يبدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاثنين المقبل جولة أفريقية مهمة لمدة ثلاثة أيام يشارك خلالها في القمة الأفريقية في موريتانيا وبحث جهود مكافحة الارهاب في الساحل قبل ان يتوجه الى نيجيريا . وتأتي هذه الجولة المرتقبة انطلاقا من حرص فرنسا على مواصلة مقاربتها الجديدة لتعزيز العلاقات مع افريقيا الناطقة بالفرنسية و الانجليزية و امتدادا للزيارات السابقة التي قام بها الرئيس ماكرون للقارة السمراء و التي شملت مالي و النيجر و بوركينا فاسو و غانا فضلا عن لقاءه قبل أشهر برئيس ليبيريا جورج ويا بباريس و برئيس جنوب افريقيا الجديد سيريل رامافوزا على هامش مجموعة السبع بكندا. و ترى فرنسا أن موريتانيا شريك مهم في مجال الامن و تلعب دورا حاسما في تعزيز قوة مجموعة الساحل التي يوجد مقر السكرتارية الخاصة بها في عاصمتها نواكشوط. كما ان لنيجيريا اهمية كبيرة على الصعيد الاقليمي و الاقتصادي. و تتضمن زيارة ماكرون لموريتانيا شقا ثنائيا و أخر متعدد الأطراف لكونها تأتي تلبية لدعوة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز و كذلك الاتحاد الأفريقي حيث سيلتقي ماكرون القادة الأفارقة عقب القمة الأفريقيةْ المرتقبة في نواكشوط. و فور وصوله للعاصمة الموريتانية "نواكشوط" سيتوجه ايمانويل ماكرون إلى قصر المؤتمرات الجديد الذي سيفتتح بمناسبة انعقاد القمة الأفريقية ال31 و سيشارك في مأدبة غذاء مع القادة المشاركين في القمة التي ستبحث قضايا السلم و الأمن. و سيعرب ماكرون عن دعمه للاصلاحات المؤسسية و في الموازنة التي تجريها الرئاسة الرواندية للاتحاد الافريقي سيؤكد دعم فرنسا لافريقيا في مجال التعليم و المناخ. و من المقرر ان يتناول ماكرون مع قادة دول مجموعة الساحل الخمس -بحسب الرئاسة الفرنسية- عددا من الموضوعات لا سيما التقدم المحرز للقوة الأفريقية المشتركة على المستوى اللوجيستي و المالي و كذلك على الصعيد العملياتي حيث تنفذ حاليا عمليتها الرابعة فضلا عن بحث المبادرة الافريقيةً لضمان تمويل ذاتي لعمليات السلام الافريقية انطلاقا من رغبة هولاء القادة في تحمل مسؤولية أمنهم و هي مسألة بحثها ايمانويل ماكرون مؤخرا بباريس مع رئيس رواندا بول كاجامه الذي تتولى بلاده الرئاسة الدوريةً للاتحاد الافريقي. و فيما يتعلق بالشق الثنائي من الزيارة، سيلتقي ماكرون بالمسئولين الموريتانيين لبحث تعزير "العلاقات التاريخية و المكثفة و القائمة على الثقة" بين البلدين لا سيما في قضايا الأمن و الدفاع، بحسب الأليزيه الذي اشاد ايضا بالتعاون في مجال التعليم العالي من خلال كلية للهندسة في موريتانيا يتخرج منها افضل العناصر في افريقيا في المجال العلمي. كما تسعى فرنسا لزيادة مساعدتها الانمائية لموريتانيا في اطار " التخالف من اجل الساحل" لا سيما في المناطق الحدودية بين موريتانيا و مالي. و سيتطرق ماكرون، في اطار التعهدات التي قطعها في خطابه بجامعة واجادوجو حول سياسة فرنسا مع افريقيا، الى عدد من ملفات التعاون بينها الأمن و زيادة المساعدات الفرنسية في مجال الانماء لا سيما عبر دعم برامج "التحالف من اجل الساحل" الذي يعد مكملا لجهود لجهود مساندة مجموعة دول الساحل الخمس و ذلك بجانب تعزيز التعاون الثقافي. و في نيجيريا، سيجري ماكرون مباحثات سياسية مع الرئيس محمد بخاري بأبوجا لبحث القضايا الأمنية و الإقليمية و جهود مكافحة جماعة "بوكو حرام" الارهابية بالاضافة الى الاوضاع السياسية لا سيما في ظل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في البلاد العام المقبل. و سيتوجه ماكرون، في زيارة هي الاولى لرئيس فرنسي، الى لاجوس التي تعد المركز الاقتصادي و الثقافي لنيجيريا للقاء صغار رواد الاعمال في هذا البلد الذي يشهد نموا ملحوظا في اقتصاد القطاع الخاص، بحسب الرئاسة الفرنسية التي لفتت الى ان نيجيريا تتصدر بلدان افريقيا من حيث اجمالي الناتج الداخلي و عدد السكان و تمتلك اقتصادا نشطا جدا ، فضلا عن كونها ضمن القوى المؤثرة في عالم اليوم. و تكتسب مدينة لاجوس اهمية اقتصادية كبيرة في نظر فرنسا اذ تمثل وحدها %25 من اجمالي الناتج الداخلي لنيجيريا و هو ما يزيد عن اجمالي الناتج الداخلي لساحل العاج و السنغال و الكاميرون مجتمعين، و من بين اهداف زيارة الرئيس ماكرون لنيجيريا-بحسب الاليزيه- هو الرغبة في تغيير الرؤية المرتبطة بانعدام الامن و القرصنة في هذا البلد و إبراز فرص الاسثمار الكبيرة فيها و نشاط قطاعها الخاص. و سيشهد ماكرون-خلال الزيارة- افتتاح المنتدى الفرنسي النيجيري الاقتصادي الاول بمشاركة اكثر من 300 شركة لبحث افاق التعاون في مجال الزراعة و الطاقة المتجددة و المدن المستدامة و التكنولوجيا و الابتكار و كذلك اطلاق نادي للاعمال فرنسي نيجيري يضم 30 شركة نصفها فرنسية. كما سيشهد بالمدرسة الفرنسية بلاجوس تدشين مبادرة لاقامة مشروعات في مجال الرياضة و التنمية و ذلك بالتعاون مع الوكالة الفرنسيةْ للانماء و في اطار تعهدات ماكرون خلال زيارة رئيس ليبيريا جورج ويا الى باريس في فبراير الماضي. و على الصعيد الثقافي، سيفتتح الرئيس ماكرون في لاجوس ايضا فرعا جديدا لمنظمة الأليانس فرانسز" للترويج للثقافة و اللغة الفرنسيةْ و يلتقي مثقفين افارقة بارزين و يعلن عن تنطيم موسم الثقافات الافريقية في عام 2020. و من ناحية أخرى، تكتسب زيارة ماكرون لنيجيريا رمزية خاصة باعتبارها بلد أمضى فيه فترة التدريب الخاصة بدراسته في المدرسة الوطنية للادارة في أبوجا عام 2002. و يرافق الرئيس ماكرون-في جولته الافريقية- وزيرا الخارجية و الدفاع الفرنسيان جون ايف لودريان و فلورنس بارلي و سكرتيرة الدولة الفرنسية للاقتصاد و المالية ديلفين جيني-ستيفان و شخصيات و فنانون و مثقفون لها صلات بافريقيا.