاخم دام لأعوام...!! بالأرقام وبواقعية شديدة سنجد أن أول استحقاق رئاسى قادم سيكون بعد (5) سنوات كامله (2024) كما أن انتخابات مجلس الشيوخ القادمة ستكون منحصرة فى أسماء معينة حيث لن تتجاوز ال (6) مقاعد لكل محافظة (180مقعدًا فى 30 محافظة ) وأيضًا سينحصر التنافس بشدة فى انتخابات مجلس النواب القادم والذى انخفض عدده رسميًا بمقدار الربع (من 600 إلى 450) ضمنت المرأة المصرية من هذه المقاعد نسبة الربع أى حوالى (113 مقعدًا) وحُصنت الفئات المذكورة فى الدستور ضمنيًا بما لن يقل فى اعتقادى عن الربع أيضًا (113 مقعدًا) ليصبح الباقى من المقاعد الشاغرة للتنافس الحقيقى لا يصل ربما إلى 10 مقاعد على الأكثر لكل محافظه وفقًا لعدد سكانها (حوالى 250 مقعدًا فى 30 محافظة) يتنافس عليها النواب الحاليون والمرشحون الجدد من أبناء الأحزاب والمستقلين.. ومع غياب أى حديث جاد عن إجراء انتخابات المحليات وعدم إدراج أى من موادها الدستورية فى التعديل الأخير وتأخر خروج قانونها طويلاً من البرلمان ربما لصعوبة تنفيذه واقعيًا وهو ما قد تفهم منه ضمنيًا عدم إجراؤها قريبًا... يصبح السؤال مرة أخرى: ماذا سنفعل حقًا خلال السنوات القادمة..؟؟ بعيدًا عن هذه الأعداد القليلة التى ستبدو محسومة نوعًا ما فى الدورة البرلمانية القادمة ووفقًا لمعطيات الأرض والواقع يطرح السؤال نفسه: هل هو آوان بناء كيانات سياسية وطنية قادرة على دعم مسيرة البلاد وتربية كوادر جديدة مؤهلة للمستقبل والاستعداد لدورات نيابية قادمة من الآن وزيادة نشر الوعى والفكر والتواصل بين النخب المثقفة وعموم الشعب بكل فئاته لنصل إلى مجتمع رشيد قادر على الفرز وحسن الاختيار والمشاركة أم سنظل ندور فى نفس معادلة الماضى الرتيب الذى لم يورثنا سوى أنماط سياسية مكررة يسيطر فيها المال السياسى على المشهد برمته وممارسة حزبية بطيئة الأثر لم يعد أغلبها يصلح لهذا الزمان ولهذه الأجيال الشابة الواعدة التى مازالت تحتاج للكثير من الفكر والتثقيف وبناء الهوية السياسية التى تمكنهم من التواجد على الساحة وبين الجماهير بشكل مميز فى الأعوام القادمة.. دعوة للتفكير الهادئ فلعل الفرصة سانحة الآن أكثر مما مضى فالوقت يسمح والمستقبل يستحق منا أن نجتهد ونطور ونسعى للأفضل فهذا وطن عظيم يصبو لحجز مكان مميز تحت الشمس.. حفظ الله مصر.. حفظ الله الوطن.