لست في معرض التمجيد أو الدفاع عن الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي تولى شياخة الأزهر أهم مؤسسة دينية عالمية في فترة مهمة من تاريخ أمتنا المجيدة بداية من توليه إلى كتابة هذه السطور والتي يُوجه إليه السهام من كل صوب وحدب ، عندما يتغزل وزير خارجية إيطاليا انزو موافيرو ميلانيزي بجهود الإمام الأكبر معتبراً أن هذه الجهود تمثل نموذجاً للعمل الإنساني في العالم أجمع وليس للمسلمين فقط ،عندما يقول أن جهود فضيلته تمثل نموذجاً للعمل الإنساني في العالم أجمع وليس المسلمين فقط لأنه يربي الشباب على الحوار واحترام الآخر وتَمكَّن من مد جسور الحوار والانفتاح على الأديان والثقافات حول العالم، عندها فقط لابد أن ندرك قيمة هذا القامة الكبيرة محليا وعالميا . أولا : على الصعيد المحلي في عهده في عام 2014 م صدر القانون رقم القانون رقم (123) لسنة 2014 بإنشاء "بيت الزكاة والصدقات المصري" وله الشخصية الاعتبارية، مما يحسب لشيخ الأزهر هذا الإنجاز العظيم الذى يتولى مسئولية جمع أموال الزكاة والصدقات وتوزيعها بشكل يصل لجميع مستحقيها في محافظات الجمهورية ، وقد لاحظت بنفسي من خلال روايات من تعاملوا مع المشيخة كيف أن هذا المكان قبلة المحتاجين وأملاً لمن ضاقت بهم الدنيا ، ضف إلى ذلك إحياء هيئة كبار علماء الأزهر وهي أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر الشريف بمصر، أُنشئت عام 1911 في عهد مشيخة الشيخ سليم البشري، وحُلت عام 1961 في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وأُعيد إحياؤها عام 2012 في عهد الطيب ليكن الرأي فيها خاضعاً للمناقشة حتى تتنوع الآراء لما فيه مصلحة الوطن ،أما على المستوى الإنساني فتعدد القوافل ما بين طبية و انسانية عام 2016 قافلة إلى محافظتي البحر الأحمروسوهاج لرفع المعاناة وإرسال قافلتين إليهما ، والتوجيه بتقديم الإعانات العاجلة للمتضرِّرين من السيول الَّتي ضربت المحافظتين، واعتماد صرف 14 مليون للمتضرِّرين، والتكفل بعلاج كافة قوائم انتظار مستشفى أطفال أبو الريش، كما أنشأ فضيلته لجنة لفض المنازعات للقضاء على المرض المستشري في كافة أنحاء البلاد وهو الثأر فأنهى بالتعاون من وزارة الداخلية أكثر من 230 خصومة في محافظاتسوهاج وبني سويف وأسيوط وأسوان والمنيا وقنا وغيرها من المحافظات ، وبعد نشر مقالنا في العام الماضي حول انتشار الطلاق بصورة مفزعة في المجتمع المصري أوعز فضيلته إلى قيادات الأزهر بضرورة إنشاء وحدة لم الشمل الهدف منها تبصير الزوجين بمضار الطلاق وتبعاته وكان لهذا القرار الآثر الطيب في نفوس الشعب المصري ، كما وجه فضيلته بتوجيه قافلة الى حلايب وشلاتين وكل المناطق التي على الحدود بالرعاية الطبية والاجتماعية تخفيفا على الناس في المحن . ثانيا :على المستوي العالمي وجه فضيلة الإمام الطيب بقافلة طبية لغرب افريقيا في منتصف 2018 لتشمل الدول الأشد فقراً واحتياجاً محملة بأطنان من الأدوية والمعدات الطبية إلى بوركينا فاسو ومالي والنيجر وغيرها من الدول التي لا تسعفنا الذاكرة لتذكرهم ، ولمواجهة الإرهاب البغيض عقد شيخ الأزهر مؤتمرين دوليين الأول كان فى