قبل أن يتلاشى صدى صوت الكلمات والشعارات الرنانة التى أطلقها الإخوانى رجب طيب أردوغان حول الخطر الداهم الذى يهدد القدس والأراضى المقدسة فى فلسطين، ويقترب من مكة حسب مزاعمه وادعاءاته، وقبل أن تجف دموعه الكاذبة التى تساقطت فوق منصات الدعاية الانتخابية المسرحية، كانت الأنباء تتطاير حول قرار «الأممالمتحدة» بفتح تحقيق عاجل حول فضيحة الوساطة التركية فى بيع معدات إلكترونية إسرائيلية إلى إيران، وطلبت المنظمة الدولية من إسرائيل التحقيق من جانبها بعد ما تبين أن المعدات التى باعتها أنقرة إلى طهران من إنتاج شركة إسرائيلية متخصصة فى صناعة مكثفات الطاقة. بدأت الخيوط الأولى للفضيحة فى يوليو 2017 عندما اعترضت السلطات الإماراتية سفينة متوجهة من تركيا إلى إيران وضبطت على متنها شحنة من المعدات الإلكترونية الإسرائيلية، بما فيها مكثفات تُستخدم فى المشروعات النووية الإيرانية التى تهدد الخليج والمنطقة العربية، والممنوع تسليمها إلى إيران بموجب قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2231. وذكر تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فى عددها الصادر بتاريخ الخميس 17 مايو 2018 أن الشركة الإسرائيلية باعت هذه المعدات بالفعل لشركة تركية، ونفت علمها بإعادة بيع الشحنة إلى إيران، وأكد بيان للشركة الإسرائيلية أنها ستتعاون مع أى تحقيق دولى فى هذا الشأن. حاول أردوغان وحزبه الإخوانى التغطية على الفضيحة الدولية بضجيج إعلامى من التصريحات التى يتظاهر فيها بعدائه لإسرائيل ودعمه لأبناء غزة والأراضى المقدسة، وجمع حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا حشودًا مسرحية بتاريخ الجمعة الثامن عشر من مايو 2018، ليستكمل بها مشاهد التباكى على غزة وضحايا المواجهات مع إسرائيل، ووقف أردوغان ليتحدث فى مشهد تمثيلى متكرر وقال: «القدس ليست مجرد مدينة، بل هى رمز، وامتحان، وقِبلة، فإذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى، لا يمكننا النظر بثقة إلى مستقبل قبلتنا الأخيرة مكة». أطلق أردوغان تصريحاته وهو يدرك ما يقول ويتعمد توجيه رسالة مسيئة إلى المملكة العربية السعودية مفادها أن مكةالمكرمة قد تواجه الخطر مستقبلا ولن تجد من يحميها، وجاءت تصريحاته المُسيئة بعد أن جددت إيران مطالبها بتدويل الحرمين الشريفين، ومطالبة طهران بزيادة حصتها فى الحج بمقدار 5 آلاف حاج، ليصل العدد الإجمالى من الحجاج الإيرانيين إلى 90 ألفا فى محاولة لافتعال أزمة جديدة. وانضمت قطر إلى الدعاوى الإيرانية بتدويل الإشراف على الحج والعمرة والأماكن المقدسة، وتقدمت بشكوى إلى الأممالمتحدة تتهم السعودية كذبًا وبهتانًا بوضع العراقيل أمام حجاج قطر واعتبرت المملكة العربية السعودية أن مثل هذه الدعاوى بمثابة إعلان حرب على المملكة. وتسببت تصريحات أردوغان فى حالة من الغضب بين أبناء المملكة العربية السعودية، وأطلقوا هاشتاج «#أردوغان_يُسىء_للسعودية» على موقع «تويتر»، وانضم إليهم الآلاف من دول الخليج والمنطقة العربية، الذين أجمعوا على أن أردوغان يحاول إثارة البلبلة وتلميع صورته على حساب تشويه الآخرين، داعين إلى قطع العلاقات مع تركيا. وشارك الأمير الشاب، سطام بن خالد آل سعود، بتغريدة قال فيها : «الرئيس أردوغان يُظهر مخاوفه على مكة بسبب القدس.. الحرمان الشريفان بأيدٍ أمينة يا فخامة الرئيس، وبلا مزايدات»، وقال الكاتب السعودى محمد الموسى: «آخر مستوى من البجاحة يصل إليه هذا الأحمق، حفيد قتلة خيرة رجال الجزيرة العربية الذين لم ينتهوا ولم يتراجعوا حتى صار الحرمان فى أمانهم بعد أمان الله، صديق العمائم السوداء، وحليف الصهاينة المُعلن.. ويأتى اليوم ليتحدث عن القدس!». وكتب الإعلامى السعودى، سلمان الدوسرى، تعليقًا قال فيه:»ما أسهل الشعارات.. وما أصعب خدمة الحرمين الشريفين.. للمقدسات رجالها». وكتب المحلل السياسى أمجد طه يقول: «.. من ضيّع الأمانة، ورضى بالخيانة، فقد تبرّأ من الديانة.. وأردوغان تركيا الخائن يكرهه الجميع». وكتب المستشار محمد نافع يقول: «أولًا يا أردوغان.. لست وصيًا على الحرمين الشريفين كى تقول إن لم نحم القبلة الأولى، لن نستطيع حماية القبلة الثانية..الحرمان الشريفان تحت حماية السعودية ولم يطلبوا منك حمايتها.. أما خطاباتك عن القدس هى كى تزيد شعبيتك التى خسرت الشىء الكثير بسبب ضعف اقتصادك». وطالب د.سعود صالح المصيبيح، أبناء المملكة بإلغاء رحلاتهم إلى تركيا وقال:»سبق أن حذّر الاستاذ سلمان الأنصارى من السفر إلى تركيا وقمت بتأييد كلامه وحاليًا بعد كلام أردوغان فإن على الوطنيين إلغاء سفرهم إلى تركيا وعدم التأثر بالدعاية وهناك بلدان علاقاتنا معها جيدة ويحبوننا ولا يضمرون الكراهية لنا ومناسبة للسياحة أفضل من تركيا». وأعادت حسابات وصفحات عربية على «الفيسبوك»، نشر صور وفيديوهات احتفال قنصلية إسرائيل فى اسطنبول الصاخب بالذكرى السبعين، لإعلان تأسيس إسرائيل والذى يعنى بالمسمى الصحيح الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية، وأشارت عشرات المنشورات على «الفيسبوك» إلى مشاركة مندوبين عن الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الإخوانى فى الحفل الذى اشتمل على أغان وعروض فنية، تصدرتها المطربة الإسرائيلية سبير سبان، التى غنت النشيدين الوطنيين الإسرائيلى والتركى، وخلفها على منصة الحفل كان العَلَمان التركى والإسرائيلى جنبًا إلى جنب!! لقد أصبحت ألاعيب أردوغان مكشوفة للجميع، ولا يصفق لها إلا قطعان الإرهابيين المنتفعين بالدعم التركى للتنظيمات الإرهابية.. ويا حمرة الخجل أين أنت؟!