تجاوز التقليد لدى الصين كل الحدود بحيث لم يعد مقتصرا على السلع والأجهزة وإنما امتد ليشمل أيضا الآثار العالمية. وهو ما تجسد فيما أقدمت عليه شركة صينية للانتاج السينمائى عندما قامت ببناء نسخة طبق الأصل من تمثال أبو الهول المصرى والذى يعد أحد أهم المعالم الأثرية فى مصر.نجحت فى بناء نموذج تقليدى لأبى الهول المصرى وبالحجم الطبيعى فى مدينة «شيجا تشوانج» بارتفاع عشرين مترا وطول بلغ نحو ستين مترا، وبداخله عبارة عن طابقين كمزار سياحى للسياح الصينيين.استاءت مصر من ذلك على أساس أن المحاولة ترمى إلى منافسة السياحة المصرية، فضلا عن أن الصين بهذه النسخة المقلدة قد أضرت بالتراث الثقافى المصرى الوطنى. ولهذا سارعت مصر وطالبت منظمة اليونسكو بالتدخل لتفكيك وهدم النسخة المقلدة على أساس أن النسخة الصينية من أبو الهول تعتبر إساءة لتراث مصر الثقافى. ولم تقتصر مصر على منظمة اليونسكو وإنما أجرت محاولات مع وزارة الخارجية الصينية على أساس أن قيام الصين بذلك هو محاولة لمنافسة السياحة المصرية بما يعد انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية لمصر. إنها الصين التى تتميز بحرفية التقليد، لتمتد حرفيتها هذه المرة لتمثال أبى الهول ليجرى بناؤه بالصلب والخرسانة ولتقوم بطلائه لتصنع نموذجا هو استنساخ للأثر الفرعونى المصرى الذى يجسده أبو الهول الذى يقع على هضبة الجيزة على الضفة الغربية من النيل ويعد حارسا للنهضة وهو أقدم المنحوتات الضخمة المعروفة. الجدير بالذكر أن هذه هى المرة الثانية التى تقوم فيها الصين بإنشاء هذه النسخة المقلدة من تمثال أبو الهول حيث إنها كانت قد قامت عام 2014 بإقامته فى شمال البلاد ثم قامت بهدمه منذ عامين بعد اعتراض مصر على عملية التقليد. بيد أن الصين يومها بررت ما قامت به من أن التمثال سيستخدم فى تصوير بعض المسلسلات التلفزيونية وسيتم تفكيكه بعد ذلك.وهو ما نفذته بالفعل عندما أزالت رأس التمثال منذ عامين. ولكنها أعادت الكرة من جديد الشهر الماضى عندما أعادت إنشاء نسخة أخرى منه وهو ما أثار غضب مصر من جديد على أساس أن أبو الهول من التراث المصرى. إذ يعتقد أن قدماء المصريين قاموا ببنائه فى عهد خفرع 2558 2532 قبل الميلاد. تباينت الآراء حول ما قامت به الصين، فعلى حين رأى البعض أن بناء الصين نموذجا للتمثال دون موافقة مصر يعد خروجا عن الأعراف والقوانين الدولية التى تحمى الملكية الفكرية لا سيما وأن الصين قامت بهذا العمل دون الحصول على موافقة مصر مسبقا. بل إن مصر قالت بأن النسخة رديئة ولم توافق عليها. بينما رأى آخرون ويتصدرهم عالم الآثار المصرى زاهى حواس سفير التراث العالمى فى الأممالمتحدة بأن أى محاولة للصين أو أى دولة لاستنساخ أثر مصرى لا مانع منها ما دام ذلك لا يتعارض مع قانون الآثار الذى تم إقراره 2010، والذى يسمح لأى فرد أن يستنسخ تمثالا أو أثرا شريطة ألا يكون طبق الأصل من الأثر الأصلى، وأن هذه التماثيل المستنسخة لا تؤثر إطلاقا على السياحة المصرية وإنما هى خطوة تكشف عن إعجاب العالم بروعة وجمال الآثار الفرعونية. بل ورأى أن من قام بالتقليد يستحق التحية. وهكذا يظل التباين كبيرا بين من يصنف ما فعلته الصين على أنه سطو ممنهج وبين من يرى أنه عمل يستحق التحية.