ديسمبر 2014، وناقش فيه ظاهرة التطرف والإرهاب إيماناً منه بمواكبة العصر وحل المشكلات التي تواجه المجتمع والإنسانية، والثاني نظمه في 28 فبراير2017م وهو مؤتمر الأزهر الدولي بعنوان "الحرية والمواطنة، التنوع والتكامل" لتوجيه رسالة عالمية مفادها الدعوة للتعايش مع الآخر أيا كان نوعه أو دينه أو جنسه أو لغته ،ثم كانت زيارته المرتقبة للفاتيكان بمثابة إعادة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرة أخرى، بعد انقطاعها منذ عام 2011، وهذا يحسب لشيخ الأزهر لتطبيق ما يقوله دائمًا وهو الدعوة إلى الحوار والسلام والتعايش بين الناس، كما أن بابا الفاتيكان زور مصر رداً على زيارة الإمام الطيب لمناقشة مؤتمر السلام مع شيخ الأزهر فى القاهرة ، ثم مأساة مسلمي الروهينجا التي سعى فضيلة الإمام الأكبر إلى إنهاء هذه المأساة الإنسانية من خلال الحوار، فعقد في بداية يناير 2017م مؤتمراً للسلام بين أبناء ميانمار، واستمع إلى رؤية الجميع بغية الوصول إلى تفاهم مشترك، وبعد استمرار سلطات ميانمار في إرتكاب المجازر بحق المسلمين في البلد.. خرج الإمام الأكبر في بيان متلفز تناقلته وسائل الإعلام العالمية، دعا فيه المجتمع الدولي إلى التصدي بكل السبل لسلطات ميانمار التي ترتكب أبشع أشكال الإبادة الجماعية والتهجير القسري بحق المسلمين في بورما ،ثم قضية القضايا وشاغله الأكبر الملف الفلسطيني بصفة عامة والقدس بصفة خاصة شغل حيزا كبيراً من اهتمام الإمام الأكبر والذي ندد وأدان الانتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينيين، ورفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، محذرًا من التداعيات الخطيرة المترتبة عليه، مشدّدًا على أن القدسالمحتلة، وهويتها الفلسطينية والعربية، يجب أن تكون قضية كل المنصفين والعقلاء في العالم رافضا طلباً رسمياً من نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس للقاء فضيلته قائلا: "كيف لي أن أجلس مع من يزيفون التاريخ ومن منحوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون، ويجب علي الرئيس الأمريكي التراجع فورا عن هذا القرار الباطل شرعا وقانونا". ثالثا :شخصيات عالمية ليس ببعيد عن المنصفين كيف أن أنجيلا ميركل مستشارة المانيا كانت في غاية الفرح وهي تلتقي الطيب معربة عن قمة سعادتها وهى تخطو بقدمها أعرق مؤسسة دينية إسلامية في العالم ، ثم السعادة منقطعة النظير التي أبداها الرئيس الفرنسي خلال زيارتها للمشيخة والإمام خلال الأيام الماضية ، ثم تقبيل وزير الخارجية الإماراتي لرأس فضيلة الإمام الأكبر في كل زيارة للمشيخة فهذا ينبئ بمقام هذا الرجل عند حكام العالم . الحديث عن جهود الإمام الطيب لا ينتهي ويحتاج إلى ندوات ومجلدات ، فإلى كل ذي عقل وبصيرة قوة الأزهر الشريف قوة لمصر ، ليس من العقل والمنطق اِمتهان مقام الأزهر وإمامه ، ليس من الحكمة هدم الأزهر من خلال قلة لا تتمتع بالحصافة والمسئولية ، الأزهر قوة لمصر قادرة على تقوية دورها الحضاري والتاريخي والإنساني ، دور الأزهر لا ينافس دور مصر خارجياً وداخلياً بل يُعضده ويقوم على خدمته ، حفظ الله مصر ، حفظ الله الأزهر وإمامه